صحاري أستراليا:

معظم قلب أستراليا صحراء جافة مستوية حارة، تحيط بها حلقة خضراء من الجبال التي ترتفع في كل مكان تقريباً حول ساحل القارة.

وجزء من تلك الصحراء رملي، وجزء منها صخري. وتقسم هذه الصحراء عدة أقسام "تلال" منخفضة قممها صخرية، ولكل قسم من تلك الأقسام اسم خاص على الخريطة؛ ففي الجنوب الغربي توجد الصحراء الفكتورية العظيمة.

وفي الشمال الغربي توجد الصحراء الرملية الكبرى. وقريباً من مركز هذه الجزيرة الهائلة توجد صحراوات "جبسن وأرنتا وسمبسن".

ولكن القلة من الناس التي قد سافرت عبر تلك الأراضي القاحلة تتفق على أنه من الصعب عادة أن نميز إحدى الصحراوات عن الأخرى.

إن موسم الأمطار في أستراليا يستمر من إبريل (نيسان) إلى أكتوبر (تشرين الأول). وطول تلك الفترة تفيض الأنهار إلى بعض تلك الصحاري من التلال الساحلية، فتتكون بحيرات ضحلة ملحة هنا وهناك.

أشجار الصمغ "اليوكالبتوس"

ولكن مجاري الأنهار جافة في العادة، ولا تعدو البحيرات كونها مستنقعات ملحية غالباً. وتنمو أشجار اليوكالبتوس أو أشجار الصمغ على جوانب الأنهار، وتنزع كل نسمة الشرائح السائبة من قلف الأشجار العالق بسيقانها وفروعها. وفوق مناطق شاسعة تنمو أعشاب صلبة شائكة ونباتات جلدية الأوراق، مكونة ما يطلق عليه الأستراليون والشجيرة ، وهي مقر الثعابين والحرازين، والقنغر آكل العشب، وحيوانات شبيهة بالقنغر ولكنها أصغر منه.

والصحاري المركزية في أستراليا اليوم أماكن خاوية. وتسير طرق السكك الحديدية والطرق الزراعية وطرق الطيران، حولها، لا عبرها. ولا يسكن في تلك الأراضي القاحلة سوى أهل أستراليا الأصليين ذوى البشرة الداكنة، وهم غير كثيرين.

سكان صحراء استراليا:

وهؤلاء الأهالي على درجة من البدائية كتلك التي عليها بشمن صحراء كلهاري في أفريقيا . وربما استطاع هؤلاء الناس أن يتقدموا نحو المدنية ، كما استطاع الناس في قارات أخرى من العالم ، لو أن أستراليا امتلكت نباتات محلية للحبوب وهذه يمكن زرعها ، وحيوانات محلية وهذه يمكن تربيتها . ولكن أهالى أستراليا الأصليين يعيشون اليوم كما كان يعيش الناس في العصر الحجري .

وهم يكادون لا يلبسون ثياباً، ويزينون أجسامهم بندب وعلامات الوشم . وليست لهم منازل مستديمة ، وإن كانوا يبنون أحياناً مساكن مؤقتة من العشب أو قشور الشجر أو الأغصان ، حين ينتقلون من مكان إلى مكان . وهم يعيشون على حيوانات الصيد والنباتات البرية . وهم مهرة في العثور على الماء حيث يبدو أن المكان خال منه. وحيوانهم المستأنس الوحيد هو الكلب الذي يطلق عليه الأستراليون "دنجو".

وعلى المرأة من أهل البلاد أن تجمع الصالح للأكل من الجذور والبذور والثمار ، فتحملها في قصعة قطعت من خشب الصمغ .

صيد الكنغر في استراليا:

وعلى الرجل أن يصطاد الحيوانات ، وهو عجيب في قدرته على الصيد، بالرغم من أن سلاحه الوحيد هو رمح "طرفة" من الحجر. وهو يستطيع صيد الأسماك والحرازين بيديه العاريتين.

وهو يقتفي أثر القنغر جارياً عبر الصحراء المكشوفة في تعب قليل، فتراه وقد فترت حركته ثم تراه يجري بعد ذلك، إلى أن يصير في نهاية الأمر على مقربة كافية تسمح له بأن يقذف برمحه ليصيب القنغر. ولقد قام المكتشفون البيض الأول لصحراوات أستراليا برحلاتهم الخطرة في العقد الثامن من القرن التاسع عشر . فقد كانوا يبحثون عن أراض جديدة يمكن أن تغزوها الصناعة الرئيسية في القارة ، وهي رعي الماشية والضأن.

النفط والذهب في صحراء استراليا:

وعلموا أنه لم يكن من السهل حتى سوق الماشية عبر تلك المساحات القاحلة من شاطئ إلى الشاطئ الآخر. ولكن العلماء الآن يعملون طريقهم ببطء إلى داخل الصحراوات بحثاً عن نوع من الثروة وجد فعلا على حوافي الصحاري، ونعني به النفط والذهب والفضة والنحاس والقصدير والرصاص والحديد والتنجستن واليورانيوم.

فإذا وجدت ثروات منها تحت أرض الصحراء المركزية الأسترالية، فيكاد يكون من المؤكد أن مدناً ستبزغ هناك. وقد يعثر على الماء أيضا تحت تلك الأرض الجافة لترود به المحلات الجديدة. وإذا ثبت عدم جدوى عمليات حفر الآبار العميقة، فقد يستحضر الماء إلى أقاليم الصحراء بوسائل أخرى . وإحدى المدن الجديدة نوعاً، وقد تمت قرب رصيد غنى من حديد الصحراء، تحصل على الماء عن طريق أنبوبة طولها يزيد عن 300 كيلومترا (۲۲۳ ميلا).

ومع ذلك فقد تجلب الصناعة الحديثة حياة جديدة إلى الصحاري الأسترالية العتيقة التي ظلت للآن بدون تغيير لعدة ألوف من السنوات.