إنني أعرف رجلاً بدأت تظهر لديه مشكلات نفسية منذ مرحلة المراهقة. لقد كان معتاداً على قضاء أكبر كم ممكن من الوقت في غرفته مستمتعاً بالموسيقى؛ حيث كانت الموسيقى هي الشيء الوحيد الذي يمتعه حقاً، لكن الأمور ساءت مع الوقت، وحتى بعدها ترك منزله، استمرت المشكلات معه.

وبعد سنوات عدة قال شيئاً مثيراً بحق؛ حيث أوضح أن أكبر ضربة قوضت ثقته بنفسه كانت الطريقة التي كان يسخر بها والداه من الموسيقى التي يحبها وكيف أنها كانت سيئة للغاية.

إنك عندما توجَه انتقاداً لما يحبه طفلك، فأنت هكذا توجه النقد إليه شخصياً إن تلك المرحلة تتسم بالحساسية المفرطة ويمكن أن تسبب بسهولة في فقدان ابنك ثقته بنفسه وأن تُشعره بعدم رضاك عما يحب أو حتى عنه هو شخصياً سواء كان الأمر متعلقاً بالموسيقى التي يحبها أم بآرائه السياسية أم بطريقة ملبسه أم بقراره بأن يكون نباتياً، سيكون طفلك بحاجة إلى معرفة أنك توافق على خياراته.

وهذا هو أحد أوجه التناقض المميزة بشأن المراهقين؛ فمن ناحية، هم يريدون آن يثوروا ويصدموك ويفعلوا أشياء تغيظك بحق، إلا أنهم من ناحية أخرى يبغون تقبلك والحصول على رضاك. إنني أعلم أن هذا قد يكون محيراً لك.

لكنه أكثر حيرة لهم. إن المراهق محاصر داخل عقل وجسد يحاولان التحول من مرحلة الطفل المعتمد على الغير إلى مرحلة البالغ المعتمد على نفسه، وفي معظم الوقت لا يدري المراهق نفسه ما الذي يريده بحق؛ ففي لحظة ما تجده يتكبر بأسرع ما يمكن، وفي اللحظة التي تليها تجده خائفاً ويرغب في التمهل. لابد أن تتقبل هذا وتسير مع التيار.

إنني أعلم أن هذا قد يكون محيراً لك، لكنه أكثر حيرة لهم.

في الوقت ذاته عليك إظهار اهتمامك حيال الأشياء التي يستمتع ولدك بها؛ فهو سوف يقدر هذا، حتى إن لم يكن يظهر تقديره علانية. لا داعي للمبالغة_ بل أرجو منك ألا تفعل؛ حيث لا يوجد شيء أسوأ من والد عمره نصف وأربعون عاماً يتظاهر بالاهتمام بأحدث موسيقى الروك.

لا تبالغ في محاولاتك_ بل فقط أظهر اهتمامك، واعلم أنه ليس عليك التظاهر بأنك من أحد معجبي نوع الموسيقى أو موضة الملابس التي يفضلها ابنك، لكن لا ينبغي الحط من شأنها كذلك.

بل إنك في الواقع قد تكتشف العديد من الأشياء الممتعة، وهذا واحد من الجوانب الإيجابية الكثيرة لوجود طفل مراهق لديك: فهو قريب من مرحلة الرشد بحيث يكون لديه بعض الاهتمامات القيمة، وإذا كنت واسع الأفق ستكون قادراً على تعلم الكثير منه-وأنت واسع الأفق بالطبع.