يتعلق بهذا

الصراع كميراث العصور الأولى

     وبكل أسف، ما من شيء جديد في هذا كله؛ فالكراهية القائمة على الاختلاف العرقي، والعنف الطائفي منذ عقود موغلة في القدم جعلت الإنسان ينقلب ضد الإنسان، والقبيلة ضد القبيلة، والأمة ضد أمة أخرى. يعد عالم الإنسانيات "روبرت هاردنج" من جامعة بنسلفانيا، خبيراً في القردة العليا، والقرود الأخرى التي تعيش في البرية، وهو يعتقد أن الإنسان لا يختلف سلوكه كثيراً عن أبناء عمومته الذين يرجعون لما قبل التاريخ ويقول: "واقعياً لا توجد ثدييات تعيش في ظرف يسمح بتعايش كل مجموعة في علاقات سليمة، ومنتظمة مع المجموعات الأخرى، غالباً ما يكون هناك شكل من أشكال الصراع. "من الممكن أن يثور الصراع حول موارد الغذاء، الأرض أو الإناث، ويبدو أن تلك الحيوانات تكون جماعات صغيرة تجد فيها هويتها وكيانها من أجل أمانها، وتعايشها، وتمكنها من البقاء يعتقد د."جون ماك" عالم النفس بجامعة هارفرد أن أحداث شغب عام 1991 بلوس أنجلوس تظهر مثالاً نموذجياً على الجامعة التي تحتفظ ببقائها، ويقول: "إن العصبة كانت هي الهوية الأساسية لأولئك (الصبية)، لأنهم لا يجدون شيئاً في المدينة، أو في البلد كله يمكن أن يمثل هوية لهم".

     ويردف "ماك" قائلاً؛ والسمات النفسية الكامنة وراء الرغبة في تحديد الهوية، والتي تعد سمه سائدة بين جميع الصراعات، والنزاعات هي: السعي وراء البقاء، والشعور بقيمة الذات. فتلك المبادئ النفسية الأساسية وراء الصراعات، إنه الشعور بالوهن، وقله الحيلة؛ أو على مستوى قومي، هي التي تحدد مدى شعورنا بذواتنا خاصة عند التعرض لنوع من التهديد.

     ويكمل "ماك" قائلاً: "إن أي مفكر سياسي يسعى لحلول المآخاة بين جميع البشر.... عليه أن يدرك المعنى النفسي لتحقيق هوية ذات المرء مع دولته، والإخفاق في القيام بهذا سوف يحد من مفاهيم إخوة البشر، ويجعلها مجرد رؤى وخيالات فلسفية حالمة".

     يبدو حل معضلة الإنسان جلياً، فلتتأمل النتيجة إذا ما تحققت هوية الكيانات العظمى من البشرية، وبشكل فردى بالانتماء لقوة أسمى، لله الذي يجسد لهم جميعاً الحب، العطف، والعدل. على هذا النحو، يبتعد التركيز عن الأفراد، والجماعات، والدول كرابطة تجمع الناس من أجل الأمان والسعادة البشرية، وسوف تنضم الأيادي إلى بعضها البعض كجنس بشري من أجل العمل لخير الجميع.

                

إن الاختلاف الأوحد

والوحيد بين هؤلاء ذوي

الأرواح الحرة من سواهم،

هو أن أولئك الأحرار بدأوا

يدركون من هم حقا، وبدأوا

يتصرفون بناء على ذلك.

 

"ريتشارد باك"

من كتاب

JONATHAN LIVINGSTON

 

   إذا ما نظرنا جميعاً إلى بعضنا البعض باعتبارنا جزءاً من الكون، بصرف النظر عن العرق، واللون، والعقيدة، والجنسية، والدين، فالجميع أشقاء وشقيقات لبعضهم البعض، وعندها سيتلاشى الكثير من الشك السائد في عالم اليوم.