من المبادئ المسلم بها في علم النفس وجود الفروق الفردية بين الناس في الذكاء والقدرات والمواهب والميول... وان الأفراد يختلفون في نموهم العقلي – نتيجة عوامل عديدة - وما يرتبط به من مظاهر سلوكية. وتظهر هذه الاختلافات في معدل النمو العقلي ومستواه.

1- تعريف التخلف العقلي

إن "معدل النمو العقلي هو مدى النمو الذي يحدث في وحدة زمنية معينة"؛ أما مستوى النمو فهو مستوى الأداء الذي وصل إليه الفرد في الأعمال التي تتطلب عملا عقليا، وقد يستدل عليه من محركات ووسائل معينة.

فكل فرد ينمو بمعدل معين.. ويصل إلى مستوى عقلي خاص به..؛ وعلى الرغم من الفروق الموجودة بين الأفراد، فإن هذه الفروق لا تبلغ في حجمها قدراً كبيراً بين أغلبية الناس بحيث يمكن أن نعتبر هذه الأغلبية كما لو كانت تمثل مجموعة متجانسة نسبية من حيث مستوى النمو العقلي ومعدله العام:

  • وهذه الأغلبية هي مجموعة العاديين»، وهي تمثل الأفراد الموزعين حول المتوسط العام والذي لا يريد انحرافهم عن المتوسط بوحدة من وحدات الانحراف المعياري.
  • وهناك عدد قليل من الأفراد تبلغ الفروق بينهم وبين العاديين قدرة كبيرة نسبيا وتسمى هذه المجموعات بفئة وغير العاديين.
  • أن فئة (غير العاديين) هم الأفراد الذي يتجاوز انحرافهم عن المتوسط العام بوحدتين من وحدات الانحراف المعياري، سواء كانت هذه الوحدات سلباً أو ایجاباً.

وتقسم هذه الفئة الى مجموعتين:

1- المجموعة التي تنحرف عن المتوسط العام، من حيث النمو العقلي بوحدتين سالبتين من وحدات الانحراف المعياري ويطلق على أفراد هذه الفئة "المتخلفون عقلياً"

  1.  المجموعة التي تنحرف عن المتوسط العام من حيث النمو العقلي بوحدتين موجبتين من وحدات الانحراف المعياري ويطلق على أفراد هذه الفئة: "المتفوقون عقلياً"

           من هو المتخلف عقلية؟ وما هي الوسائل التي تشخيص التخلف العقلي؟

2- تحديد مفهوم التخلف العقلي:

  1.  يعرف بعض العلماء التخلف العقلي في ضوء نسبة الذكاء التي يحصل عليها الفرد، أي في حدود مستوى القدرات العقلية.
  2.  ويرى البعض الآخر أن التخلف العقلي هو عدم اكتمال النمو العقلي بدرجة تحمل الفرد عاجزة عن تكيفه مع الآخرين.
  3.  وهناك فريق آخر من العلماء يرى التخلف العقلي في نقص مستوى الوظيفي المقلي للفرد.

ويمكن القول إن المتخلف عقلياً هو طفل "غير عادي"، من حيث أنه ينحرف إنحرافاً ملحوظاً عن بقية الأطفال العاديين. ويكمن إنحراف المتخلف عقلية في معدل نمو العقلي ومستوى هذا النمو.

فالمتخلف عقلياً لا ينمو بنفس المعدل ولا يصل أيضا إلى نفس المستوى العقلي الذي يصل اليه الطفل العادي.

ويتضح آثار هذا الانحراف في جميع مظاهر سلوك المتخلف عقليا: السلوك الذي نتوقعه من طفل في مستوی عمر (سبع سنوات)، يشبه السلوك الذي يميز طفلا عادية في عمر أربع سنوات».

 

والسبب في ذلك هو أن المتخلف عقلية يعاني من توقف في النمو العقلي حدث له في سن مبكرة، لأسباب عديدة، منها ما هو وراثي، وما هو بيئي. هناك عوامل مسئولة عن التخلف العقلي: عوامل ما قبل الولادة منها ما هو وراثي عن طريق جينات معينة تحمل الصفات الوراثية.. ومنها الإصابة بأمراض معينة..)، وعوامل أثناء الولادة والصعوبات التي يتعرض لها المولود أثناء الولادة..)؛ وعوامل ما بعد الولادة (تعرض الطفل لأمراض وحوادث خطيرة..)

ويعتبر الطفل متخلفة عقلية اذا ابتعد معدل ذكائه عن معدل الذكاء لسائر الأطفال بمقدار وحدتين من وحدات الإنحراف المعياري سلياً؛ وتمثل هذه النسبة درجات ذكاء. وما تحت.

 

 ويقسم التخلف العقلي إلى فئات:

1- المأفون Moron وتتراوح درجة الذكاء ما بين 50-70.

2 - الأبله Imbecile وتتراوح درجة الذكاء بين 25 -50.

 ٣- المعتوه idiot وتقل درجة الذكاء عن 25.

 

3- مظاهر التخلف العقلي:

من أهم مظاهر التخلف العقلي، أن المتخلف عقلية يتصف بسمات:

ا - ضعف القدرة على التفكير المجرد، واستخدام اللغة أو فهم معاني الكلمات مثل بقية. الأطفال.

 ۲- ضعف القدرة على الانتباه والتركيز.. إذ يصعب عليه التركيز أو الإنتباه لموضوع معين لفترة طويلة، ويميل الى الشرود.

 ۳- ضعف القدرة على التحصيل، فلا يستطيع تحصيل الكثير من مواد الدراسة، كان نشاطه اللغوي والقراءة والكتابة، واستخدام الرموز والعمليات الحسابية.

 4 - تأخر النضج الاجتماعي، فلا يستطيع أن يكون علاقات طبيعية مع الآخرين، وهو يميل إلى الانزواء وعدم اللعبة.

ه - تأخر النمو الجسمي، ويتضح ذلك في الميل إلى قصر القامة، والتأخر في النمو الحركي والمشي.

وهناك بعض الخصائص التي تميز الطفل المتخلف عقلية، من الناحية الانفعالية. مثل كثرة الحركة بلا سبب، وعدم الاستقرار في مكان معين، والنظر حوله باستمرار.. وقد يندفع بغير سبب ويتجه الى العدوان وتدمير الأشياء.

4 - المحكَات الأساسية لتشخيص التخلف العقلي:

يوجد عدة طرق لتحديد معنى التخلف العقلي واختيار المحكات أو الوسائل التي تستخدم في التعرف على المتخلفين عقليا وتشخيص حالتهم.

  1.  العمر العقلي كمعيار لتحديد النضج العقلي:

فهناك بعض العلماء تعتمد فكرة معايير العمر، لتحديد مستوى النضج العقلي لدى الطفل (كمقياس ستانفورد - بينيه).

     فهذا النضج العقلي يزداد مع العمر الزمني. وعلى هذا الأساس أدخل مفهوم العمر العقلي. وهكذا، فإن العمر العقلي كمعيار يمثل مستويات التطور من ناحية النضج العقلي. وبناء على ذلك، فإن درجة الطفل تساوي مستوى العمر الزمني الأنمي الذي يتوصل الطفل إلى النجاح على فقراته. فمثلا أذا نجح طفل عمره الزمني 9 سنوات في الإجابة على الأسئلة المخصصة للعمر الزمني ۱۲ سنة، ففي هذه الحالة، يكون العمر العقلي لهذا الطفل ۱۲ بالرغم من أن عمره الزمني هو ۹. فهذا الطفل يعتبر متقدمة ثلاث سنوات. وذلك لأن . مستوى أدائه يساوي متوسط القدرة في سن ۱۲.

لكن إذا فشل هذا الطفل، في الإجابة على الأسئلة المتخصصة للعمر الزمني 6 سنوات، ففي هذه الحالة، يكون العمر العقلي لهذا الطفل 6 سنوات بالرغم من أن عمره الزمني 9 سنوات.. فهذا الطفل يعتبر متأخراً عقلياً ثلاث سنوات، وذلك لأن مستوى أدائه يساوي متوسط القدرة في سن 6. ولذلك، في أن هذا الطفل البالغ من العمر 9 سنوات لا يستطيع أن يتساوى مع الطفل في العمر 9 سنوات، بالنسبة لتعلمه ومواجهته نفس الوظائف المدرسية.

ولتحديد العمر العقلي كمعيار تحديد النضج العقلي بشكل دقيق اقترح أن نسبة العمر العقلي على العمر الزمني تعطي مؤشر أكثر ثبات، وتدلنا على مدى تفوق، أو تأخر الطفل بالنسبة للأفراد الذين هم من نفس العمر. فالمعيار الذي تم اقتراحه هو (حاصل الذكاء) الذي يتم التوصل إليه عن طريق المعادلة التالية:

فالطفل الذي يتميز بالذكاء الإعتيادي يكون حاصل ذكائه ۱۰۰.

لكن اختبارات الذكاء وحدها لا تعتبر وسائل حاسمة في التعرف على حالات التخلف العقلي؛ بل لا بد من استخدام وسائل أخرى معها حتى يكون التشخيص النفسي، في هذه الحالة، دقيقة. وبناء عليه، اقترح العلماء محطات أخرى مساندة.

  1. النضج الاجتماعي كمعيار لتحديد التخلف العقلي

يرى بعض العلماء أن وظيفة العقل في تحقيق التكيف الاجتماعي للفرد. وبناء على هذا المفهوم وضعوا اختبارات تفیس مدي والنضج العقلي، للفرد وعلى أساس هذه الاختبارات يصدرون حكمهم.

 

بالمتخلف العقلي، هنا، هو حالة عدم اكتمال النمو العقلي بدرجة تجعل الفرد عاجزة عن مواءمة نفسه مع بيئة الأفراد العاديين بصورة تجعله دائما بحاجة إلى رعاية وحماية خارجية.

وهناك حالات يرجع فيها نقص والصلاحية الاجتماعية للفرد إلى عوامل أخرى، كما في حالات الاضطرابات الانفعالية. إذ ينبغي أن يصحب هذا النقص في الصلات الاجتماعية نقص في المستوى العقلي حدث في سن مبكرة واستمر حتى البلوغ نتيجة لعوامل وراثية أو بيئية.

  1. نقص المستوى الوظيفي العقلي:

أن المتخلف عقلية هو ذلك الفرد الذي يتصف بمستوى وظيفي عقلي دون المستوى تنعكس آثاره أثناء نمو الفرد وتتمثل في عجزه أو قصوره عن النضج أو التعلم أو التكيف الاجتماعي أو في جميع هذه النواحي معا.

وبناء على هذا الأساس، يمكن القول أن التخلف العقلي هو حالة توقف أو عدم اكتمال النمو العقلي.. يولد بها الطفل أو يحدث له في سن مبكرة نتيجة لعوامل الوراثة أو البيئة، ويصعب الشفاء منها.

وتتضح آثار عدم اكتمال النمو العقلي في مستوى أداء الطفل في المجالات التي ترتبط بالنضج أو التعلم أو المواءمة البيئية بحيث ينحرف مستوى هذا الأداء عن المتوسط في حدود وحدتين سالبتين من وحدات الإنحراف المعياري([1]).

ولهذا في التشخيص عملية تهدف إلى معرفة قدرات الفرد ونواحي قوته وضعفه بقصد وضعه في المكان الملائم لإمكاناته حتى تقدم له الخدمات النفسية والتربوية الملائمة.

ومن الميادين التي يطبق فيها القياس النفسي ميدان الإرشاد النفسي.

 4- مجال الإرشاد النفسي

ويقصد بالإرشاد النفسي Counseling مساعدة الإخصائي النفسي المريض أو صاحب المشكلة النفسية على فهم نفسه، وأن يحل مشكلاته المتعلقة بتكيفه مع البيئة والعالم المحيط به.

وهناك أنواع مختلفة من الإرشاد: الإرشاد التربوي، والإرشاد المهني، والإرشاد الاجتماعي.

في جميع أنواعه يقوم المرشد النفسي بعدة عمليات منها إعطاء النصائح والإرشادات والتوجيهات للشخص صاحب المشكلة.

ومنها أيضا التحليل النفسي، وإعطاء المعلومات والبيانات، وكذلك تطبيق الاختبارات النفسية وتفسير درجاتها.

ودائما ما يستهدف الإرشاد النفسي مساعدة الناس الأسوياء وتوجيههم... ففي الإرشاد النفسي ينظم المرشد النفسي المعلومات والحقائق الخاصة بالشخص على نحو يساعده على فهمها بشكل جيد.

أما عن دور القياس النفسي في الإرشاد فيتمثل في جمع المعلومات والبيانات والحقائق المتعلقة بالفرد وعن تاريخ حياته وظروف نموه، ومدى تكيفه، ومدى تحصيله الدراسي أو نجاحه في مهنته.. هذه المعلومات التي يحصل عليها الإخصائي يفيد منها المفحوص نفسه عندما يعرف قدراته واستعداداته، وميوله واتجاهاته وطموحاته.. بطريق موضوعية، تساعده على فهم نفسه وتوجيه نفسه بشكل سليم.

  • خلاصة

ومن هنا يمكن القول، أن استخدام الاختبارات النفسية والتربوية في كثير من المجالات يفيدنا في تحليل قدرات الفرد ونواهيه واستعداداته وميوله، والتعرف على جوانب شخصيته المختلفة.

ففي المجال التربوي تطبق الاختبارات الخدمة التوجيه التربوي حيث تقاس قدرات الفرد وميوله واستعداداته الدراسية المختلفة. وبناء على ذلك، يمكن أن نوجهه إلى نوع التعليم التي يتناسب قدراته: واستعداداته وذكائه العام؛ وبذلك يمكن وضع العلمية المناسب في المكان المناسب.

فالتشخيص الحالات التأخر المدرسي يتوقف على معرفة نتائج اختبارات الذكاء لكي تبين ما إذا كان سبب هذا التخلف الدراسي هو الذكاء العام، أم عوامل أخرى مثل الظروف والأسرية والبيئية أو الاجتماعية

كما أنه على أساس من تطبيق الاختبارات النفسية والعقلية يمكن تشخيص الاضطراب أو المرض النفسي أو العقلي الذي يعاني منه المريض. ولا يقتصر القياس النفسي على تشخيص الحالة فقط بل يتضمن أيضا معرفة قدرات المريض، وذكائه العام بقصد معرفة مدى أثر هذه العوامل في اضطرابه، ومدى توظيفها في إعادة تكيفه في الحياة. ..

ويستخدم في التشخيص النفسي وفي تفسير سلوك المريض اختبارات الشخصية، وخاصة الاختبارات الاسقاطية لمعرفة الجوانب الخفية من شخصيته.