محتويات

أهم المعايير التي تحكم التشخيص النفسي:

  1. مبدأ التكامل: فالمعطيات التي تم جمعها ينبغي أن تنظم، ضمن الشخصية ككل في وحدتها التاريخية، وفي علاقتها الراهنة بالبيئة.
  2.  وفرة المعلومات: أن درجة الاحتمال أو اليقين في التشخيص تتوقف الى حي كبير على ثراء ودية المعطيات والمعلومات التي تم جمعها.
  3. الانتظار: أن التشخيص لا يعدو أن يكون حكمة مؤقتة، ومن ثم يظل النفساني في حالة انفتاح عقلي تتيح له أن يعدل حكمه أو تشخيصه، إذا ما برزت له أي وقائع جديدة ([1]).

خطوات التشخيص النفسي:

التشخيص في ميدان الطب كثيرًا ما يعني التصنيف، أي تسمية المرض وتصنيفه في جملة الأمراض التي ينتمي اليها.

لكن في مجال علم النفس فإننا نتعامل مع السلوك الإنساني بكل ما فيه من تعقيدات وأفعال وردود أفعال.

ومن هنا التشخيص في صورته الدينامية ينطلق من دراسة حالة الفرد من جميع جوانبها المختلفة، سواء من ناحية القدرات العقلية أو الدوافع أو الميول والاتجاهات أو القيم، أي الفهم الكلي والشامل للحالة، من حيث أسبابها وتطورها.

مراحل التشخيص النفسي:

تتحدد مراحل التشخيص بالخطوات التالية:

  1.  مرحلة الإعداد: وهي تتضمن عملية الاتصال بين السيكولوجي وكافة المؤسسات العائلية والتربوية أو المهنية للتعرف على مشاكل الفرد المعين وبناءًّ على هذا الأساس، فإنها تجمع كافة المعلومات والتقارير، ثم جمع المعلومات عن طريق المقابلة؛ ثم إختيار الإختبار المناسب للقياس.
  2. مرحلة التزود بالمعلومات، وتشمل المقابلات مع الفرد المفحوص؛ تطبيق الإختبارات النفسية ومن ثم، تصحيحها؛ وبالتالي تنظيم نتائج المقابلات وتنسيقها.
  3. مرحلة تفسير المعلومات: وهي تنظيم المعلومات التي حصل على الفاحص، وتأويل المعاني المتضمنة فيها، وكذلك تفسير نتائج الإختبارات، واستخراج كل ما يتصل بها.
  4. مرحلة اتخاذ القرارات، وتتضمن مناقشة نتائج الحالة، وتشخيصها وتوضيح دلالاتها..

ومن ثم اتخاذ قرارات نهائية مرتبطة بشأن كيفية العلاج لتلك الحالة، واسلوب التعامل؛ كل هذه الأمور توضع في التقرير النفسي بشكل واضح.

إذن، الإختبارات النفسية هي إحدى الوسائل الهامة في التشخيص النفسي، إذ تشخص حالة الفرد المفحوص: قدراته العقلية وخصائص شخصيته. وعن طريق التشخيص يمكن التنبؤ عن تطور سلوك الفرد في المواقف الحياتية، كما تكشف أيضا للسيكولوجي عن أفضل الوسائل. الملائمة لعلاج الحالة المعينة، ومتابعتها وتقويمها.

وبتعبير آخر، فإن التشخيص هو تقويم خصائص شخصية المفحوص (قدراته، تحصيله، سماته التي تساعد في فهم مشكلاته)، أي التشخيص يتطلب بعد جمع المعلومات المتاحة، تحليلها وتنظيمها، بقصد التنبؤ ورسم ومباشرة خطة العلاج.

وتشمل مصادر المعلومات على المقابلات ودراسة الحالة والسجلات التعليمية أو المهنية والإختبارات المستخدمة.

الأهداف العامة للتشخيص النفسي:

تتعدد الأهداف العامة للتشخيص العيادي Diagnostic Clinique وتتنوع فتشمل ما يلي:

  1. تحديد العوامل المسببة.
  2. التمييز بين الاضطراب العضوي والوظيفي.
  3. تقييم درجة العجز العضوي والوظيفي.
  4. الكشف عن الاستجابة للاضطراب.
  5. تقدير درجة الإضطراب في مداها وفي عمقها.
  6. التنبؤ بالمسار المحتمل للإضطراب.
  7. تحديد الأسس التي يبنى عليها اختيار منهج علاجي معين.

ويمكن النظر الى التشخيص بوصفه عملية من مرحلتين، الأولى في الوصف المبني على كل البيانات التي جمعت عن المفحوص، والثانية هي تفسير هذه النتائج بصورة تكشف عن نمط له دلالة إكلينيكية.

ومن المهم التأكيد بأن اطمئنانا الى دقة التشخيص، يزداد إذا سمح للسيكولوجي الفهم الواضح لدلالة سلوك المفحوص بالصورة التي تمكنه من الاستجابة الملائمة لمشاعر المفحوص خلال تعامله معه، ومن التنبؤ الشمولي عن سلوكه، ومن إختيار المنهج المناسب.

ويتعين على السيكولوجي أن يسأل نفسه السؤال التالي: كيف نشأ المفحوص بالصورة التي نشأ عليها؟

وهو في محاولته الإجابة عن هذا السؤال، قد يدرس الكثير من جوانب دينامية شخصية المفحوص مثل القدرات وأنواع الصراع.. ويستعين في ذلك بمختلف الطرق والأدوات مثل المقابلة Interview وتاريخ الحالة والاختبارات...

وتعتبر قدرات المفحوص عامل هام في توافقه. فقد يلجأ الطفل الذي لا تساعده قدراته على النجاح في الدراسة إلى التعويض عن طريق العدوان- كما أن التشتت في توزيع الدرجات على اختبارات الاستعدادات الخاصة لدى الفرد قد تكون له دلالته الانفعالية.

ولا يكفي الكشف عن الصراع وأنواعه لفهم مشكلة المفحوص، بل يتعين الكشف عن آواليات (الميكانزيم) التي يلجأ إليها المفحوص المريض للتخفف من حدة الصراع.

هل يلجأ إلى المرض ليتفادى خبرات مؤلمة؟ هل يبرر عيوبه أو يسقطها على الآخرين؟ ما علاقة كل ذلك بمستوى طموحه؟ هذه الإجابات تقدم للسيكولوجي فهما لدينامية الشخصية ومعرفة بأسباب المشكلة.

من حيث التنبؤ Prediction فأنه يصعب فصل التنبؤ عن كل من التشخيص والعلاج، ويهدف إلى تقدير احتمالات تطور المشكلة أو المرض، ومدى الاستجابة لعلاج معين. والتنبؤ الإكلينيكي يتعين أن ينتصر على المحكات المناسبة في إطار دراسة الشخصية الفردية عن طريق الملاحظة المنظمة، ومنها القدرات العامة والاستعدادات وأنماط التوافق والتعامل مع مختلف المواقف والدوافع والوجدانات.
ولكي يستطيع السيكولوجي أن يقوم بدوره في التشخيص والتنبؤ بفعالية فإنه يتعين أن يكون واعيا بديناميات شخصيته وإحتمالات انعكاساتها في تطبيقه للطريقة الإكلينيكية.

ولكي يكون التشخيص النفسي دقيقاً وعلمياً يتعين على السيكولوجية ضرورة الالتزام بعدم التعميم بأكثر من النتائج التي يحصل عليها من الاختبارات.

والاتساق بين محتوى الاختبار وأهدافه، أي أن تكون محتويات الاختبار (الاسئلة) متفقة مع الغاية التي تستخدم من أجلها.

وعدم التقيد باختبار وأحد، أي الاّ نكتفي كلية بنتائج اختبار كما حصلنا عليها، بل لا بد من استخدام أكثر من وسيلة من وسائل التشخيص.

هوامش مرجعية:

(1) محمد عبد الطاهر الطيب - الموضوعية والذاتية في علم النفس - دار المعارف - القاهرة ۱۹۸۰ - ص ۳۸ -.