تُرى المواشي في كثير من صحاري العالم، ولكن أشهر رعاة الأبقار في كل الصحاري هم أولئك الذين يعيشون ويعملون في صحراء أمريكا الجنوبية الغربية.

فإن الكسى الجلدية التي يلبسونها والقبعات عريضة الحواف والأحذية عالية الأعقاب، كل هذه مشهورة حتى في بلدان بعيدة.

ملابس رعاة البقر:

ولا يلبس راعي البقر لأغراض استعراضية. إنما هو يختار ملابسه. شأنه في ذلك شأن كل سكان الصحاري، بحيث تناسب ظروف الصحراء.

ويلبس راعي البقر الكسي الجلدية لأنها تحميه إذ أنه يركب الخيل في مناطق صحراوية كثيرة الشوك. وقبعته عريضة الحافة تظلله من شمس الصحراء، وحذاؤه عالي العقب يمكنه من إبقاء قدمه داخل الركاب عندما يمتطى الخيل لمسافات شاسعة طول النهار.

وزي راعي البقر يكاد يكون قديماً قدم تربية المواشي في الجنوبي الغربي من الولايات المتحدة الأمريكية. ولقد بدأت منذ أكثر من 400 سنة خلت عند ما أحضرت الإرساليات الإسبانية أول قطعان من الأبقار إلى ولاية أريزونا. وظلت الحيوانات قيمة وبخاصة من أجل جلودها، التي كانت تدبغ لصناعة الجلد المدبوغ. وهي اليوم قيمة وبخاصة باعتبارها مصدراً للحم.

ورعي الماشية الصحراوية الآن أكثر أماناً عما كان عليه في الأيام القديمة عندما كانت في ذلك الجزء من البلاد أسوار قليلة وقوانين قليلة.

وأحيانا كانت المعارك بالبنادق بين رعاة البقر وبين لصوص المواشي تتطور إلى ثار يستمر لمدة سنوات.

ولقد قتل تسعة عشر رجلا في معركة تيوكنسبري جراهتم الشهيرة، التي بدأت حسبما يقول الناس بسبب ماشية مسروقة . ولقد اشتهر وايت يرب، الذي صار من أكبر قواد الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب دوره في معركة ثأر طويلة أخرى خلال أيام الغرب الوحشي القديمة.

واليوم تحتجز المواشي داخل أسوار، وتنفذ القوانين بالقوة، ويظهر لصوص المواشي النهبون في السينما أكثر مما يظهرون في الحياة الحقيقية.

ولم بعد برعاة الأبقار حاجة إلى حماية أنفسهم بحمل البنادق. وإذا حملوا البنادق اليوم، فإنما يفعلون ذلك لحماية قطعانهم من الفهود وأسود الحبال التي تظهر أحياناً في ذلك الجزء من البلاد.

مَزارع المواشي الصحراوية:

ولكن مزارع المواشي الصحراوية لم تتغير كثيراً جداً. وهي لا تشبه مزارع المواشي في الأجزاء الأقل جفافاً من البلاد، حيث تستطيع المواشي الكثيرة أن تتغذى في مرعي أخضر نضير.

أمَّا في البلاد الصحراوية فعلى الحيوانات أن تَرعى في منطقة واسعة، باحثة عن نباتات الصحراء القليلة الصالحة للأكل. فإذا تغذت الحيوانات على مرعى سنوات متتالية، بحيث صارت نباتات الصحراء القليلة بطبيعتها في أقل صورها، فإن عشرين أكرا (فدان) قد تزود حيواناً واحداً فقط بالغذاء الكافي.

وذلك هو السبب في أن مزارع المواشي في الجنوب الغربي من الولايات المتحدة الأمريكية كبيرة الاتساع جدًا في العادة. وذلك هو السبب في أن على رعاة البقر أن يركبوا الخيل عدة كيلومترات (أميال) في اليوم، ليراجعوا قطيعهم وليتأكدوا من أن الصهاريج التي تزود بالماء لا تخلو منه ألبته. وقد يخترق طريق رئيسي مزرعة صحراوية كبيرة. ويندُر أن يلاحظ الغُرباء في الطريق أيَّة بقرة على طول الطريق، بل وقد لا يخمنون أنهم يمرون على مزرعة.

وراعي البقر الذي يتعهد القطيع قد لا يقترب من الطريق أياماً مُتصلة. والواقع أنه قد لا يرى إنساناً آخر لمدة أسابيع، ما لم يصادف راعياً يقود قطيعاً من الكباش من المراعي الشتوية المنخفضة إلى المراعي الصيفية المرتفعة.

وذلك هو السبب في أن عمل رعاة البقر اليوم لا يزال انفرادياً وفظاً وشاقًا. ولا عجب أن يظل راعي البقر الأمريكي أحد الأبطال العالميين المفضلين..