الحب وحده لا يكفي

كم مرة سمعت هذه العبارة التقليدية: “أهم شيء تعطيه لأبنائك هو حبك؟".

حسناً، من المعروف أن الحب شيء أساسي، وأعتقد أننا متفقون جميعاً على ذلك، لكن إذا كان الحب هو الشيء الوحيد الذي ستعطيه لأطفالك، فهكذا ينقصهم الكثير.

الآباء المتساهلون الذين يتبعون أساليب الهيبيز (أعلم عنهم الكثير -حيث كنت واحداً منهم من قبل) يتخيلون دوماً أنه ينبغي السماح لأطفالهم بالجري بحرية دون أي قيود والاستمتاع بالعالم من حولهم وهم يشعرون بالسعادة لمعرفتهم أن آباءهم يحبونهم، وممنوع عليك أن تضع أي ضوابط لسلوكهم (وإلا لصرت هكذا تسيطر عليهم) أو تهذب من سلوكياتهم (وإلا لكنت مثل السجان الذي يحد من حريتهم).

لكن مهلاً.

حسناً، هذا أفضل؛ حيث كنت على وشك التقيؤ من فرط اشمئزازي مما قيل. والآن، لنعد إلى صوابنا من فضلكم.

لقد عشت لفترة في "جلاستونبيري"، وهكذا شاهدت عدداً كبيراً من أطفال الهيبيز وهم يكيرون من حولي. وبمجرد وصولهم إلى مرحلة البلوغ كانوا يصارعون لشق طريقهم في الحياة الواقعية، ويقاسون لإقامة علاقات زمالة وصداقة مع أصدقائهم ورفقاء العمل.

كان البعض منهم يكافحون ليوفروا لأنفسهم وجبة طبيعية بعد أن قضوا ثماني عشرة سنة يعتمدون في طعامهم على وجبات البازلاء التي لاتسمن ولا تغني من جوع بل إني عرفت أن البعض منهم قد سافروا للخارج فراراً من آبائهم.

نعم، أوافقك في أنك يجب أن تحب أبناءك، لكن هناك أشياء أخرى لابد أن تمنحها لهم إلى جوار حبك: الانضباط، ضبط النفس، القيم، القدرة على إقامة علاقات طبيعية، نمط حياة صحي، دائرة اهتمامات، قدر محترم من التعليم، عقل متفتح، القدرة على التفكير في أنفسهم، فهم لقيمة المال، مهارة الثقة بالنفس، القدرة على التعلم -ولا ننسى بالطبع تصفيفة الشعر الطبيعية.

لقد بدأت مهمة كبيرة حين رزقت بأطفال، وستتطلب هذه المهمة منك عملاً شاقاَ لبقية حياتك

لم يقل أحد إن الأمر سيكون سهلاً. لقد بدأت مهمة كبيرة حيت رزقت بأطفال، وستتطلب هذه المهمة منك عملاً شاقاً لبقية حياتك. إن مجرد حبك لأطفالك لم يعد كافياً ولا ينبغي أن يجعلك تعتقد أنك هكذا إنسان رائع أدى كل ما عليه. إن السماح لهم بفعل ما يحلو لهم متى يحلو لهم لن يفيدهم ألبته؛ لذا يجب آن تتدخل، وهذا التدخل سوف يتطلب منك بذل كل ما لديك من دم وعرق ودموع. لكن مهلاً، انظر حولك، هناك الكثير من الآباء الذين استطاعوا تحقيق هذا الأمر. لابد أنه ليس بهذه الصعوبة إذن -ومع هذا ضع في اعتبارك دوماً أن هناك مهمة ثقيلة ملقاة على عاتقك تنتظر منك التنفيذ. من حسن الحظ إذن أن أمامك ثماني عشرة سنة كاملة لإنجازها بنجاح.