هيفاء بيطار

ليس الرجال وحدهم من تخصصوا في الطب كدراسة وابدعوا في الأدر كعبقرية بل حتى النساء كذلك ، فمثالنا الآن هـي الدكتور السورية المبدعة هيفاء بيطار ، آخر ما قرأت لها كان مجموعتها القصصية ( موت البجعة ) التي أجادت في سـرديتها لهـا أيمـا إبـداع ، فكانت متألقة - كعادتها – تغني حداء رائعاً في سرب الرواية العربية . 

الدكتور هيفاء تقدر مهنة الكتابة وتعطيها حقها من الرويـة والدقة مما أكسبها احترام القراء العرب في كل مكان ، لقد نالت إعجاب المبدعين واحترام القراء فقد افتتنوا بأسلوبها الساحر وموهبتها المدهشة وقدرتها العجيبـة علـى رسـم الكلمـات وتفننهـا الروائـي في العـرض والسـرد فالدكتور بيطار معجونة بالإبداع الروائي لدرجة أنها تستيقظ فجأة من نومها ولا يستقر حالها وقلقها إلا بعد أن تمسك يراعها وتشرع في كتابتها لساعات وساعات ، إنها مغموسة بهم الإبداع ، فهي تعيش الكتابة معايشة جياشة وحميمة .

لقد تلمذت نفسها على روايات نجيب محفوظ ، فهي مفتتنـة به إلى حد الجنون ، سافرت إليه ذات مرة من اللاذقية إلى القاهرة ، ولم تستطع أن تجتمع به إلا لدقائق محدودة ، وعندما تحدثت عن هذه الدقائق تحدثت في صفحات وبأسلوب عميـق يلهمنـا عـن مـدى افتتانهـا وجنونهـا بهذه القامة الأدبيـة الرفيعـة ، فتقـول عـن هـذه الزيارة : لـو سـئلتني عـن أروع لحظة أحسستها في حياتي ، لقلت تلك الدقائق المعدودة التي جمعتني بالكاتب الكبير نجيب محفوظ ، لقد أضاء كياني كله حتى أحسست أن تلك اللحظات ستترك أثراً بليغاً في نفسي ولن أنساها ما حييت ، وسأحفظها في ذكراي في أقدس مكان ، في ذلك المكان الذي يخبئ الإنسـان جـواهـره الثمينة . 

ولما كان أهل الإبداع أدرى بالإبداع فسأختم حديثي عن إبداع بيطار بكلام للمبدع الروائي المعروف جمال الغيطاني عن أدب هيفاء بيطار : أدبها عذب معذب ، ينفذ برهافة إلى صميم الحياة العربية والإنسانية ، فالدكتورة هيفاء تعبر عن معاناة الأنثى العربيـة بصـدق نـادر وأداء جميل ، فكتابتها كتابة ذكية لاقطة لأدق الخلجات التي يصعب على كل أداة الإمساك بها . ولا أظن أنني قرأت أعمالاً لأديبة تصور بجرأة وصدق دخائل الأنثى العربية كما قرأت في أدب هيفاء بيطار ، ذلك الصوت الروائي القوي الذي ينبعث مـن اللاذقيـة ليبلـغ شتى الأفـاق وليلمس الإنسان في كـل زمـان ومكـان لصدقه وجرأته وجماله .