المعتقدات الجوهرية:

من بين كل معتقداتنا، فإن أهمها على الإطلاق هي معتقداتنا الجوهرية، بما أنها لها دور حاسم لأقصى حد في مستقبلنا فإننا نمتلك آلافا مؤلفة من المعتقدات بشأن كل وجه من أوجه حياتنا. إن لدينا رأيا أو معتقدا بشأن الجولف، والبيئة. وتصميم الملابس، والموظفين الحكوميين، والدلافين، والإبحار في الكاريبي، والكوكاكولا، والآيس كريم، والأثاث المصنع من الجلود، والأطباق الطائرة من الكواكب الأخرى، والزهور الاصطناعية، والموسيقى الكلاسيكية، والخيول الصغيرة للعبة البولو، وطائرات الجامبو، والصيد بالصنارة لكن أيا من تلك المعتقدات المحددة قد تكون لها أثر رئيسي على حياتنا، ولكن لا يمكننا قول الأمر نفسه حول معتقداتنا الجوهرية، لأن المعتقدات الجوهرية هي أساس وجودنا ذاته، وعوامل تحديد مبدئية فيما يتعلق بالاتجاه الذي تأخذه حياتنا.

أنا واثق أنك قد سمعت بالتعبير القائل " إننا مصممون للنجاح ولكننا غالبا ما نبرمج على الفشل "، وهو أمر حقيقي مائة في المائة.

عندما ولدنا، فإننا لم نكن نعلم أي شيء حول أي شيء، وبالتالي لا يكون لدينا مجموعة من المعتقدات بشأن أي شيء أيا كان. يكون عقلنا ببساطة صفحة بيضاء، ثم نعايش شيئا من الحياة، ونتعلم أشياء بشأن أنفسنا وعالمنا. وإذا ما صدقنا على هذه المعلومات نفسها بحيث تكون كافية لتجاربنا التالية، فإننا نتقبلها باعتبارها " حقائق "، وتصير جزءا من منظورنا للواقع.

لنلق نظرة على الطريقة التي وصلنا بها لما نحن عليه. خلال الأشهر التسعة الأولى لحياتنا، يكون علينا قضاء الوقت في هذا المكان الرائع الذي يسمى الرحم. والآن، لم يكن هذا المكان غرفة في فندق، لكنه كان أرقى من غرفة الفندق من أوجه عديدة؛ وذلك الأن: درجة الحرارة به مضبوطة تماما؛ وخدمة الغرف تعمل على مدار أربع وعشرين ساعة، وغير مسموح بدفع البقشيش! ولدينا فراش وثير على أحدث طراز، وهو سرير مائي من الجدار إلى الجدار! وفي الحقيقة، فإننا لا ننهض مطلقا عن الفراش. لا يمكن للأمور أن تكون أفضل من هذا إلى الآن، ولسبب ما، تطرد إلى الخارج. والآن فنحن لا نعرف ما إذا كنا مثيرين للمشاكل والضجيج، أم أننا تأخرنا كثيرا على دفع الإيجار حتى يتم طردنا -ولكن هذا ما جرى. وأول شيء حدث كان أن شخصا ما يضع قناعا أمسك بنا من قدمينا، وقلبنا رأسا على عقب، وصفعنا صفعة رقيقة على مؤخرتنا، ثم بعد هذا الشخص إلى قطع حبلنا السري، ويربطه في عقدة صغيرة محكمة. ربما من الصعب تصديق هذا، لكن هكذا استقبلنا العالم الحقيقي، وهذه كانت طريقته في الترحيب بنا! وبالنسبة لكثيرين منا، لم يتحسن الوضع على الإطلاق.

 

ما من شيء له أي سلطان

على، إلا تلك الأفكار

 الواعية التي أقوم بالتصديق

عليها.

 

أنتوني روبنز

من كتاب UNLIMITED POWER

وتكمن المشكلة في أننا خلال نضجنا، ندع أنفسنا متكيفين مع مدى ملحوظ من خلال بيئتنا المحيطة، إذ تصدق العديد من الأشياء بشأن أنفسنا وعالمنا، وهي أشياء تعوزها الصحة بكل بساطة. لا يجب أن يكون هذا مفاجأة كبرى. إننا نعتنق المقدار الأكبر من معتقداتنا في سن مبكرة جدا، في الوقت الذي لا نكون فيه على اطلاع جيد بأي شيء، وببساطة لا نكون في الموضع الأفضل لاتخاذ قرارات مهمة مما سيبقى معنا البقية حياتنا.

ولتفكروا في التالي. على مدى الثلاث أو الأربع سنوات الأولى من حياتنا، لا تتجاوز أبدا الأقدام الثلاثة طولا. وبالتالي فكل ما نراه على مستوى نظرنا هو أفخاذ ومؤخرات جميع البالغين والكبار من حولنا. من الواضح أنه من المستحيل تكوين منظور إيجابي بشأن الحياة من هذه الزاوية المحددة للرؤية!

فإذن تأمل المجموعة التالية من المعتقدات الجوهرية كمجموعة متاحة لك. فإنك بطبيعة الحال ولابد تمتلك مجموعة، أو أخرى من المعتقدات الجوهرية، فبالتالي ليس سوى الحذر والتدقيق واجبين عليك. إذ تتبنى مجموعة تشحذك بالقوة والطاقة بدلا من أن تضع الحدود أمامك، وتحط من شانك.

إن تلك المعتقدات الجوهرية لهي شيء فريد لكل رجل وامرأة بلغ أداؤهم ذروة التفوق. إننا نعلم أنه إذا ما أردنا التوصل إلى النتائج التي يتوصل إليها الفائزون، فلابد أن نفكر أولا كما يفكر الفائزون. فلتتأمل كل معتقد من تلك المعتقدات بحرص، وعناية، وتخيل كيف سيبدو عالمك إذا ما اعتنقت المعتقدات نفسها، وجعلتها جزءا من حياتك اليوم.

  1. ليس هناك فائزون بالفطرة، ولكن بالعمل فقط.

نوهب عند مولدنا جهاز حاسوب عجيبا لاستخدامنا الشخصي -ولكن بدون أي نوع من البرمجيات لتشغيلها! إن نفتقر إلى المعتقدات المحددة، للمعرفة والبصيرة مما نحتاج للنجاح في حياتنا، لكن هذا ما نستطيع امتلاكه في أي وقت، إذا اخترنا القيام بهذا، فالنجاح رحلة لا يمكننا إلا أن نقطعها خطوة واحدة كل مرة.

التطبيق والحياة مشروع " بصنعه المرء بيديه " فلتتبن الفلسفة القائلة: " إذا كان لأي شيء أن يحدث؛ فالأمر منوط بي، بإرادتي وبجهدي"، فأنت بالطبع لا تظن أن شخصا ما سيأتي للقيام بمهامك نيابة عنك!

 

 

إن المعتقد الذي يصير صحيحة بالنسبة لي ...

هو ذلك الذي يتيح لي الاستغلال الأمثل

 القوتي، والوسائل الأفضل لكي أعمل

بمقتضى قيمي وفضائلي.

 

أندريه جيد

مؤلف وناقد فرنسي

(۱۹۵۱1869)

 

 

 

 

  1. القوى المهيمنة في وجودنا هي التفكير الذي ننخرط فيه بوتيرة يومية.

الحياة لعبة تدار في الداخل. كل السببية هي حالة عقلية، ونجاحنا يتجه من الداخل إلى الخارج، ونصير إلى ما نفكر بشأنه طيلة الوقت.

التطبيق: لتكن شديد الحرص، والانتباه لا تفكر بشأنه؛ لأنه كما تفكر تكون.

  1. إنا محكومون بأن نصنع واقعنا الخاص بنا. بما يشمل من نحن، وأي نوع من العالم نحيا فيه.

تدرك حواسنا الخمس العالم بأفضل ما يتسنى لها من سبل. لكن عقلنا هو ما يقوم بتأويل هذا المدخل، أو المعطى الخارجي، ويضفي عليه معناه. أم أنك تفضل أن يكون تحت تصرفك شيء ما، أو شخص ما آخر ليقرر معنى هذه المعطيات نيابة عنك؟

التطبيق: کن منتبها لما تصنع من واقع. فهل من المنطقي أن تستخلص نتائج بشأن نفسك اعتمادا فقط على الأدلة والبراهين الحالية؟ إن غياب البرهان على شيء ما لا بعد بالضرورة برهانا على غيابه.

 

  1. توجد بعض المنافع بمكن اكتسابها من كل عقبة.

إن العقبات معلم عظيم؛ فهي تبلغنا بأن شيئا ما غير مجب. ولكن خلال عملية اكتشاف هذا، نتعلم شيئا ما، وهذه هي المنفعة الكبرى -فطالما نغير الطرائق التي ننتهجها، ونظل " نواصل ونواصل " إلى أن نتوصل لما ننشده من نتائج.

التطبيق: ليكن تركيزك على المنافع، وليس على الإخفاق.

 

  1. إن ما لدينا الآن من نظام اعتقاد شخصي هو اختياري تماماً.

إن لدينا اعتقادا بشأن كل شيء، لكن ما من اعتقاد مطلق، إلا فيما عدا المعتقدات الدينية، خصوصا بشأن كل من أنفسنا أو عالمنا؛ فالاعتقاد لا يكون بالضرورة انعكاسا المعرفة، فغالبا جدا، يعكس الاعتقاد افتقارا للمعرفة، وعلى سبيل المثال، اعتقد الجميع ذات يوم أن العالم مسطح إلى أن جاء كولومبس وأثبت العكس. نحتاج فقط أن نؤمن بما نرغب في الإيمان به عن أنفسنا، وعن العالم الذي نعيش فيه، ومن ثم نمضي لنثبت أننا على حق.

 

 

ما يؤمن المرء أنه حقيقي

 إما أن يكون حقيقيا،

أو يصير حقيقية.

 

جون ليلى"

مؤلف، ومعلم، وطبيب أمريكي

(1915-1962 )

 

التطبيق: فلتنتق المعتقدات الجوهرية التي تمنحك السلطة، وتساعدك على المضي للأمام قدما، وليس تلك التي تحد من قدراتك وتعوقك.

  1. لا يمكن أن ننهزم أبدا إلا إذا تقبلنا الهزيمة كأمر واقع، وقررنا التوقف عن المحاولة.

الإخفاق والهزيمة أمران نسبيان، وما هما إلا جزء من الرحلة الكبرى للحياة. ليس لهما معنى أو مغزى بحد ذاتهما. ما لم نقرر أن نعطيهما هذا المعنى.

التطبيق: لا تستسلم أبدأ، وسوف تحقق النجاح. وتذكر: الفائزون لا يستسلمون أبدا، والمستسلمون لا يفوزون أبداً.

  1. إننا نمتلك بالفعل المقدرة على التفوق على الأقل في منحى من مناحي الحياة.

توصلت دراسة أجريت بجامعة هارفارد أن كل شخص هو عبقري بالإمكانية. في شيء ما، لكن الأمر يبقى مسئوليتنا في أن نختبر إمكانياتنا، وأن نكتشف ما هو هذا المنحى المحدد. ما العبقرية إلا القدرة على التفكير بطرق غير تقليدية، فحين يفكر الجميع على نفس المنوال، فإنه ما من أحد يفكر مطلقا، فلتختر تلك الفكرة غير التقليدية: فلتؤمن بأنك تستطيع أن تصير بارزا في المجال المختار لمسعاك. وإذا ما قمت بهذا، ستكون على قمة الواحد بالمائة من السكان.

التطبيق: اكتشف وجه مهارتك ومجالها. غالبا ما يكون شيئا تعشق القيام به؛ مما يمنحك أعظم الرضا والإشباع، وإحساسا بالأهمية. وإلا، فلتقرر وحسب ما تريد أن تتفوق فيه، ومن ثم امض وقم به!

 

  1. إن الحدود الحقيقية الوحيدة أمام ما نستطيع أن ننجزه في حياتنا هي تلك التي نفرضها نحن على أنفسنا.

ينبغي علينا أن نقرر إذا ما كان هناك أية حدود أمام إمكانياتنا، فلا يستطيع أحد أن ينصفنا کفاشلين دون موافقتنا، ولنتذكر: بشكل العالم رأيه فينا بشكل أساسي من الآراء التي نشكلها نحن عن أنفسنا.

التطبيق: والسبيل الوحيد لتكتشف حدودك المقيدة هو أن تمضي ما هو أبعد من وتتجاوزها، ولنفترض أنه ما من حدود على الإطلاق. من أنت لكي تكون متأكدا على أي حال؟ وهكذا استبسل في مهمتك.

 

 

 

يمكن للمقدرة الإبداعية

 أن تحل أي مشكلة تقريبا

فإن السلوك الإبداعي،

وهزيمة العادة الثابتة عن طريق الأصالة،

بوسعها التغلب على كل شيء.

 

جورج لويس

مؤلف

 ومدير دعاية أمريكي

 

  1. لا يمكن أن يكون هناك أي نجاح عظيم بدون التزام عظيم.

إذا كان لنا أن نصير بارزين في أي شيء، فإن علينا. يا للمفاجأة -أن نعمل لهذا، لابد أن ندفع الثمن. فلن نحصل على شيء ما لم نفعل أي شيء. إننا نحصل على أي شيء بالتناسب فقط مع ما نقدمه، وليس هناك أي حدود أمام ما يمكن لنا أن نقدمه!

التطبيق: الالتزام هو العمل الخاص بمعتقدك ورغبتك، فلتعمل على هذين الاثنين، وسوف يتبع ذلك الالتزام تلقائيا.

  1. إننا بحاجة إلى المساندة، والتعاون من الآخرين لكي نحقق أي هدف جدير بالاحترام.

لا أحد ينجز شيئا وحده في عزلته الخاصة، فجميعنا جزء من أسرنا، ونعمل في منظمات، ونعيش في مجتمعات، فالعديد من الأشخاص ذوي التخصصات المختلفة لابد أن يتعاونوا معا سعيا وراء أهداف مشتركة، وإذا كان ضروريا فلتتبع ذلك، لأنه كلما كانت المساندة أشد بأسا، والتعاون أفضل حالا كانت النتائج أفضل.

التطبيق: فلتكتشف طريقة تأسيس، وحفظ علاقات شخصية مثمرة وفعالة.

      أحسب أن تلك المعتقدات الجوهرية هي التمثيل الأدق، والأكثر واقعية لذات المرء الحقة بدرجة أكثر من معتقداتك الحالية التي تمثل ذاتك المصطنعة، وإذا قمت ببرمجة مثل تلك المعتقدات، وغرستها عميقا في واقعك الباطني (اللاوعي) أي وعيك الداخلي، فسوف تنتهي تلك المعتقدات إلى أنه تتجسد في حياتك. ولنقلها ببساطة، إنه التصديق الواعي و " رؤية " ما نعتقد به هي مفتاح الإنجاز.

 

التفكير الاعتيادي

العلك تتساءل لماذا لا يتحلى المزيد من الناس فلا بالمعتقدات الجوهرية للفوز. ومرة أخرى، نعود للعالم الحقيقي الذي نعيش فيه. فمن المقدر أن هناك خمسين ألف فكرة على الأقل ترد بخاطرنا كل يوم، أي حوالي خمسة آلاف فكرة كل ساعة. وأنا أسألك: كم عدد الأفكار التي تراودك خلال أحد الأيام، وتعتبر أفكارا | إيجابية؟ إذا كان مقدارها خمسين بالمائة، فهذا يتوازن مع نسبة الخمسين بالمائة من الأفكار السلبية، وهكذا فانت لم تفعل شيئا. فلابد من أن ترتفع فوق نسبة الخمسين بالمائة، وأعتقد أن النسبة لابد أن تقترب من ثمانين أو تسعين بالمائة، قبل أن تستطيع أن تأمل في إحراز أي تقدم حقيقي -ويمكن تحقيق هذا فقط عن طريق السيطرة على أفكارك، فكرة مع كل مرة.

 

 

إياك أن تؤمن بشيء،

 بصرف النظر عن المصدر الذي قرأته فيه،

أو الشخص الذي صرح به.

ولو كان أنا نفسي

. إلا إذا كان يتفق مع منطقك الخاص،

وفكرك الرشيد.

بوذا"

معلم ديني

 (563-483 ق. م)

 

 

 

إن المقصود بالسيطرة على التفكير ببساطة هو أن نفكر بالشيء الواحد الذي ننشده، وألا نفكر بالنقيض، ولكنها ليست مهمة سهلة بالنسبة لأغلبنا؛ لأننا قد اعتدنا ممارسة التفكير السلبي طيلة حياتنا. إننا نفترض وحسب أننا لم نمتلك أبدا الاختيار، والحق أن أغلب الناس سيعتبرون أية محاولة للقضاء على الأفكار السلبية في أذهانهم ما | هي إلا حماقة خالصة؛ فهم يعتقدون أن تلك الأفكار السلبية هي شديدة القوة وكفى، ولكن أهي كذلك حقا؟

إن التفكير السلبي ما هو إلا عادة أخرى، وهي عادة جاءت ببساطة كنتيجة للتفكير بطريقة اعتيادية، وهكذا فإذا ما فكرنا بطريقة مختلفة، يمكننا کسر العادة، أية عادة، كالتدخين مثلا. وهل التخلص من عادة أمر سهل؟ ليس للكثير من الناس. وفي الوقت نفسه، بعد أمرا سهلا بالنسبة للعديد من الآخرين. بالطبع يقتضي النجاح في هذا التزاما بأمر ما، والمثابرة عليه، وأن نؤمن بأننا سوف نكون أفضل حالا إذا ما تخلينا عن العادة مما لو واصلنا العكوف عليها. غالبا ما يقتضي الأمر ما يعرف في علم النفس باسم الحدث الانفعالي الشديد الوطأة، من أجل تغيير رضاهم بالأمر الواقع؛ فعلى سبيل المثال، إذا ما تعرض شخص مدخن لأزمة قلبية منذ وقت قصير، أو تبين وجود بقعة سوداء على رئته، فمن غير المفاجئ أن يعيد التفكير في ابتعاده عن التدخين، وهكذا فلتفكر في الأمر. ما مدى البؤس الذي تريد أن تبلغه قبل أن تكون مستعدة لاتخاذ بعض الخطوات لتصحيح مسار حياتك؟

 

من أين تنبع الأفكار؟

يقع معظم الناس ضحية لوهم أنهم يفكرون، أو بتعبير آخر يعتقدون أنهم يقومون حرفيا بصنع الأفكار، فما أبعد هذا عن الحقيقة! فلم يكن بمقدور أي شخص أن يقول لنا كيف تصنع الأفكار، أو كيف يبدو شكلها، أو من أين تأتي، أو إلى أين تمضي بعد استخدامنا لها، والحق أن جميع الأفكار، سواء تلك التي وجدت في وقت ما، أو سوف توجد قد تم صنعها، وتكوينها من قبل. إنها توجد مثل روح. تمثل الذكاء الكوني الذي يمكن لكل منا اللجوء إليه عبر عقلنا الباطن.

عن طريق التحليل الحريص لعملية التفكير، نجد أننا لسنا صانعي الأفكار ولكننا بالأحرى مراقبون للأفكار، بينما هي تتقافز إلى داخل وخارج نطاق وعينا. إن عقولنا أقرب إلى محطات استقبال عملاقة تجذب إليها الأفكار التي تحشد في موكب عبر وعينا في تيار لا ينتهي أبدا، شديد الشبه بالنقاط، والخطوط القصيرة الخاصة بشفرة مورس، ومن زاوية النظر الخاصة بعقلنا الواعي نكون أشبه بمراقبين أبرياء

 

 

 

عاجلاً أو آجلاً سيكون على كل واحد منا

أن يتنفس إحدى الذرات

التي كان قد تنفسها من قبل أي شخص

يمكننا أن نتخيل

" مايكل آنجلو" أو" جورج واشنطن"

أو أحد العظماء

 

"جاكوب برونوفسکی"

 فيلسوف، وعالم إنجليزي

(1908-1974)

 

 

 

للعملية كلها، نراقب العمل برمته في براءة تامة من بعيد، وأن نصير واعين ببعض المعلومات، يمكننا أن تبطئ من الإيقاع وننشغل بها. وأفكار أخرى يمكننا معرفتها ببساطة من خلال تحية مقتضبة، ونرسلها من حيث أتت، ولكننا لسنا المسئولين عن وضع تيار الأفكار في حالة حركة، ولا نستطيع إيقاف حركة هذا التيار مهما اجتهدنا في المحاولة.

ولعل خرطوم مياه الحديقة لهو مثال طيب على ما نقوله، إذا ما فتح على آخره؛ فعن طريق التحكم في الصنبور يمكننا أن تبطئ من تدفق التيار، أو تسرعه، أو نوجهه نحو اتجاه بعينه، ولنقل للأعلى -إيجابيا، أو للأسفل -سلبيا. فمثلا، أنا لا أقعد و " أصنع " أي أفكار مما كونت هذا الكتاب بنفسي. لكنني فتحت الصمام ببساطة، وتحكمت بالتيار، ووجهت أفكارا نحو اتجاه بعينه، وإذا ما عثرت على فكرة تروق لي أنتقيها وأسجلها. وكل الأفكار الأخرى أستبعدها باعتبارها غير ذات صلة، ثم أدعها تواصل رحلتها وحسب، فعلى كل حال، قد تكون ذات جدوى لشخص آخر سواي! (فمثلا، من أين واتتني تلك الفكرة الخاصة بخرطوم الحديقة على أي حال؟).

بالطبع، إنني لا " أختلق " شيئا، باتباع هذه العملية. والنتيجة، عندما تتجمع هذه الأفكار معا، وأقوم بتدوينها، فما هي إلا دليل على آلاف الاختيارات التي قمت بها من بين كل الأفكار التي مرت بطريقي، وهي تخبرك بقدر عظيم بشأن الأفكار التي انتقيتها، ولكن بالتأكيد فهي لا تخبرك إلا بأقل القليل بشأن العديد من الأفكار التي لفظتها، ونحيتها جانباً.

 

شرطي المرور

كل منا هو الشخص الوحيد الذي يوجد في حالة تواصل دائماً مع نفسه. ونحن نعمل مثل شرطي المرور. كل منا هو الشخص الوحيد الذي باستطاعته أن يراقب الأفكار، ويتحكم بالصور التي تمر بخواطرنا. فإذا ما سمحنا للصور بالتأثير علينا، وتوجيهنا بشكل عشوائي، فلسنا هكذا في موضع السلطة والمسئولية، ولكن إذا كان تركيزنا بشكل مبدئي لا يقع إلا على تلك الأفكار والصور التي تتوافق مع أعمق رغباتنا وطموحاتنا، فإننا نوجد بهذا نمط الحياة التي ننشدها. ربما لا نكون قادرين على إيقاف الأرض عن الدوران، أو تحويل موقع أحد النجوم، لكن باستطاعتنا تحديد الأفكار المهيمنة حاليا على عقولنا، أي ما الذي نفكر بشأنه، بصرف النظر عما يبلغنا به العالم.

 

 

 

لعل

آخر الحريات الإنسانية

تتمثل في اختيار المرء

لتوجهه النفسي والعقلي

 تحت ظل أية مجموعة من الظروف والملابسات.

أي أن يختار المرء سبيله الخاص.

 

فكتورإی، فرانکل

MANS SEARCH FOR MEANINGمؤلف

 

 

إن الوجه الإيجابي أو السلبي لأي فكرة يتحدد بالطبع بناء على تأويلنا لها أو" الإطار " الذي نضعها فيه. لنفترض أنك وقعت أسيرا لبعض الأمور التي قمت بها، أو التي لم تقم بها فيما مضى، فإن لدينا جميعا بعض مشاعر الندم، والتي نفضل ألا ننشغل بها، ولكنك إذا وضعت تلك الأفكار بداخل " الإطار " التالي-كل ما يحدث له سبب وغرض، ويخدمنا بطريقة ما. وستكون عندئذ وخزة استدعائها أقل ألما علينا. أو يمكنك القول حسنا، نعم، لم أقم بكل شيء كان ينبغي على القيام به، فالمرء یکسب بعض الأشياء، ويخسر بعضها. ولكن مازال رقمي القياسي فوق الخمسمائة، وما من شخص في مجال البيسبول يمكنه قول ذلك من نفسه!".

أو لنفترض أنك كنت تتلعثم في الكلام كطفل، وتفتقر للثقة بالنفس بالتالي كنتيجة لذلك، فإن الأبحاث تقول لك إن سير " إسحاق نيوتن "، والسير " ونستون تشرشل "، والملك " جورج السادس "، والكاتب " سومرست موم "، و " تشارلز دارون "، و " أرسطو "، جميع هؤلاء كانوا يتلعثمون في صغرهم، وهكذا فإنه بوسعك أن تحط من قدر نفسك عقليا بسبب هذه النقيصة، أو بدلا من هذا أن تعلي من قدر نفسك نظرا لانضمامك العقلي بآخرين ممن كانوا متلعثمين مثلك، فهل هؤلاء مجموعة سيئة من الأشخاص لا يروق لك الانضمام إليهم؟ فإذا كان هذا عيبا وراثيا، قد يكون هو العيب الذي نرغب فيه! يمكن قول الأمر نفسه بشأن أي قصور تقريبا، أي "قصور" مزعوم للشخصية، سواء كان بدنيا أو عقليا.

إننا جميعا نتأثر بالأحداث التي تقع في حياتنا، وبعضها يمكننا السيطرة عليه، وأخرى لا نستطيع ذلك معها، لكن السؤال الحاسم ليس هو ما إذا كنا نستطيع التحكم محدث محدد أم لا، لكنه يتعلق برد فعلنا عليه. أي الإطار الذي نضعه حوله -هذا هو الأهم. إن استجابتنا على أي حدث هي ما تحدد أثره علينا. كل ما علينا هو أن نضغط زرا على لوحة مفاتيح الحاسوب لكي نحدد المعنى لكل شيء في حياتنا.

 

وعلى سبيل المثال، خلال السعي وراء أحد الأهداف بالنسبة لكثير من الناس، فإن مفهوم الفشل غير وارد. إنه غير ذی معنی أصلا. إنهم ببساطة ينظرون إليه على أنه تجربة للتعلم، وعلامة على التقدم، أي حصاة على طول الطريق، وبمعنى واقعي جذا، فإننا نستطيع ممارسة سيطرة تامة على أفكارنا، تكون لنا السيطرة التامة على حياتنا -إذا ما تعلمنا كيف نستجيب استجابة مبتكرة، وإيجابية على الأحداث، خاصة تلك الأحداث غير المتوقعة، أو تبدو للوهلة الأولى غير مرغوبة.

 

 

 

عندما تواجه بالاختيار

ما بين تغيير عقليتنا،

وإثبات أننا لسنا بحاجة لتغييرها،

 فيكاد يكون كل شخص يسعى

لإثبات أنه بغير حاجة لذلك.

 

جون كينيث جالبريالى"

رجل سياسة، ومعلق ولد بكندا

 

 

تذكر: الأفكار وحدها هي ما يمكن أن يمنعنا عن المضي في اتجاهات جديدة -أي أفكارنا نحن بالطبع! إنها الأفكار الإيجابية التي تقود إلى معتقدات إيجابية، وبالتالي تقود هذه المعتقدات بدورها إلى نتائج إيجابية. إننا لا نرغب في أن نطير مع أي نسمة هواء، ونترك أنفسنا لعبة في أيدي أي فكرة قديمة قد اعترضت طريقنا. نحن لا نرغب أن نترك أنفسنا لتتحكم بنا المصادفات والظروف. إننا نريد أن نمسك بالزمام والسيطرة الشيء الذي ينبع من ممارسة " قدرتنا على الاستجابة ".

إن الحياة معلم قاس إذا سمحنا لها باستهلاك قوانا حسب هواها. لابد لنا أن ننهض ونتهيأ إذا أردنا أن نكون مؤثرين على التغيرات ذات الأهمية بالنسبة لنا. في هذه الرحلة، يكون أمامنا خياران. يمكننا أن نمضي قدما وحسب، ونتعلم من أخطائنا، لكن هذا المسار يستهلك الوقت، ويحمل لنا العديد من العثرات والمنزلقات. أو بوسعنا أن نتعلم من أخطاء الآخرين، أولئك الذين مروا من هنا قبلنا، واكتشفوا ما الذي يجدي نفعا، وما الذي لا يؤتي ثماره.

نحن بحاجة لأن نطرح على أنفسنا هذا السؤال: " هل هناك أي شيء لا يمكنني تعلم المزيد عنه من أجل القيام به بشكل أفضل؟ بالطبع لا. هناك أسرار للنجاح ... ولكن ليس منها ما لا يمكن اكتشافه عبر البحث المجتهد. واليوم هناك المزيد من المعلومات متوفرة حول كيف نكون ناجحين في الحياة، متوفرة أكثر من أي وقت مضى، فهناك اليوم كتب، وشرائط سمعية، وشرائط فيديو، ومحاضرات، ومنتديات عامة متوفرة للجميع، وغالبا بأسعار معقولة، وبل وأحيانا تكون مجانية في مكتبتك العامة المحلية.

 

نحتاج وحسب للاطلاع على هذه المعلومات حتى نمضي قدما بسرعة في حياتنا. لا تنتظر أن تسعى هذه المعلومات إليك وأنت جالس مكانك؛ فلن تتحرك سعيا إليك. لابد أن تكون أنت المبادر في هذا السعي الشديد. فلتكتشف المعتقدات الخاصة بالمنجزين المتفوقين عالميا. هؤلاء الذين اتخذوا تحركا له مقصد، ولتتبن تلك المعتقدات، وكأنها معتقداتك الخاصة بك، وهذه نقطة انطلاق طيبة، وكما أشار شخص حكيم ذات مرة: " المشكلة التي تكمن في الاكتفاء بالتعلم من المدارس والجامعات بالقوة والشدة هي انه مع الوقت يصير الشخص مستعدا للتخرج، وكذلك مستعدا للموت العقلي! " إن أفضل استثمار يمكنك القيام به هو الاستثمار في نفسك، في اكتشاف مواهبك، وقدراتك المتفردة، وتنميتها لتجعل حياتك نابضة بالحيوية والنشاط، وأكثر تشويقا وإثارة، وذات مغزى كذلك.

 

 

إنك تحظى

بقدرة خارقة

لأن تعيش أحلامك، فقط إذا استطعت

التحكم بأفكارك.

 

" ويللى فيماس " آموس

مؤسس شركة "آموس فيماس"

لرقائق البسكويت بالشوكولاتة

 

 

أشعل حماستك؟

هيلين كيللر

ولدت هيلين كيلر في ۲۷ يونيو ۱۸۸۰، في بلدة صغيرة بولاية آلاباما. وفي شهر فبراير عام ۱۸۸۲، وعندما بلغت عاما ونصف العام من عمرها، أصيبت هيلين بمرض غامض، وعانت من حمى مرتفعة للغاية، ومن ألم رهيب، وحينما تعافت أخيرا، كانت قد صارت صماء وعمياء كذلك.

حين بلغت هيلين السابعة، رتب لها والدها مع إحدى المعلمات، وهي " آن سوليفان "؛ لكي تنتقل للعيش مع الأسرة، وقد علمت " آن " "هيلين " في نهاية المطاف كيف تتواصل مع الآخرين باستخدام حركات الأصابع، وكيف تقرأ بطريقة " برايل "، وكيف تتحدث في النهاية. كانت " هيلين " من بين أوائل الأشخاص الذين استطاعوا إتقان تلك المهارات مع إعاقتها المحددة. كانت " آن سوليفان "هي شريكتها الدائمة على مدار الخمسين عاما التالية.

ما الذي قدمته " هيلين " في حياتها، على الرغم من إعاقتها التي تبدو مستعصية؟ لقد تخرجت في كلية راد كليف في عام 1904 مع مرتبة الشرف ، جنبا إلى جنب بعض أكثر الشابات ذكاء في زمانها، وصارت متحدثة عامة بارعة للغاية ، وناقدة اجتماعية ، وكرست حياتها بكل شغف من أجل مساعدة الجماعات المحرومة اجتماعيا مثل الفقراء ، والمشردين ، والأقل حظا بوجه عام ، وقد كتبت خمسة كتب ، واكتسبت علاقات صداقة حميمة ببعض مشاهير عصرها من أمثال " ألكسندر جراهام بيل"، و " مارك توين "، و "آلبرت آينشتاين"، و " تشارلي شابلن "، وقابلت ملوك وملكات أوربا ، وكل رئيس للولايات المتحدة تقلد المنصب خلال عمرها ، وفي الخامسة والسبعين من عمرها، كانت هي أول امرأة تتلقى درجة شرفية من جامعة هارفارد ، وقد تم إنتاج أفلام عن حياتها.

توفيت " هيلين " في 1 يونيو 1968، وبقيت حتى يومنا هذا مثالا ساطعا ومشرقة الملايين الأشخاص، لكل هذا القدر الكبير الذي يمكن إنجازه خلال حياتهم حتى ولو انطلقوا بأقل القليل. ما عليك إلا أن تنظر إلى ما وراء المعوقات الجلية، إلى ما هو محتمل، وإلى ما هو مهم، وإلى ما هو ضروري.

إنك تصنع اختلافا من خلال إعطاء شيء من نفسك لمصلحة الآخرين. لقد صنعت " هیلین کیللر " هذا الاختلاف. لقد جرؤت على أن تحلم أحلاما کبری، وعلى هذا النحو اشتعلت بالحماس!

 

ثمة قاسم مشترك بين

 جميع الرجال والنساء الذين حققوا منجزات عظمی؛

 لقد آمنوا بقدرتهم على تحقيق هذه المنجزات

إن هذا الإيمان، وما يوحى به من

 تصميم لا يتزحزح، هو العنصر

الضروري للنجاح.

 

جیم رون"

مؤلف، ومتخصص في تحفيزات الذات