أهم الثمار والفواكه التي تنتجها الصحراء:

منذ وقت طويل قبل أن يتخذ رينيه كانيه طريقه إلى تمبوكتو، كانت الصحراء الكبرى تنتج محصولات هائلة من «البلح الحلو البني» الذي كان الناس يطلقون عليه خير فواكه الصحراء. ولقد ازدهر نخيل البلح في صحارى بلاد العرب القديمة ، بلاد بابل و «مصر». والنخلة شجرة طويلة تتوجها أوراق خضراء ساطعة يسمع لها حفيف إذا هزها الرياح.

وتلك الشجرة ما زالت إلى اليوم أعظم مصدر للغذاء والثروة في كثير من المناطق الصحراوية في شمالي أفريقية وجنوب غربي آسيا. ولقد صارت محصولا" هاما في الصحراء الأمريكية أيضاً وتنمو ثمار نخلة «البلح»، على حوامل كالخيوط، تتجمع في مجموعات من طرف شمروخ «سباطة» ، واحدة، وكل مجموعة أكبر من رأس رجل، وتحتوي على ثمار يصل عددها إلى الألف.

ويمكن أكل والبلح، طازجاً أو بعد أن يجف ويترك لمدة طويلة.

وتحتوي التمرة على أكثر من نصفها من السكر، وهي غنية بالدهن والبروتين لدرجة أن حفنة صغيرة من الثمار، أو عجينة من البلح المضغوط ( عجوة ) تشكل وجبة مرضية . ويمكن صنع شراب بشبه القهوة من نوى التمر المحمص المسحوق.

نخل البلح أهم ثمار الصحراء:

ولكن لنخلة البلح فوائد أكثر من إنتاج الطعام. فقد تضفر من أوراقها سلال وحصر ( أبراش) ، أو تستعمل في تغطية السقوف . وعند ما تموت الشجرة ، يؤخذ جذعها الذي يصل ارتفاعه إلى ۲۰ متراً (۸۰ قدماً) خشبة للتجارة والوقود. وطالما كانت النخلة حية ، فإنها مصدر للظل الرحيب حيث يندر الظل . وتزرع أحياناً في ظلال النخيل أشجار فاكهة أخرى، مثل البرتقال والليمون و الأضاليا ، والليمون المالح ، وهذه بدورها تصنع تحتها أماكن ظليلة للخضراوات والأزهار.

ولا يستطيع نخيل البلح النمو بنجاح إلا في جو تام الحفاف في أثناء الصيف وأشهر الخريف . وإذا كانت هناك رطوبة بسيطة في الهواء في أثناء تلك الفترة حيث تنضج الثمار ، فقد يتلف المحصول . ولكن جذور نخلة التمر تحتاج إلى مقدار كبير من الماء، لأن الأشجار لا تجيد ادخار الماء.

وقد يخرج من النخلة الواحدة مقدار من الماء قد يصل إلى ۲۸ه لتراً (500 كوارت) في اليوم عن طريق أوراقها الخضراء العريضة . فتموت النخلة إن لم تحصل عن طريق جذورها على كميات كبيرة من الماء بانتظام. ويقول العرب إن النخلة يجب أن يكون رأسها في الشمس وأقدامها في الماء التنمو وتحمل ثماراً.

وهذان الشيئان ـ الهواء الجاف والأرض الرطبة - يوجدان طبيعيا في مناطق صحراوية معينة . في واحات الصحراء الكبرى، مثلا ، وفي الواحات المماثلة في آسيا ، الجو حار في أثناء الصيف والخريف . ويوجد مصدر جيد للماء تحت سطح التربة الصحراوية مباشرة . وذلك هو السبب في ازدهار نخيل البلح في تلك الواحات.

نخل البلح مصدر دخل لسكان الواحات:

مئات الألوف من أشجار النخيل التي تنمو في بعض الواحات الكبيرة مصدر كبير للدخل لسكان الواحة. فإن ستين شجرة تعول أسرة.

وغابات النخيل الصغيرة الطبيعية التي في الصحاري قيمة لدرجة أن الأجانب يشترونها باعتبارها استاراً صالحاً.

وفي سنة ۱۸۹۰ استوردت مصلحة الزراعة بالولايات المتحدة الأمريكية بعض نخيل البلح إلى الولايات المتحدة الأمريكية وعرفت المزارعين الأمريكيين بالثقافة البلحية . وبعد خمسين سنة صارت الوديان الصحراوية في كاليفورنيا وأريزونا تنتج حوالي تسعة مليونات من الكيلو جرامات ( ۲۰ مليوناً من الأرطال ) من البلح كل خريف . تلك الوديان الصحراوية كان صيفها وخريفها كثيري الجفاف ، مما يناسب نخيل البلح.

ولكن لم يكن في تلك الوديان جميعاً الماء الكافي القريب من سطح الأرض. إنما استطاعت الأشجار الجديدة أن تنمو هناك لأن الآلات الحديثة والطرق الحديثة بسرت تزويد الأشجار بالكميات الضرورية من المياه . في وادي كوتشيلا في كليفورنيا، تتغذى الغويبات الطبيعية بالماء من آبار عميقة تعمل فيها الآلات، ومن فرع من قناة اول أمير كن كانل ، التي تنقل الماء من نهر كلورادو مسافة ۲۰۹ كيلومترات (۱۳۰ ميلا). والآلات الحديثة تساعد زارعي البلح في نواح أخرى.

فعندما تكون الثمار في مرحلة التكوين ، تمر الجرارات (سواحب) داخل غابات النخيل ، وتجر أبراجاً معدنية مرتفعة من شجرة إلى أخرى. فتغطى العمال الواقفون على تلك الأبراج كل مجموعة «سباطة ، من الثمار بكيس من الورق أو قمع لحمايتها في فترة النضج. وفيما بعد ترفع الأبراج ذاتها التي تجرها الجرارات ( سواحب ) الرجال إلى الأشجار ثانية ليجنوا المحصول.

محاصيل صحراوية أخرى:

ومشروعات الري الواسعة النطاق - كتلك التي تساعد على إنتاج محصول أمريكا من البلح، تساعد أيضاً على إنتاج محصولات أخرى كثيرة في مناطق كانت صحراوية. ومن تلك المحصولات الجرينيفرت والبرتقال والشهد والعنب والكشك ألماظ والقرع والطماطم (البندورة ) والخس والقطن. وينمو برسيم الألفالفا بسرعة تحت أشعة الشمس الحارة في بعض المناطق الصحراوية المروية، لدرجة أنه يمكن أن يحش ثماني أو عشر مرات في السنة، ويعطى محصولا مقداره طن للآكر" في كل حشة.

ولا يزال البلح إحدى الثمار الصحراوية الأعظم قيمة. ولكن صحارى العالم التي روئيت مؤخراً يمكنها اليوم أن تعطي ثماراً من أنواع كثيرة و بكميات وفيرة.