صحراء كلهاري في الجنوب الغربي الأفريقي

حُدود ثاني صحراوات أفريقيا، ونعني بها صحراء كلهاري في الجنوب الغربي، مبهمة.

والسبب في هذا هو أن أطرافها ليست في جفاف الجزء المركزي منها. والناس يختلفون بالنسبة لتحديد المكان الذي تبدأ عنده الصحراء الحقة.

فمنهم من يقول إن مساحتها أكثر قليلا من نصف مليون كيلو متر مربع (۲۰۰۰۰۰ ميل مربع)، ومنهم من يقول إن مساحتها ضعفا هذا التقدير، وصحراء كلهاري تقع على هضبة مرتفعة، تخترقها مجاري هر جاف، وتبرقشها تلال منخفضة. وفي الصحراء عدد من المنخفضات الضحلة يطلق عليها القدور، ومنها اشتق اسم كلهاري، أي قدور الملح باللغة المحلية، ذلك لأن قليلا من الماء يتجمع في هذه القدور عندما تنزل أمطار الصحراء الشحيحة في فصل الصيف هناك، الذي يبدأ في أكتوبر (تشرين أول).

بعدئذ تخضر الشجيرات الجافة، وتنبت الأعشاب. وتقبل قطعان الحيوانات التي تتغذى على المراعي إلى الكلهاري من الأراضي الأكثر خضرة نحو الشمال.

حيوانات الكلهاري:

هناك ألوف منها، فهناك غزال أفريقيا الجنوبية ومختلف أنواع عائلة الظباء، بما فيها الظبى الأفريقي البني اللون والظبى الضئيل الحجم، والظى الأفريقي السريع وقرناه يشبهان و السيرة، والظى الشبيه بالثور، والظى الأفريقي قصير العرف طويل الذيل ذو القرنين المقوسين إلى أسفل . وتتبعها أعداؤها آكلة اللحوم: الأسود والنور والكلاب الوحشية والضباع. وعند ما تكون الكلماري خضراء تعتبر منطقة من المناطق المفضلة جدا في العالم للصيد.

ولكن عندما يقترب الشتاء تجف قدور الملح وتنقشع النباتات الخضراء. بعدئذ تعود الحيوانات آكلة العشب نحو الشمال، وتتبعها آكلات اللحوم. وبعدئذ أيضاً تصير الكلهاري مساحة جدباء جدا ، لا تجد هناك سوى تربة رملية حمراء ، حملتها الرياح وكونت منها كثبانا زائغة هنا وهناك. والجفاف المتناهي الصحراء كلهارى - وبخاصة في أثناء الشتاء – مما هم العلماء، لأنهم يطلقون على الكلهاري, الصحراء الصبية..

وبهذا يعنون أن مجارى نهرها الحاف كانت منذ مئات قليلة من السنوات فقط تزخر بالمياه الحيوية . واليوم تجد تلك المجاري جافة، حتى في أثناء فصل الأمطار. ويقول العلماء إن هذه الصحراء آخذة في الحفاف يوماً بعد يوم.

ولقد كانت من قبل جافة جدًا في سنة 1849 عندما اخترقها لأول مرة أون هو الدكتور ديفد لفنجستن. فلقد قيل لذلك الإرسالي الأسكتلندي والمكتشف أن حفر الماء في تلك الصحراء كانت أحياناً على أبعاد تصل إلى 160 كيلو مترا ( ۱۰۰ ميل) . وذلك هو السبب في أنه سعي في عربات تجرها الثيران ، تحمل مؤونة كبيرة من الماء.

ولكن الصحراء أثبتت أنها أكثر جفافاً بكثير مما ظن . لقد كانت من الجفاف بحيث ماتت ثيرانه من العطش بعده وقت غير طويل من بداية الرحلة . فكان على الدكتور لفنجستن أن يكمل رحلته المملوءة بالمخاطر سائراً على قدميه عبر كثير من أجزاء الصحراء.

خطورة التوغل في صحراء الكلهاري:

واليوم (وقت كتابة الكتاب المصدر في العقد السادس) يكاد لا يخاطر رجل أبيض بالتوغل في الكلهاري سوى الضباط البريطانيين في إمرة سلاح البوليس الصحراوي المحلي. ويعمل هؤلاء الرجال الصالح حكومة بتشونلاند، وهي محمية بريطانية تشتمل على معظم الكلهاري. وليست حياتهم باليسيرة. وهم يعيشون في معظم الأحوال على الحيوانات التي يصطادوها. ويستطيعون الوصول إلى أنحاء أراضيهم الشاسعة بسبيل واحد هو ركوب الجمال واستخدام الجمال حيوانات لحمل مئونهم من الماء. وإذا اقتربوا من مجموعة من أهالي الصحراء البدائيين فقد يجدون أنفسهم وقد انهمرت عليهم السهام المسممة. ولكن إذا اقتربوا منهم وصاحوا صيحة صداقة، ففي الغالب يرحب بهم الأهلون.

سكان صحراء الكلهاري:

وفي الكلهاري يسكن حوالي ثلاثة ملايين من الأهلين. ومنهم الزراع، ومنهم الرُحّل الذي يسافرون مع قطعانهم بحثاً عن المرعى. ومنهم القوم البدائيون جداً، الذين لا يمتلكون حيوانات على الإطلاق إلا كلابا للصيد قاسية، والذين يعيشون على الصيد كلية.

 

يتعلق بهذا أيضاً: قبائل البوشمن سُكان صحراء الكلهاري