لدىّ صديقة تنتمي إلى عائلة ثرية، ولقد ساعدتها عائلتها في أن تشترى منزلا خاصاً بها؛ بأن أمنت لها رهناً عقارياً منخفض الفائدة، ومؤخرا قررت صديقتي أن تبيع منزلها وتذهب للعيش بالخارج، وتشترى منزلاً في مكان ما في سويسرا، ولقد أخبرتها عائلتها أنها ستقوم بإلغاء الرهن العقاري إذا باعت المنزل لأنهم لا يوافقون على قرارها هذا، ومع ذلك، فإذا انتقلت لمكان آخر يوافقون عليه فسوف يسمحون لها بأخذ الرهن العقاري معها.

أرجوك ألا تفعل شيئاً كهذا مع أطفالك؛ فهو ينطوي على استغلال وتحكم في أطفالك، ومجرد التفكير فيه يجعلني أغضب بشدة. فإما أن تأتمن ولدك على المال أو لا تأتمنه. وإذا لم ترد إعطاءه من مالك فاتركه لحاله ودعه يواصل حياته معتمداً على نفسه.

أما إذا كنت تأتمنه فأعطه المال واتركه يفعل ما يشاء لكن لا تحاول تحت أي ظرف من الظروف أن تحكم في حياة ولدك عن طريق إعطائه هدايا مشروطة، سواء كان ذلك على صورة مال أم غير ذلك.

يؤسفني أن أقول إنني أعرف آباء يستخدمون كافة السبل للتحكم في حياة أطفالهم، والمال هو أكثر هذه الوسائل شيوعاً؛ فهم يدفعون لأحفادهم مصاريف المدرسة، لكن فقط إذا ذهبوا إلى المدرسة التي يختارونها لهم، أو يساعدونهم على شراء سيارة أو منزل، لكن فقط إذا ما وافقوا على اختيارهم.

إن الأمر ينطوي على استغلال وتحكم في أطفالك، ومجرد التفكير فيه يجعلني أغضب بشدة.

وهناك آخرون يفعلون هذا إلى حد ما؛ فهم يعطون أولادهم المال ثم يقولون شيئا من قبيل: ’’لم أكن لأعطيك إياه إذا علمت أنك سوف تضيعه على تلك الإجارة التافهة"؛ أو أي شىء آخر لا يعجبهم. لا يمكنك أن تفعل هذا، بأطفالك: فأنت بهذا تواصل تحكمك بهم، وتخبرهم بأنهم لا يستطيعون إدارة حياتهم بأنفسهم. لا ضير في هذا إذا كانوا عاجزين عن إدارة حياتهم بأنفسهم فعلاً لكن هذا سيكون خطأك أنت من الأساسي. فما الذي كنت تعلمهم إياه إذن طوال الثماني عشرة سنة الأولى من حياتهم بالله عليك؟

عفوًا_ لقد انفعلت قليلا، لكنك والد متعقل ولن تقدم على فعل شىء كهذا. لكن دعني أعطك مثالين لأصدقاء لي قاموا بوضع بعض المال في صندوق استثماري من أجل أحفادهم، وهذان المثالان يظهران طريقتين متقابلتين في التفكير. أما الأشخاص الذين يملون شروطهم فقد فعلوا ما يلي: فقد وضع الجدان صندوق الاستثمار لكن نصبا نفسيهما وصيين عليه.

وبمجرد وصول الأحفاد لسن الثامنة عشرة صار الجدان يتحكمان في خياراتهما سواء كانت بخصوص شراء سيارة، أم قضاء إجازة، أم الذهاب للجامعة دون ديون، أم شراء منزل، ولقد تم استبعاد الوالدين من المعادلة تماماً وحتى إذا اختلفا مع قرارات الجدين. فقد كانا بلا حول تماماً وليس بيدهما شيء.

أما الصديقان الآخران فقاما بوضع صندوق مماثل للأحفاد لكن بعد أن سألاهم عن نوع الصندوق الذي يريدون. ثم نفذا لهم رغباتهم وجعلا من أبنائهما "الوالدين" وصيين عليه. وليس نفسيهما.

وبعد إنشاء الصندوق؛ لم يعد لهما أي حقوق قانونية عليه، ولم يطالبا حتى بمعرفة الوقت أو الكيفية التي سيقوم بها الوالدان بإعطاء الصندوق للأحفاد. هذا هو العطاء غير المشروط ، وهو ما أطلق عليه أبوة من الدرجة الأولى.