أنت تعلم أن أبنائك هم أهم شيء في حياتك، لا شك في هذا -لكن هل يعلمون هم ذلك؟ في معظم الأحوال ليس من الصعب عليك أن تمدهم بحبك واهتمامك، لكن قد يكون هذا صعباً إلى حد ما إذا كان تفكيرك ومشاعرك مشغولين بشيء آخر؛ فحين تكون قلقاً، مضغوطاً، حزيناً بشدة فقد لا يكون من السهل عليك تذكر إبداء اهتمامك بأولادك أولاً.

في تلك اللحظات السوداء، ستخضع قدرتك الطبيعية على الاهتمام والصبر لاختبار عسير، وفجأة سيكون من الصعب إيجاد الوقت لكي تقرأ لطفلك قصة ما قبل النوم أو تهدئه، ناهيك عن رحلات التسوق معاً أو ممارسة كرة القدم معاً. فحين تكون الأمور صعبة ستجد أن أطفالك يحصلون منك على ما هو أقل من المتوقع. بل ربما يصيبهم منك قدر أكبر من العصبية والصياح لأن أعصابك على قدر أقل من اهتمامك ووقتك.

إنني أعرف أنه قد لا يكون بيدك ما تفعله حيال هذا الأمر؛ فهناك أشياء في الحياة تستحوذ على وقتك وتجعلك سريع الغضب، وتثير الضيق فيمن حولك. فمثلاً إذا كنت بصدد ببع منزلك أو كانت والدتك مريضة للغاية أو كان رئيسك في العمل على وشك فصلك أو أن أحد أطفالك في المستشفى، فلن تكون عندئذ في حالتك الطبيعية المرحة -ولا يمكن لأحد أن يتوقع منك هذا.

بعض الأزمات صرها قصير، والبعض الآخر قد يمتد لأسابيع وشهور، بل وحتى سنوات. ستكون على الأرجح قادراً على العناية بنفسك وقتها، لكن إعطاء الأولوية والاهتمام لأولادك قد يكون أفضل شيء تفعله -حيث سيمكنك من التركيز خارج إطار نفسك، والتوقف عن النواح، ويعطيك سبباً لتكافح الأزمة من أجله.

وفي الواقع فإن أفضل وسيلة تتأكد بها من أن أطفالك يعلمون أنك. توليهم اهتمامك هو أن تفعل هذا فعلا، وإذا ما تركت تفكيرك محصوراً في الرثاء لذاتك، فسيكون هذا ظاهراً عليك، وحتى إن كان لديك سبب وجيه لأن ترثي لنفسك، فسوف يلاحظ أبناؤك أنك تهتم بنفسك أكثر من اهتمامك بهم.

وإذا لم تكن تريد أن يحدث ذلك، وتريد منهم أن يعلموا أنك تهتم بهم أكثر من أي شيء آخر، فاحرص على إظهار هذا لهم -وسوف يتفهمونه. قد يشكون أحياناً من أنك لم تعد تفعل هذا الأمر أو ذاك كما كنت معتاداً من قبل، إلا أنهم في داخلهم سيكونون موقنين بأنهم أهم شيء في حياتك حقاً.

إذا ما تركت تفكيرك محصوراً في الرثاء لذاتك فسيكون هذا ظاهراً عليك.

لابد أن يكون هذا حقيقياً بالطبع؛ فلا جدوى من النواح أو أن تقول لنفسك أحياناً: " بالطبع، أطفالي أهم من أي شيء آخر"، فهذا لن يفيد. لكن إذا كانوا حقاً هم أهم أولوياتك في كل قرار تتخذه، وإذا حرصت على حصولهم على كل ما يحتاجون إليه معظم الوقت، حتى حين تكون الأمور عسيرة عليك، فسوف يكتسبون الثقة. ويعلمون من داخلهم أنك تحبهم بحق.