تقدير الذات هو كل شيء

 

" ليس لديكم أدنى فكرة عن مدى سوء رأيي في نفسي

وعن مدى عدم استحقاقي لهذا الرأي بالمرة! ".

- دابليو، إس. جليبرت

ما مقدار حبي لذاتي؟

وصلنا الآن لتقدير الذات، وأهمية حب المرء لنفسه. إن التقدير الذاتي هو المحتوى العاطفي للمفهوم الذي نكونه عن أنفسنا (المفهوم الذاتي)، ويتمثل فيه الجوهر الحقيقي للشخصية الإنسانية، وقد اتفق علماء النفس بوجه عام على أن ذلك التقدير اللذات هو العنصر الأشد حسما من ناحية التأثير على الأداء الإنساني ككل؛ فالتقدير اللذات هو ما يجيب عن هذا السؤال التالي: ما طبيعة شعوري حيال ذاتي. إلى أي مدى أحب ذاتي وأحترمها وأقيمها .... وفقا لطبيعة رؤيتي لها في الوقت الحالي؟ قد تسمو صور الذات لدينا، وقد تتدني، وقد تتفق، أو تفترق عن الواقع، أما تقديرنا لذاتنا فإنه على الدوام.

 

التطابق مع الصور التي نحملها في عقلنا

وبتعبير آخر، فإن الصور التي تمثل مجتمعة صورتنا الذاتية هي الجذر الدفين القدار حبنا لذاتنا، وهكذا فإذا ما رغبنا في أن نغير مقدار حبنا لذاتنا، فإنه يتحتم علينا أن نغير طريقة " نظرنا " لأنفسنا -أي أن نغير الصور التي لدينا في رأسنا؛ فإن صورا أكثر إيجابية سوف تنتج حبا للذات يتسم بالإيجابية.

وهكذا فإن مقدار حبنا لذاتنا يتوقف كلية على طرق تفكيرنا في ذاتنا -أي مفهومنا عن ذاتنا، فهي إما عنصر مساعد داخلي أو عنصر معاكس داخلي. أي إما أن تدفعنا قدما إلى الأمام، أو أن تعوقنا وتؤخرنا. إنها أهم التصريحات المفردة من بين ما نستطيع أن نقدمه لأنفسنا كأشخاص.

 

إن الإنسان في حقيقة الأمر، شأنه

شأن جميع جوانب الطبيعة الأخرى،

لا ينطوي على نزوع حتمي داخلي لكي ينمو.

فمع ما يكفي من الشمس والماء يمكن لعود

النبات أن يضرب جذورا في تربة تقدير

الذات، وبهذا فبمقدور الأطفال فضلا عن الكبار

التصدي لأعتى العواصف. وبدون هذا، يمكن

الأهون ريح أن تكون مصدر خطر عظيم.

 

جلوريا شتنيم

من كتاب REVOLUTION FROM WITHIN

 

وعلى هذا فنحن ندرك أنه من بين الأعمدة الثلاثة للذات، يعد محتوى الصورة لمفهومنا عن أنفسنا هو العامل الأكثر حسما، بما أن لنا على هذا المحتوى أكبر التحكم. أما عن محتوى المشاعر، والذي يحدد كلية تقديرنا لذاتنا، فيتسم بالأتوماتيكية، وهو يعتمد اعتمادا تاما على كل الصور التي نتقبلها باعتبارها تمثل أفكارنا عن ذاتنا.

تظهر أهمية تقدير الذات من الاستشهاد التالي ل " دوروثی کورکیلی برجز " في كتابها الثاقب النظرة Your Childs self-Esteems:

ما تقدير الذات؟ إنه شعور الشخص حيال ذاته. إنه يبلور حكمة العام على ذاته ومدى حبه لشخصه، ويكون الحكم المرء هذا أثر ذاتي على كل من أنماط أصدقائه الذين سيختارهم، وكيف سيتفاعل مع الآخرين، ونمط الشخصية الذي سيتزوجها، أو تتزوجه، ومدى إنتاجيته. إنه شيء له أثره على قدرته الإبداعية. وكرامته، واستقراره، بل وله أثره في إذا ما كان سيصير قائدا أم تابا. إن مشاعر تقدير الذات تشكل جوهر شخصيته، وتحدد استغلاله لملكاته وقدراته، وموقفه النفسي تجاه ذاته تدخل مباشر في أسلوب عيشه لجوانب حياته كافة. وفي الحقيقة، فإن تقدير الذات هو النبع الأول الذي يحدد لكل واحد منا نجاحه، أو فشله كإنسان.

 

وإليك بعض الإحصاءات الحديثة: حوالي عشرة بالمائة من جميع المراهقين يحاولون الانتحار (يتخيرون حلا نهائيا لمشكلة مؤقتة للغاية)؛ وفتاة من كل عشر مراهقات تحمل سنويا؛ ونسبة خمسين بالمائة من طلاب السنة الأخيرة للمدارس الثانوية يشكرون مرة شهريا على الأقل؛ واحد من بين كل خمسة أشخاص على وشك الإصابة بالسمنة.

تتمثل أعمق الحاجات الإنسانية في الحاجة إلى احترام الذات، وتقدير الذات وحب الذات. وكلها منعقدة على مفهوم الذات إن أحسسنا بهويتنا الشخصية، فمن غير تقدير عال للذات، لا شك في أننا لا نستطيع تقديم الأداء الأمثل لنا. والحق أن كثيرين منا يبدأون في تدمير الذات -أي الانهيار البدني والعقلي والروحي -عندما لا يكونون شعورا طيبا حيال أنفسهم، ويفتقرون لوجود معنى لحياتهم، وبالتالي فمن شأن أي شيء نستطيع القيام به لتحسين مشاعرنا حيال أنفسنا، ولتنمية أهميتنا وقيمتنا ومقدارنا أن يزيد زيادة مباشرة من تقدير الذات لدينا.

لا بعد الإحساس بالذنب أمرا منطقيا

على الإطلاق؛ ذلك أنه يشوه جميع السمات الإنسانية

للعقل، ويقيدها، فلم يعد بوسع

المرء استخدام عقله استخداماً حراً؛

لأن الإحساس بالذنب يوقع المرء

في دوامة الحيرة والتشوش.

 

إدموند بيورك "

رجل دولة، وخطيب إنجليزي

(۱۷۹۷.۱۷۲۹)