الاعتقاد أصل الخلق والابتكار

كل الواقع، وكل الأمور، التي تضرب بجذورها في الإيمان، وفي معتقداتنا التي نقبلها كقناعات صلبة وراسخة، مبنية غالبا على فهم ضئيل، وعلى برأهن معدومة. إننا نفترض أن الكوكب سيبقى على دورانه دائما، وأن الشمس ستشرق دائما، وأن الزهور ستتفتح دائما. بل حتى إننا نؤمن بأننا أحياء! ولكن كيف نكون واثقين من هذا إذا لم نكن أحياء مطلقا أو موتی -قبل ذلك؟ نفترض أننا أحياء؛ لأن أشخاصا آخرين يقولون بهذا، لكنهم في حالة جهل عن هذا الأمر مثلنا تماما.

الإيمان أعمي تغذيه مادة الأمور التي نتمناها، وبرهان الأمور غير المرئية، إن كلا من الرجال والنساء العظام قد قطعوا رحلات خطرة ومتشككة ليتبعوا أحلامهم. المبتكرون يبتكرون، والمستكشفون يستكشفون؛ والمخترعون يخترعون؛ والكتاب يكتبون؛ والمغنون يغنون؛ واللاهون يلهون. كلهم من أصحاب المنجزات ممن آمنوا واعتقدوا؛ ممن أصروا على مسعاهم بالإيمان وبالإيمان وحده.

 

وكما شاهدنا، فإن الدور الأساسي للعقل الباطن هو أن يأخذ الأفكار والرؤى والمفاهيم في العالم العقلي، ويمضي ليحولها إلى نظيرها المادي. إنه الصانع السيد، ويصير واضحا مرئيا على الدوام، لكنه يتصرف كذلك بناء على الأمور اليقينية، أو المسلمات التي عبرت إليه من العقل الواعي. وهو لا يمارس أي إطلاق لأحكام، أو تقييم بالنسبة لأصل وملاءمة وصحة المعلومات. إنه يعمل بشكل متساو بناء على جميع المسلمات، وجميع الحقائق المقبولة، وكل القناعات الراسخة، أو ما نتبله كذلك على المستوى الواعي.

ليس لجميع أفكارنا القوة على إيجاد واقعنا، وإذا كان لها ذلك فلسوف نوجد آلاف " الحقائق " المتصارعة، وغير ذات الصلة غالبا في كل يوم لحياتنا اليومية، فمن

 

أيا كان الشيء الذي تتخيله تخيلاً حياً

وترغب فيه بإلحاح وشدة،

وتسعى نحوه بكل همة وحماس

لابد أن يصير حقيقة في نهاية الأمر.

 

نابليون هيل

THINK AND GROW RICH

(۱۹۷۰ -۱۸۸۳)

الواضح أن هناك انتقائية هائلة تتم ممارستها بوتيرة منتظمة فيما يخص أي الأفكار في العقل الواعي والتي تمر إلى العقل الباطن، وإنه لمن الواضح بالدرجة نفسها أن مثل تلك الاختيارات ينفذها العقل الواعي وليس العقل الباطن.

يمكن إثبات هذا عن طريق ملاحظة أحد الأشخاص الواقعين تحت التنويم المغناطيسي. إن العقل الباطن الخاص بهذا الشخص متأهب لتقبل أي فكرة (مقدمة منطقية) يقدمها طرف خارجي، فإذا تم إخباره أن ذراعه اليسرى قد فقدت الشعور، فإن الذراع اليسرى عندئذ ستكون بلا شعور، وإذا تم إخباره بأن درجة الحرارة بالغرفة بلغت ۱۲۰ درجة فإن الشخص النوم مغناطيسيا سيستجيب فورا وسيتصبب عرقا. إن التنويم المغناطيسي يوقف نشاطا أو يلغي الصلات ما بين العقل الواعي، وعمليات التفكير العادية، وبالتالي كل تقدير وانتقاء للأفكار يستغني عنه، وتتجه كل الإيحاءات من الخارج مباشرة نحو العقل الباطن حيث تقبل بلا مساءلة.