إنه-خيالنا!

تكمن قوتنا الوحيدة الحقيقة في قدرتنا على اختيار أفكارنا، والخيال هو الأداة التي تتيح لنا أن نتحرر من رباط العالم المدرك بالحواس، فمن طريق أفكارنا وحسب، ومن خلال الصور التي نشكلها في أذهاننا يكون لها أي معنى. ليس في العالم أي أثر للغضب، أو الخوف، أو الضغوط، أو خيبة الأمل. هناك فقط أفكار تتسم بالغضب، أو الخوف، أو الضغط. والأمر هكذا-إننا نسيطر على الصور التي نضعها في أذهاننا، وبهذا نصنع العالم كما نعرفه ونتقبله، وكما قال" أناطول فرانس" ذات مرة: "الخيال أكثر أهمية من المعرفة".

إن مقدراتنا على استعمال مخيلتنا العقلية قد تطورت على مدار الزمن حتى النقطة التي نستطيع عندها أن نشكل صوراَ في عقولنا في تنوع كامل مع العالم المحيط بنا. دعنا نر مدى سهولة وضع الصور في عقولنا، لتفتح عينيك أو تغلقها.

تخيل! أيمكنك أن تتخيل نفسك-تقف قبالة تمثال الحرية بجزيرة ستاتن، متطلعا لأعلى نحو السيدة العجوز الضخمة التي تمسك بمشعل الحرية وهي تبدو مرتفعة، ومتكبرة للغاية؟

تخيل! أيمكنك أن تتخيل نفسك تقود سيارتك عبر الجسر الجميل في سان فرانسيسكو، والمسمى بالجلودن جات بريدج، في سيارة حمراء مكشوفة السقف، وشعرك يتطاير مع هواء الصيف الدافئ؟

تخيل! أيمكنك أن تتخيل نفسك في قارب بخليج مونتيجو بدولة جامايكا، تتزلج عبر المياه بزبدها الأخضر، وبسرعة 14عقدة، والأشرعة البيضاء ترفرف، وتعلو في رياح المحيط القوية؟

والآن أريد منك أن تتحلى بكل المتعة، والإثارة الناجمة عما قمت به في خيالك، لأنك قد قمت تواً بسلسلة من المغامرات الرائعة، لقد أوجد صوراً في ذهنك لأمور لم ترها مطلقاَ أو لم تقم بها أبداَ من قبل لكنك كنت هناك! لقد أعطيت لتك الصور لونا وصوتا، لقد أعطيتها معنى... في الحقيقية،

لقد منحت الصور-حياتها!

 

لا بد أن يصل طموح الإنسان

إلى ما هو أبعد من

 متناول يده،

وإلا فلماذا رصعت السماء بالنجوم؟

روبرت براوننج

شاعر إنجليزي

(1812-1889)

 

 

والآن، هل تستطيع أن تدرك أنك إذا غيرت الصور التي تضعها في ذهنك فإنك تغير الطريق التي ينتظر بها العالم الك؟

لنستعرض هذا الأمر تخيل نفسك:

  • تقدم عرض مبيعات رائعا لعميل جديد. ثم أغلق ملف العملية، وبداخله العقد موقع منه بالموافقة في أمان ما شعورك؟
  • تقدم أداء فائقا أثناء الجواب عن سلسة من الأسئلة في مقابلة عمل من أجل وظيفة جديدة، وجميع الممتحنين يهزون رؤوسهم بالقبول والموافقة على إجاباتك ما شعورك؟
  • إلقاء خطاب تحفيزي وحماسي على ثلاثمائة من محترفي المبيعات. وينهضون جميعا في الوقت نفسه معا ليعربوا عن استحسانهم لك وهم وقوف. ما شعورك؟

تمكن الحيلة في الاحتفاظ بعقلك بوضوح بالمحصلة المرغوبة التي تريدها. سوف يتأكد عقلك من أنك تتصرف، وتؤدي على النحو الذي يجعل من هذه الصورة واقعا حقيقا.

وكما تري فنحن تقوم بمهمة المخرج، والمنتج، وكاتب النص، والمثل الرئيسي في العرض المسرحي الخاص بحياتنا، وكما كتب "ويليام شكسبير" ما الحياة إلا منصة مسرح، وجميعا عليها ممثلون" أننا بداية نصنع نوعاً من القصة الخيالية في مخيلتنا، وتصير القصة الخيالية إلى حقيقة مع دوام التفكير فيها، ما علينا إلا أن نرى" الأمر في أذهاننا ونتابعه بعمل هادف إذا ما أردنا تحقيقه في حياتنا. إننا دائماً نعمل على أساس الصور التي نضعها في أذهاننا ولتتذكر أننا نصير ما نفكر فيه. يبدو الأمر أشبه بتغيير القنوات على شاشة التلفاز الداخلي لعقلنا:

نقرة على جهاز التحكم. لقناة الأولى. فيلم قديم.

نقرة أخرى. القناة الثانية. قصة مرعبة.

نفرة أخرى. القناة الثالثة. صور سلبية من الماضي.

نقرة أخرى. القناة الرابعة. صور إيجابية من الماضي.

نقرة أخرى. القناة الخامسة. هذا هو أخيرا! نري أنفسنا نبلغ غايتنا الأساسية في الحياة. أمر لا يصدق. الصورة واضحة ومشرقة تماماً. ألوانها زاهية للغاية مفعمة.

 

إذا توجب

علي أن أعرف الحياة

بكلمة واحدة لقلت:

الحياة إبداع

 

كلود برنار

فيلسوف فرنسي

(1813-1878)

بالأصوات والحركة-تبدو حقيقية للغاية! أي إثارة ومتعة! نعيد عرضها عدة مرات حتى تصير الصورة رائعة تماماً. ياللروعة! إنها واضحة للغاية. أليس الأمر مثيراً للاهتمام-كلما رأينا المستقبل بدرجة أوضح ارتفع ما نحظى به من سيطرة عليه. أو ... أن يرتفع ما يحظى به من سيطرة علينا؟

ما من حدود أمام قدرتنا على التفكير بالصور. نستطيع أن نتخيل أنفسنا نقوم بأي شيء على الوجه الأكمل في ذهننا. وإنها أقرب إلى المعجزات. ما من طبيب أو عالم فيزيائي في أي مكان على وجه الأرض يدرك كيف يعمل هذا الأمر، ولتتذكر أن الصورة المتخيلة بشكل جاد، وبوضوح بالغ، وبكل تفصيلة من تفاصيلها في ذهنك بوسعها أن تؤثر على عقلك بدرجة من 10إلى 60 مرة أكثر من تجربة الحياة الواقعية، وبتعبير آخر، إن الصورة التي نرسمها في عقولنا لغرض ما بالاختيار لها من الإمكانية ما هو أشد تأثيرا بكثير مما لصورة العالم الخارجي التي تفرض علينا دون غرض الصدفة! وهكذا فمن المسئول عن حياتك؟ إنه أنت! ولكن لتتسلم زمام السيطرة، لابد أن تمسك بدفة الأمور!

إن عملية تخيل الصور تكتمل بعدئذ عن طريق اتخاذ تحرك متكرر حتى تتلاءم النتائج المادية المنشودة مع الصورة الذهنية الراسخة، فعلى سبيل المثال، فإنك تصير متحدثاً عاماً ممتازاً بإلقاء أكبر عدد ممكن من الكلمات والخطب، فلتتذكر صيغة النجاح الطبيعي التي ناقشناها سالفاً.

ناقشنا سابقاً كذلك وسيلة أخرى نستطيع أن نرتب صورة أذهاننا-أي الطريقة التي "نؤطرها" بها-لتمنحنا أثراً مغايراً، وبصورة محددة نستطيع إما أن نغير السياق المحيط بصورة بعينها، أو نغير المحتوى الخاص بها. افترض أنك ترى الحياة كلعبة حرب من ألعاب الفيديو الكبيرة. قد يكون فيما يلي بعض من انطباعاتك:

الجميع يصوبون نيرانهم نحوي، الأشياء تنفجر في كل موضع من حولي، أرى الأشياء كبيرة، وبراقة، ومحددة بوضوح، وسريعة الحركة. الأمر كله بالغ الـ....

من بين السياقات المحيطة التي يمكنك تتبناها:

سياق الترهيب. العالم يتغير بسرعة هائلة. لست متأكداً إلى أي مدى يمكنني تحمل ذلك.

الانطباعات ذاتها يمكنها أن تؤدي بك إلى تبني سياق آخر:

 

لا يحصل العلم بالصدفة العشوائية،

لابد أن يسعى إليه المرء

بكل همته، ويوليه انتباهه وجهده.

 

آبيجال آدامز

زوجة جون آدامز

الرئيس الثاني للولايات المتحدة

(1744-1818)

 

السياق 2التحدى المشوق، العالم مكان مثير للاهتمام، ومفعم بالمتعة، والحركة وممتلئ بالفرص. كم يروق لي.

السياق الأول قد يكون رد الفعل الذي يتبناه الأشخاص الأكبر سناً، والأقل ميلاً للمغامرة، في حين رد الفعل الثاني، والذي ورد في السياق الثاني أقرب إلى الأشخاص الأصغر سناً، والميالين للمغامرة. من الواضح أن ردود الأفعال العقلية –وبالتالي المشاعر-في كل حالة على حدة ستكون مختلفة كل الاختلاف.

وبالتالي، يمكنك أن تعدل، وتضبط المحتوي الخاص بالصورة الحالية لكي تحصل على الأثر المنشود، ومثلا، تستطيع أن:

تجمد الإطار. راقب كيف توقف كل شيء في ثبات مطلق تلغي الصوت. الأن ساد الهدوء كل شيء. تطمس معالم الصورة. صار كل شيء ضبابياً. ثم اجعل كل شيء بالأبيض والأسود فقط، أو اجعل كل شيء يتضاءل تدريجياً، إلى أن يصير كل ما تراه هو نقطة سوداء صغيرة تتلاشى ببطء، وتختفي بين طي النسيان.

من الجلي أن كل درجة لهذا التعديلات العقلية تغير من تأثير الرؤية. أنها الوسيلة التي ننظم بها ما نراه في أذهاننا، والوسيلة التي نختار بها أن نترجم الأشياء، التي تحدد المعنى الحقيقي لها عندنا.

4.الأعجوبة الرابعة من عجائب العقل الكبرى. لا يميز العقل الفارق ما بين الواقع والخيال.

وبتعبير آخر. لا يعرف عقلنا الفرق ما بين الصور التي نضعها في عقلنا باختيارنا وبين الصور التي تظهر هكذا بالصدفة... لوم زميل الفصل لك، أو انتقاد والدك الوجه لك، أو عبارة سخيفة لصقها على ظهرك صديق مقرب.

وعلى ضوء هذا، قد تظن أن عقلك أبله، أبله للغاية هل بوسعك أن تتخيل أداة على درجة من التعقد كعقلك ولا يميز الفرق ما بين الواقع والخيال؟ لكنني أستطيع ذلك إن كمبيوتر قيمته مليون دولار لا يمكنه أن يميز الفرق ما بين الواقع والخيال أنه يعمل وحسب تبعا للمعلومات التي تقدمها له -سواء كانت صائبة أم خاطئة، صادقة أم زائفة، منشودة أو مكروهة، ومن ثم يقدم الجواب الصحيح، ليس في بعض الأحيان، وليس خلال نصف الوقت يروق له الأمر فقط بل يفعل هذا على الدوام!

 

لا تحكم على قدراتك

أبداً بما يمكن لعينيك

أن ترياه،

بل بما يمكن لعقلك

أن يتخيله.

 

والتر ستابلس

­­­­­­­­­­­­­­­­­­­

لنفرض أنك تريد جهاز كمبيوتر لتقوم بعملية حسابية، وتجمع 4 إلى4، لكنك ضغطت 3إلة 4 بالخطأ. خمن ما يحدث؟ تحصل 7 كحل، أليس كذلك؟ لكن الكمبيوتر قام بما يفترض منه بالضبط -لقد جمع حاصل رقمين بمنتهى الدقة. الكمبيوتر جهاز محكم، لكنه بحاجة لأن تقدم إليه البيانات المضبوطة، وهكذا هو الحال مع عقولنا. إذا ما قدمنا لها البيانات المضبوطة والتي هي...؟ أجل الصور المضبوطة فسوف يعمل دائما على تحقيق الصور بمنتهى الدقة.

تخيل الذهاب لمشاهدة فيلم، على المستوى الواعي، نعرف أن الفيلم ما هو إلا فيلم أليس كذلك؟ إنه خيال محض. كله تمثيل بناء على نص مكتوبة ولكن ما الذي يفعله عقلنا البائس؟ أنه يتلقى المعلومات كما لو كانت حقيقية! ولأن عقلنا لا يمكنه التمييز ما بين الواقع والخيال، فإن جسدنا يسحب انفعالياً على كل تلك المشاهد ونصير مستثارين: نخاف، ونضحك ونبكي. الأمر كله محض خيال.. ولكن بالنسبة لعقلنا ولجهازنا

العصبي، الأمر حقيقي للغاية.

أو تخيل الموقف التالي يحدث في حياتك: تقود سيارتك عن الطريق السريع. لقد قطعت بضعة أميال، وربما كنت تقود بسرعة شديدة نوعا ما، واضطررت للتوقف عند إشارتي توقف، وحزام الأمان الخاص بمقعدك غير مربوط. فجأة تلحظ في المرأة العاكسة سيارة شرطة تتعقبك بسرعة وأنوارها الحمراء والزرقاء تومض على سقفها عني أسألك: ما الصور التي ستشرع في البزوغ إلى عقلك؟ وما شعورك نحوها؟ هل تشعر بشيء من التوتر؟ أو القلق؟ هل بدأت معدتك تنقبض في عقد صغيرة محكمة؟

إليك ما يحدث إن سائق هذه السيارة هو "دوف" رفيقك القديم أيام المدرسة الثانوية ويقول لك إنه حاول الاتصال بك عدة مرات في المنزل ليسألك ما إذا كنت ترغب في شراء تذكرة للحفل ليوم الشرطة أحسنا الأمر لم يكن كما فكرت فيه، أليس كذلك؟ أليس من المجيب كيف يستطيع خيالنا أن يضللنا إذا ما سمحنا له بذلك؟ بالمودة إلى النور. عندما تبدأ إحدى الصور الجديدة، والمشوقة بالتحول إلى واقع في حياتك، تبدأ في الحدوث أعجوبة أخرى أقرب للمعجزات.

5. الأعجوبة الخامسة من عجائب العقل الكبرى. يستطيع العقل أن يتخيل أمورا من أجلنا مما لا يمكننا أن نتمثله ذهنياً.

 

ما نلناه

 وانتهى أمره،

جوهر البهجة في السعي والعمل.

ويليام شكسبير

شاعر، وكاتب مسرحي إنجليزي

(1564-1616)

أليس أمراً لا تصدق؟ ما إن تضع في ذهنك الصورة الأولى، يشرع عقلك في إضافة المزيد من الصور الخيالية مما لا يكون بوسعك عادة الاضطلاع بها. إن الأمر كما لو أن عقلك ينتج من منبع لا ينضب من المعرفة، أو الطاقة، أو الذكاء مما لا يمكنك أن تتوصل إليه على المستوى الواعي، وبالطبع هو كذلك! إن المحفزات الخفية تنبع من لا شيء. سواء كانت كلمات، أو صوراً، أو ومضات من الرؤى والبصائر، وتجبرك بمعنى الكلمة على أن تفكر في اتجاهات جديدة، وعلى أن توسع من آفاقك، وأن تختبر حدودك الخارجية.

فعلى سبيل المثال، إذا ما كان لديك هدف بسيط كان تقف في مواجهة مجموعة صغيرة من الناس، وتقدم لهم عرضا قصيرا بصورة مهنية، فإن عقلك سيعاونك على القيام بهذا، لكنه أيضا سيجبرك على تخيل التحدث قبالة خمسة آلاف شخص، وأن تخلب ألبابهم حرفياً! وسوف يعمل على أن يجلب إلى حياتك من الأشخاص والظروف ما سوف يتيح لك الوصول إلى ما هو أبعد مما قد يكون خطر على بالك. وبطريقة ما فلن تكون قادرا على فهمها فهما کاملاً.

لم يتوقع -الكولونيل ساندرز -البالغ من العمر خمسة وستين عاما أن وصفته لطبخ الدجاج سينتج عنها إمبراطورية الأطعمة السريعة، مع فرع لدجاج كنتاكي المقلى في كل مدينة من أمريكا الشمالية بعمالة تتجاوز ثلاثين ألف شخص.

أو خذ مثلا" رای کروك "، مؤسس ماكدونالدز. لم يكن يتخيل في أبعد أحلامه أن مطعم الهمبرجر الأول الخاص به سيقوده في آخر الأمر إلى ما يزيد عن مائة بليون شطيرة هامبورجر تباع!

هؤلاء السادة -عفوا، هؤلاء السادة الأثرياء -اكتشفوا احتياجا في مجتمع يتبدل، وبدلوا بالتالي عادات تناول الطعام تبديلا انقلابيا لبلادهم، وللعالم كله في الواقع. (في عام ۱۹۹۲، وبعد 14 عاما من وجود مطاعم ماكدونالدز في فرنسا، وهي قلب العالم من حيث الطهو والطعام، حققت ماكدونالدز أكبر مبيعات هناك من سلسلة مطاعمها بفرنسا. والآن، لست مضطرا لأن تعجب بالتغيير، ولست مضطرا لأن تكون جزءا منه. ولكنك لا تستطيع أن تنكر أن تغيرا كبيرا قد حدث نتيجة لما قاموا به.

نفس الحال يستمر ويستمر. سواء كان صاحب النموذج هو " چون روكفيللر "، أو -إلفيس بريسلي "، أو " محمد علی کلای ". لقد انطلقوا جميعا من حلم صغير راح ينمو وينمو بالأمل والطموح الذي لم يكن كله من عمل أيديهم، والذي قاد بدوره إلى شهرتهم، وثرائهم إلى حدود تتجاوز أبعد أحلامهم.

إذا اضطررت دائماً

 إلى تضخيم الصغائر،

لن تستطيع أبداً

أن تبلغ أكبر

الطموحات.

 

والتر ستابلس –

 

 

والآن، من بين تلك العجائب الخمس الكبرى للعقل، أيها يبدو لك غير قابل للتصديق على الإطلاق؟ حسنا. سؤال صعب؟ بعد شيء من التفكير، أظن أنك ستتفق معي في أنها ... العجيبة رقم 3: إننا نستطيع أن نغير الصور التي في عقلنا بأي شكل نشاء. لأن عقلنا هو الشيء الوحيد الذي لنا عليه سيطرة تامة، مما يعني أننا نستطيع تخيل أنفسنا نقوم باي شاء نريده في حياتنا، ويتلقى عقلنا الباطن تلقائيا ما نمده به باعتباره حقيقة لا مراء فيها، ويشرع في العمل عليها لتحقيقها في الواقع.

قليلون منا هم من يعرفون المواهب، والقدرات الطبيعية التي تحظى بها. إن هذه القدرات تكمن خفية، غير مختبرة، بانتظار أن تتجسد وتتجلى. ولكن حتى نطلقها، فإننا بحاجة إلى أن نستبدل بتشككنا في ذاتنا ثقة في النفس، وأن نستبدل الفل بالجمود، والتحرك الملح بالرضا بواقع الحال. نستطيع جميعا أن نتفوق في شيء ما، بل حتى تحقيق مستويات عبقرية. ولكن الأمر منوط بكل منا في اتخاذ المبادرة لاكتشاف هذا الشيء، وهذا المستوى من التميز بداخله. هناك فرص في كل ما يحيط بنا، فلننتهز منها ما يبعث فيك أعظم الاهتمام والإثارة، وانظر إلى أين ستأخذك!

كل من البحر الميت، وبحيرة

طبرية يتكونان من المياه

ذاتها ويتدفقان انحدارا

في صفاء ولطف، من

أعالي جبل الشيخ بسوريا

ومن جذور أشجار الأرز بلبنان.

تعرف بحيرة طبرية كيف

تنتفع بمسارها؛ فإن لها

غاية، أي مصباً. إنها تمنح

وتعطي ذاتها له. تجمع المكونات

الثرية التي قد تصبها مرة أخرى

لتخصب بها أرض سهل الأردن.

لكن البحر الميت، وبالمياه نفسها،

يصير شيئاً رهيباً؛ لأنه بلا غاية ولا مصب. إنه يكنز

ويكتفي بنفسه فقط.

 

هاري إيمرسون فوسديك

من كتاب THE MEANING OF SERVICE

(1878-1969)

 

 

 

 

        أشعل حماستك!

 "جاك لالان "

 لدى " جاك لالان " رسالة نحن جميعا بحاجة لتمثلها: " هيا، امنح نفسك رعاية أفضل!". هذه الرسالة يوجهها شخص ولد في عام 1914، ولم يصبه سوء منذ عام 1936. ولا حتى نوبة صداع! إن ولع جاك هو الصحة الطيبة. والمعيشة السعيدة. ويتمناها للجميع.

قبل وقت طويل من ارتداء " جين فوندا " لطقم التمارين الرياضية لأول مرة، كان " جاك " يدعو إلى فوائد التمرين، والتغذية السليمة. وفي موضع مصنع سكر تم تجديده، أسس " جاك " صالة ألعاب رياضية مستخدما أثقالا صنعت من الأسمنت المصبوب في علب الطلاء الصفيحية القديمة. وفي عام 1936، افتتح أول مركز صحي حديث في أمريكا. وفي الخمسينيات، أعلن " جاك " عبر شاشة التليفزيون مشجعا ملايين ربات البيوت على ممارسة التمارين الرياضية، وقد قام بذلك بوضع صيحة اللياقة البدنية، واستمر برنامجه بعرض أكثر من ثلاثين عاماً.

وكان " جاك " يعمل بما ينصح به صدقا وحقا؛ فلكي يحتفل بيوم ميلاده الأربعين، سبح على طول جسر الجولدن جات بريدج تحت الماء مرتديا ما يزن 140 رطلا من المعدات والأدوات، وفي الثانية والأربعين من عمره، حقق رقما دوليا عندما قام بعدد 1٫۰۳۳ من تمارين الضغط خلال ۲۳ دقيقة. وفي الستين من عمره سبح سباحة الصدر من آلکاتراز حتى فيشرمانز وارف، وهي مسافة تتجاوز عشرة أميال، مقيد اليدين والكاحلين بينما يجر وراءه قاربا زنته ألف رطل.     

كان يومه يبدأ في الرابعة صباحا، بنظام ثابت من التمارين البدنية والسباحة مدته ساعتان ونصف. وعلى مدار يومه، ينشغل بإدارة مسئولياته ومشروعاته التجارية هائلة الحجم -۱۰۱ فرع من المراكز الصحية، وخط إنتاج " جاك لالان " للأغذية الصحية، وأجهزة التمارين الرياضية، والكتب، وشرائط الفيديو. يصرح " جاك " قائلا: " أفضل للمرء أن يفني من أن يعيش عاجزاً. لا يموت أغلب الناس لكبر أعمارهم، بل نتيجة الإهمال والتراخي!".

ويلخص " جاك " فلسفته قائلاً: " كل شيء ممكن إذا ما كانت رغبة المرء فيه ملحة بما فيه الكفاية. إنني أواصل وضع أهداف وتحديات جديدة أمام نفسي -وهذا ما يحفظ لي استمراريتي؛ فمع نظام غذائي سليم، وتمرين رياضي وتوجه نفسي يستطيع المرء أن يعيش حياته لأقصى حد. وهكذا، لا تختلق أعذارا لنفسك، لتخرج من رتابة حياتك، ولتنطلق ".

إنك تضفي اختلافا إيجابيا عندما تبذل شيئا ما من نفسك لأجل خير الآخرين. ولقد أضفى جاك لالان اختلافا؛ لقد جرؤ، وحلم أحلاما کبری، وبهذا أشتعل بالحماس، وانطلق إلى الأمام!                                           

 

إن أعظم استفادة

من نعمة الحياة

هي أن ننفقها

في سبيل شيء

يبقى بعد

أن نذهب نحن.

 

ويليام جيمس"

فيلسوف، وعالم نفس

أمريكي.

(1842-1910)