هذه هي الوسيلة الثانية التي يستخدمها الآباء للتحكم في أبنائهم البالغين -الذنب؛ فبعض الآباء يفرطون في استخدام هذه الوسيلة، غير مدركين أن أبناءنا مخلوقات حساسة قد تؤثر فيهم بشدة أبسط مشاعر الإحساس بالذنب.

وأكثر جانب لعملية إشعار الأبناء بالذنب يتعلق بمقدار الاهتمام الذي يبديه "الطفل" لوالده؛ فعبارات مثل: "إن أختك تتصل بي كل يوم" أو"أنا أعلم أنك مشغول في عطلات نهاية الأسبوع، وأتمنى لو كنت منشغلاً مثلك"، كلها تهدف لإشعار الطفل بالذنب حيال عدم قضائه وقتاً أكثر مع والده أو والدته، حتى لو كانت عبارة مثل: " آه، كم سأشعر بالوحدة بمجرد مغادرتك للمنزل”

فلنتفق على أمر محدد؛ إن أطفالك لا يدينون لك بشيء. لا شىء ولا تحدثني عن كم الدم والعرق والدموع التي بذلتها خلال السنوات الثمانية عشرة الأولى من حياتهم؛ فهم لم يطلبوا منك أن تكون والدهم، وبما أنك أقدمت على خيار إنجاب أطفال فانت مسئول إذن عن كل هذا الجهد.

إنك تدين لهم بالكثير، بينما لا يدينون هم لك بشىء. لذا ليس من السليم أن تعطى لأبنائك الانطباع بأنهم يدينون لك بشىء _ سواء كان الوقت أم الاهتمام أم المال أم أي شى، آخر.

بالطبع، أنت من الآباء المتميزين وأبناؤك سيرغبون في فعل الكثير من الأشياء من أجلك. وحقيقة أنهم لا يدينون لك بهذه الأشياء، يجعل من أمر إعطائها لك من قبلهم أمراً رائعاً بحق؛ فالأبناء الصالحون هم من سيعتنون بك في كبرك لأنك تستحق هذا ولأنهم يحبونك، بعض الأبناء يعتنون بآبائهم بدافع الذنب، لكنهم لا يستمتعون بهذا كما أنهم يتضايقون من آبائهم لاضطرارهم لفعل هذا، وهذا ما لا نريده بالطبع. إنك تريد أن يمنحك ولدك وقته واهتمامه بكامل حريته لأنك تستحق هذا، ولن تحصل على هذا إذا ما أشعرته بالذنب.

لابد أن لك أصدقاء يقولون عبارات مثل: " لابد أن أرى والدى في عطلة هذا الأسبوع حيث إني ‏لم أره منذ شهر" ، أو " أنا مشغول الليلة. إن والدتي معتادة على الاتصال بي كل يوم أربعاء ‏وتتحدث معي على الأقل ساعتين هاتفيا”.

ربما تكون قد قلت عبارات كهذه أنت نفسك، لكنك ‏في الحقيقة تريدهم أن يقولوا: ”أنا لا أستطيع فعل هذا _ فانا أريد حقاً رؤية والدى هذا ‏الأسبوع” أو” أنا لم أتحدث مع والدتي بصورة جيدة طوال الأسبوعين السابقين، ولكم أتوق ‏للحديث معها باستفاضة". تخلص من الذنب لأنهم مهما فعلوا من أجلك بدافع الذنب؛ فهم ‏قادرون على عمل الضعف دون الإحساس بالذنب، وسوف تعلم وقتها أنهم يستمتعون بهذا.‏

إن أفضل هدية يمكن أن تمنحها لأطفالك هي الاستقلال، ليس استقلالهم. بل استقلالك أنت؛ ‏عاطفياً واجتماعياً ومالياً. فإذا استطعت هذا فأنت هكذا تحررهم من الذنب تماماً وهكذا فإن ما ‏يقدمونه لك سيكون بدافع الحب وحده.

إن أبناءك لا يدينون لك بشيء. لا شيء على الإطلاق