هل بعض الصحاري أكثر جفافاً من البعض الأخر؟

بعض الصحاري أكثر جفافاً من بعضها الآخر، ويرجع هذا في الغالب إلى أن سقوط المطر في الأولى أقل.

وبعض الصحاري الأقل جفافاً، يحصل على قدر من ماء المطر قد يصل إلى ۲۰ سنتيمتراً (10 بوصات) أو أكثر في السنة. إن ۲۰ سنتيمتراً (عشر بوصات) من المطر ليست بالكمية الكبيرة. فهي أقل من ثلث كمية المطر التي تسقط سنويًا على معظم ولايات أيوا وإلينوي ومشجن بالولايات المتحدة الأمريكية. وهي أقل من ربع كمية المطر التي تحصل عليها بورتلند (تعدادها أزيد قليلا ۲۰۰۰۰۰ نسمة) بولاية أورجن أو لتل ك (تعدادها أزيد قليلا من 88.000 نسمة) بولاية أركانسو، بالولايات المتحدة الأمريكية. وهي سدس كمية المطر التي تخص معظم ولايتى ألباما ولويزيانا.

وتحصل بعض الصحاري على أقل جداً من ۲۰ سم (10 بوصات) من المطر. فبعضها يحصل على أقل من ۱۲٫5 سم (5 بوصات). ومن الصحاري ما لم تسقط عليه أمطار على الإطلاق لمدة عشر سنوات متواصلة. وثمة شيء طريف عن المطر الذي يسقط على الصحاري، وهو أنه تتلوه غالباً شمس مشرقة ساطعة، كما تتلوه عادة قوس قزح ناصعة.

وإذا لم يستمر المطر طويلاً، وإذا كانت الشمس التي تليه حارة جداً، فإن الصحراء قد تفقد كل قطرة من المطر تقريباً بالبخر السريع. ولكن الصحراء لا تحتفظ بالكثير جدا من الرطوبة الثمينة، حي عند ما يطول هطول المطر، وعند ما تسقط كمية كبيرة من الماء من مطر مفاجئ غزير.

فالصحراء لا تظل رطبة أياماً أو تتناثر عليها المستنقعات الفسيحة، كما يحدث في أجزاء أخرى من العالم عادة بعد هطول مطر غزير. فما لم تفقد الصحراوات بالبخر كل ما تستقبله من الماء، فإنها قد تفقده عن طريقين آخرين. وهذا يتوقف على ما إذا كانت المياه ستبقى على سطح الأرض أو تغوص فيها.

وحين تكن أرض الصحراء صلبة مدكوكة، تلفحها الشمس وتجعلها صلبة فإن الماء ينزلق فوق السطح، مثلما ينزلق الماء بالضبط فوق طريق من الأسمنت. فيجرى الماء لأسفل على المنحدرات، وفي خلال أعماق صغيرة، فينحت الماء المنساب الأعماق لعمق أزيد.  وإذا تجمع عدد من هذه الجداول، فإن الماء الذي فيها قد يكون وادياً. وفي معظم السنة يبدو الوادي كشجة عميقة في أرض الصحراء، غاصة بالصخور.

وقد لا يلاحظ الوادي على الإطلاق، لولا أن هناك شجيرات من نبات ضئيل هوروسوس وليفلورا نامية على طول الوادي.

النباتات الصحراوية ودرجة الرطوبة:

وهذا النبات الصحراوي الشائك، غالباً ما يكون دلالة على وجود أرض أكثر رطوبة من المعتاد. وفي الربيع، عندما تكسر هذا النبات الأوراق الخضراء والأزهار الصفراء المخضرة، يبدو الوادي منعشاً ولطيفاً.

ولكن كثرة الماء قد تجعل المكان خطراً جداً. فقد يظل جافا كالتراب شهوراً، ثم إذا به يملأ في بضع دقائق بطوفان من الماء الصاخب وأحياناً يقع الغرب عن البلاد الصحراوية فريسة لفيضان من هذه الفيضانات المفاجئة؛ إذ لا يكون لديهم عادة إنذار بأن طوفاناً من الماء يتدفق عليهم، لأن الأمطار لم تسقط على الإطلاق حيث يوجدون.

ولأن عواصف الصحراء تشمل غالباً مساحة صغيرة جدًا. والافتقار إلى إنذار هو السبب في أن أناساً قد اجترفهم فيضانات الوديان. ويعتقد بعض الخبراء أن عدد من غرقوا بهذه الطريقة في صحاري العالم، أزيد من عدد من ماتوا بسبب العطش.

وقد ينساب ماء الوادي نهائيا إلى مجرى أحد الأنهار. وقد يكون هذا المجري شبه جاف، أو جافا تماماً اللهم في أثناء فترة وجيزة عند ما تكسبه فيضانات الوديان الحياة فجأة .

أو قد ينساب الماء من الوادي إلى حفرة، حيث يكون بحيرة صغيرة سرعان ما تجف بالبخر. ثم ينشطر قاع البحيرة المؤقتة أو يتشقق إلى أن يغطى سطحه بنقوش مُعقدة. وأمثال قيعان البحيرات الجافة كثيرة الانتشار في بعض الصحاري (يُطلق عليها playa) .

وأحياناً يختفي الماء في واد، لأنه يصل إلى منطقة تربتها مفككة، حيث يغوص إلى أسفل. وذلك المك ان بالذات من الصحراء يطلق عليه منخفض.. وهو أكثر خضرة من باقي الصحراء، غالباً لأنه يحصل على أكبر قدر من الماء. وأحياناً يظل ماء المجرى ينساب، ويهبط سطحه تدريجاً بعد انتهاء المطر، إلى أن تتبخر القطرة الأخيرة منه في الهواء الحاف الساخن.

وعند ما تغطى أرض الصحراء طبقة من الرمال المفككة أو الصخور المفتتة، فإن المطر يغوص فيها بسرعة؛ لأن الماء يسقط بين ثنايا الحبيبات المفككة أسرع من تخلله في التربة الغنية لمزرعة خصبة. وفي بعض الصحاري قد يستمر الماء في الهبوط إلى أن يصل إلى طبقة صلبة من الحجر الجيري، فيتجمع هناك مكوناً بركة تحت سطح الأرض، أو يلحق بمجرى ماء تحت سطح الأرض.

يوجد ماء في مكان ما تحت كل صحراء من صحاري العالم. ولكنه قد يكون بعيداً عن السطح مئات الأمتار، بل ألوف الأمتار.