الحياة كلعبة حظ

جميعا نحتاج إلى هدف كبير يمثل تحدياً، من أجل أن يمدنا بمعني وبغاية لحياتنا. انه يمنحنا شيئا نعيش من أجله، ونعمل على السعي إليه والتطلع له.

إن الهدف هو النقطة التي نصوب إليها سهامنا. إذا لم يكن لدينا نقطة نصوب عليها، فكيف لا تطيش سهامنا؟ وإذا لم نحرز أي نقاط في تصويبنا، بأي معيار نقيس مقدار تقدمنا؟ وإذا لم نستطيع قياس مقدار تقدمنا، كيف نشعر بالبهجة والحماسة إزاء أي ناحية من نواحي حياتنا؟ لابد لنا أن نكتشف طريقة لإحراز بعض النقاط ومراكمتها إلى بعضها البعض.

الحياة تشبه لعبة من ألعاب الحظ. تتعلق قدراتنا على المضي في اللعبة مباشرة بعدد ما أحرزنا من أهداف، فإذا لم تحرز إلا ثلاثة أهداف، وكل الآخرين من حولنا أحرزوا مائه هدف، فلتخمن من منكم لديه القدرة على الاستمرار والمجازفة؟ فالعالم يقابل الحركة بالمكافأة والحركة تتطلب المجازفة. لابد أن يكون لدينا ما يكفي من تقديراتنا لأنفسنا، أي من النقاط التي أحرزناها-حتى نخترق حدود نطاق الأمان الخاص بنا.

 

إن عالمنا هو العالم الذي

لا يعرف الناس ما يريدون،

ولكنهم مستعدون

لخوض غمار الجحيم

للتوصل اليه.

دون ماركيز

صحفي وفكاهي أمريكي

(1878-1937)

 

هل لاحظت من قبل أننا أمة المشجعين والجمهور المتحمس؟ لكننا دائما ما نشجع ونهتف لشخص آخرّ! فنحن لا نولي عناية كافية لإحراز أهداف خاصة بنا. لا نضيف إلى نقاطنا بشكل مقصود.

لتأخذ لعبة الهوكي مثلا. يوجد خمسة لاعبين في كل فرق ينزلقون هنا وهناك على شفرات ضيقة من الصلب، وكل منهم يحمل عصا خشبية طويلة يستخدمها في ضرب مناوئيه، غالبا على أم رءوسهم. جميع اللاعبين تمت تغطيتهم من قمة الرأس حتى أخمص القدمين ببطانة ثقيلة، بحيث لا يمكن لاحد أن يتعرف عليهم ولا حتى أمهاتهم، ويبدو أن الهدف في طرح جميع لاعبي الفريق الآخر، ثم الاستعانة بكل وسيلة ممكنة على القرص المطاطي المستخدم في هذه اللعبة بحيث يدخل إلى شبكة الفريق وكل شبكة يحرسها شخص معه عصا أكبر بكثير ويرتدي قناعا مطليا بحيث يخيف أي متطفل غير مرغوب.

وبين الحين والأخر ينجح أحدهم في إحراز هدف شبكة الخصم، وعلى الفور يجن جميعنا في الحشد نصرخ ونصيح ونصفر! لكن مع ذلك الرداء المحكم الغطاء الذي يرتديه كل لاعب ما من أحد بيننا يمكنه أن يعرف من الذي أحرز الهدف!

ومن هذه الأثناء يقوم لاعبي الفريق الموفق بالدوران حول بعضهم البعض والتربيت على ظهور بعضهم البعض ويقضون عدة دقائق في الاستمتاع بمنجزهم الخرافي.

وفي نهاية المباراة، ينطلق لاعبو الفريقين على جناح السرعة في سيارتهم الفارهة للاحتفال حتى الساعات الأولي من الصباح، ولكن ما الذي يحدث لنا نحن المساكين في الحشد المتزاحم، الذين دفعوا مالاَ في الحقيقة ليأتوا ويروا هؤلاء الأشخاص يلعبون؟ نتدافع بالمرافق لنشق طريقنا نحو السلالم، ونحاول أن نجد سياراتنا في بحر متلاطم من العربات، على أمل أن يبدأوا في التحرك، ثم نضي الساعة التالية أو نحو ذلك في محاولة الخروج من مرآب السيارات. يالها من وسيلة رائعة لإنفاق الوقت!

لابد لنا نتساءل: هل وضعنا أولوياتنا بشكل صحيح؟ نحن بحاجة لأن نبدأ في إحراز بعض النقاط الخاصة بنا وأن نقضي وقتا أقل في الهتاف والتشجيع لصالح الآخرين الذين يصيرون من الأثرياء على حسابنا، والآن هو أفضل وقت لأن نبدأ!

 

بمجرد أن يتوصل عقل

الإنسان إلى فكرة جديدة،

فإنه لا يعود مطلقا

إلى بعده القديم الأصلي.

 

أوليفر ونديل هولمز

كاتب أمريكي

(1894.1809)

 

أشعل حماسك!

تيري فوكس

ولد "تيري فوكس" في عام 1958في نيوو ويستمنيستر، بكولومبيا البريطانية، في كندا، وقد أظهر خلال المرحلة الثانوية قدرات رياضية فائقة في مجموعة متنوعة من الرياضات، في عام1977وحين كان عمره19عاما حلت به مأساة. أصيب بالسرطان، وبسببه بترت ساقة اليمني من اعلي الركبة مباشرة، ومع الوقت تعلم أن يمشي بل وأن يهرول بطرف صناعي (بجهاز تعويضي).

بعدها تقريبا بثلاث سنوات، وردت ل "تيري" فكرة سلبت ليه. لقد أراد أن يجرى من الساحل إلى الساحل عبر كندا وذلك من أجل أن يجمع 25مليون دولار تخصص لأبحاث السرطان، بقيمة دولار واحد من كل مواطن كندى، وعلى الرغم محاولات كثيرة من أصدقائه لإحباط نيته، فإنه لم يتزعزع تصميم "تيري" كان هذا هو حلمه الكبير وهاجسه الرائع. وبعد تدريب واسع المجال. انطلق من كيب سير، في ينوفاوندلاند بتاريخ 12 أبريل 1980، وعلى مدى الشهور الخمسة التالية، كان ماراثون الأمل "الخاص ب " تيري" قد استولي علي خيال البلد بكاملها. لكن لم يقدر للأمر الاكتمال فبعد أن جري مسافة 3,331ميلا بمتوسط حوالي 24ميلا يوميا، اضطر للتوقف نتيجة لقصور التنفس، وقد اكتشف عندئذ أن السرطان قد امتد إلى رئتيه، لقد قطع ما يزيد قليلا عن نصف الطريق، عبر كندا وذلك بعد أن وصل إلى ثاندر باى، أو أونتاريو، ولكن هل ذهب حلمه أدراج الرياح؟

كلا، ففي غصون الأسابيع الثلاثة لتوقفه عن محاولته لقطع البلد كله، كان مواطنو كندا قد تأثروا بشجاعته وتصمميه وقاموا بجمع 25مليون دولار للسبب الذي سعى وراءه، فعلى الرغم من أن "تيري" قضى نحبه بسرعة بعدها بعشرة شهور، لكن حلمه واصل حياته حتى يومنا هذا، ففي كل عام، يقام سباق "تيري" فوكس في عدة مدن حول العالم بمعني الكلمة، ويتم جمع ما يزيد كثيرا عن مبلغ 250مليون دولار لأبحاث السرطان.

إنك تضفى اختلافاً عن طريق منحك شيئاً من ذاتك لصالح الآخرين، لقد أضاف "تيري فوكس" اختلافا، لقد جرؤ على أن يحلم أحلاما كبرى، وبالتالي اشتعل بالحماس!

تكون الحياة إما

مغامرة جسورة أو أن

تكون لا شيء

 

هيلين كيلر

 

كاتبة ومحاضرة أمريكية

(1968.1880)