مراجع

التقويم النفسي

يتضمن مفهوم التقويم Evaluation عملية إصدار حكم أو تقدير على قيمة الأفراد أو الموضوعات، وهو بهذا المعنى يتطلب استخدام المقاييس أو المعايير Normes أو المحكات Criteres لتقديم هذه القيمة.

فمن الوجهة النفسية أو التربوية يمكن القول ان التقويم هو إصدار حكم على مدى تحقيق الأهداف المنشودة على النحو الذي تتحدد به تلك الأهداف، ويتضمن ذلك دراسة الآثار التي تحدثها بعض العوامل والظروف في تسهيل الوصول إلى تلك الأهداف.

ويمكن القول ان التقويم هو عملية دينامية تستهدف مسح شاملاً لحالة معينة بهدف تقديرها والحكم عليها، وهو يتضمن الأمور التالية:

  1.  إبراز نواحي القوة او الضعف الإيجابي أو السلبي.
  2.  تحديد الحكم الذاتي أو القرار الشخصي.
  3.  التنبؤ أو التوقع المستقبلي للحالة المعينة أو للسلوك المعين.
  4. هو المرحلة النهائية في تقييم حالة معينة أو برنامج معين.

البرامج التقويمية النفسية

يقصد بالبرنامج التقويمي مجموعة أدوات القياس والأساليب التربوية الشاملة والمتنوعة التي تطبقها مجموعة الاخصائيين النفسانيين والتربويين والمشرفين الاجتماعيين، وفق نظام مرسوم، يحقق حصول المؤسسة التربوية على معلومات وبيانات ترتب وتنظم بحيث يستطيع المشرفون على المؤسسة التربوية أن يستخدموها ويستفيدوا منها في اتخاذ القرارات المناسبة.

بمعنى آخر، يشمل البرنامج التقويمي الأمور التالية:

أدوات القياس النفسي، الأخصائيين النفسانيين والتربويين والمشرفين الاجتماعيين، هدف الاختبارات، البيانات المنظمة، وطرق الاستفادة منها، ثم علاقات تفاعلية بين هيئة التقييم وبين سائر أعضاء المؤسسة التربوية، وبينها وبين مؤسسات اجتماعية أخرى في المجتمع.     

وتتحدد الخطوات العامة في بناء البرنامج التقويمي في النقاط التالية:

1- على فريق العمل التقويمي أن يبدأ في تحديد أهداف العملية التربوية العامة التي يضعها المجتمع، ثم عليه أن يحدد الأهداف التربوية الخاصة بالمؤسسة المعينة التي سيتولى إقامة برنامج تقويمي فيها؛ وعليه أيضا أن يقوم بتعريف القائمين على العمل التربوي في المؤسسة بهذه الأهداف ويشاركهم الرأي في وسائل تحقيقها.

2- بعد تحديد الأهداف، عليه أن يبدأ في عملية اختيار الاختبارات المناسبة لهذه الأهداف، مراعية تنوع هذه الاختبارات وتمثيلها لكل الجوانب التي يراد قياسها.

3- تطبيق هذه الاختبارات مع مراعاة الشروط الأساسية والتعليمات الواردة في كل اختبار. من أجل الحصول على المعلومات والبيانات الخاصة بالأفراد الخاضعين للقياس.

4-  استخراج نتائج الاختبارات وتأويلها، وتفسير دلالاتها النفسية، ثم تنظيم هذه النتائج بطريقة يمكن الاستفادة منها، من أجل اتخاذ القرارات المناسبة، على ضوء تلك المعطيات.

5- التدريب الدوري لمن يقومون باستخدام الاختبارات على الأساليب الجديدة التي يمكن الاستفادة منها في البرنامج التقويمي.

وهناك بعض الخصائص الهامة التي لا بد من توافرها في أي برنامج تقويمي تربوي، من أهمها ما يلي:

1- يجب أن يراعي البرنامج التقويمي مبدأ الشمول: أي الاهتمام ليس فقط بقدرات الفرد وامكانياته، بل باتجاهاته وميوله، وتوافقه الذاتي والاجتماعي...

2- يجب أن تنظم نتائج الاختبارات بشكل واضح ومتسق، بحيث يصبح تفسير دلالاتها أمرة ممكناً ومفيداً؛ أي أن تلخص في إطار مرجعي علمی واضح من التقديرات والدلالات النوعية والنفسية في صورة تقرير شامل لتعطي صورة عن شخصية الفرد. المفحوص - وبحيث تستخدم لأغراض التوجيه أو الاختيار أو التربية.

3-  يتميز البرنامج التقويمي الناجح بالاستمرارية: فالملاحظات داخل المؤسسة، والتقديرات، والاختبارات التحصيلية تشكل كلها العملية التقويمية والتي عن طريقها يحاول المسؤول أو الموجّه أن يقوّم مستوى الفرد ومدى تطوره، وبالتالي، يعمل على توجيهه...

4- لا بد أن يعرف كل أفراد المؤسسة التربوية التي يعمل فيها البرنامج التقويمي بما يمكن أن يقدمه لهم هذا البرنامج من معلومات هامة وخدمات إيجابية.

دور التقويم النفسي

تشكل الاختبارات والمقاييس النفسية أدوات أساسية في ممارسة الأخصائي النفسي، ولا يجوز أن نلغي دورها، حيث تشكل عملية الوسيلة الأولى لمعرفة الأخصائي النفسي في الكشف عن شخصية الفرد. كما أن لها شروطاً يجب الالتزام بها أثناء التطبيق بغية الحفاظ على سير الممارسة وتقدير النتائج.

من أهم أدوار التقييم النفسي ما يلي:

 1- اتخاذ القرارات: ان المعلومات التي يحصل عليها السيكولوجي من خلال استخدامه للاختبارات تساعده على اتخاذ القرارات المناسبة، منها: الانتقاء والتصنيف. فالانتقاء عبارة عن قبول أو رفض حسب التقديرات والنتائج التي اعطتها الاختبارات سواء من حيث درجة الذكاء العام، أو التحصيل، أو الاضطراب الانفعالي...

أما التصنيف فيقوم على تحديد نوع المعاملة التي يتلقاها الفرد الذي تم اختياره، أي طريقة معاملة الفرد ووضعه في فئة معينة، أو تدريبه أو توجيهه أو علاجه.

2- صياغة أهداف التعلم والتدريب: إن خطوة اختبار الأهداف وتحديدها على جانب كبير من الأهمية، لأن الهدف منها هو تغيير سلوك الأفراد خلال مرحلة التعلم والتدريب. وهناك مجموعة من المعطيات التي يمكن للمؤسسة التربوية الحصول عليها، من أجل تحديد الأهداف المناسبة، ومنها:

  •  معلومات تتعلق بالأفراد أنفسهم: قدراتهم، مهاراتهم، معلوماتهم، ميولهم، اتجاهاتهم وحاجاتهم. وترتبط هذه الخصائص بالمرحلة النمائية التي يمر بها هؤلاء الأفراد؛ النمو الجسمي، والعقلي، والانفعالي والاجتماعي. إن مراعاة هذه العوامل والخصائص في صياغة الأهداف يجعل من العمل التربوي مساعداً للفرد على تشخيص صعوباته ومشكلاته، واشباع حاجاته ومواجهة مطالبه، وبالتالي، علاج تلك المشكلات والصعوبات التي يواجهها.
  •   معلومات تتعلق بمطالب المجتمع: ويتطلب هذا الأمر معرفة الجوانب التي يؤثر بها المجتمع على عمليات التربية والتدريب، بحيث يكتسب الفرد من العملية التربوية المعلومات والمهارات والاتجاهات التي لها أهمية في المجتمع والتي تساعده على التكيف مع متطلبات الواقع الاجتماعي.
  •  مقترحات المتخصصين: والتي يمكن الاستفادة منها في زيادة عملية تعليم وإعداد وتدريب الأفراد.

الإرشاد النفسي - التربوي -

ان استخدام الاختبارات بأنواعها المختلفة تعتبر مسألة أساسية في التوجيه والإرشاد النفسي، ذلك أنها أدوات هامة يتحدد في ضوء نتائجها تشخيص المشكلة التي يعاني منها الفرد، وبالتالي، تمكن السيكولوجي من فهم سلوك المفحوص وتكوين صورة شاملة تعكس جوانب شخصية المفحوص ودینامینها، كما أنها تساعد النفساني على التعرف على مدى التقدم الذي يحرزه المفحوص بعد توجيهه الى النضج الذاتي والاجتماعي.

ويؤكد «تايلور»، Taylor أهمية الاختبارات في عملية الإرشاد النفسي كالتالي:

1- تمد الاختبارات الموجّه النفسي بمعلومات ومعطيات يحتاج اليها في عملية توجيه الفرد وإرشاده. كما أنها تزود المفحوص بمعرفة واضحة في استكشاف ذاته أو استبصاراً لنفسه وبالتالي تدفعه إلى التعاون مع النفساني.

ولا بد لهذا العمل أن يتم من خلال العلاقة بين الفاحص والمفحوص والتفاعل بينهما أثناء الفحص النفسي، تفاعلا يتخذ شكل التعبير عن الذات بأساليب مختلفة. فالنفساني قد يأخذ صورة ايجابية محببة توحي بالثقة والطمأنينة لدى المفحوص، مما تدفعه إلى طلب المساعدة لفهم مشاكله وحلها، وهذا ما يسهل عمل الممارسة النفسانية؛ أو قد يأخذ صورة سلبية تثير الحذر والشك والتحفظ لدى المفحوص، أو قد يأخذ صورة سلطوية ضاغطة ومهددة، مما يظهر عمليات الرفض والمقاومة والوسائل الدفاعية الذي يحتمي المفحوص من خلالها، وبما أن عملية التفاعل بين الفاحص والمفحوص تؤثر على سلوك المفحوص، وردود فعله، فإنه ينبغي على النفساني أن يتفهم كل أبعاد تفاعله مع المفحوص، وأن يتقن فن إقامة تلك العلاقة، لأنها هي التي تحدد مسار الفحص واستمراريته.

فإذا كانت وظيفة الأخصائي النفسي Psychometrist تطبيق الاختبارات النفسية واستخراج نتائجها، فإن الموجه العيادي يقوم بتشخيص وعلاج المشاكل النفسية تشخيص وعلاج مشاكل التلاميذ الاجتماعية، كما يقوم بتشخيص المشاكل التربوية والمهنية والتوجيه فيها.

ما هو التوجيه النفسي؟

التوجيه هو عملية تهدف إلى مساعدة الفرد لتحقيق عدة عوامل هي:

  1. فهم الفرد لنفسه عن طريق إدراكه لمدى قدراته ومهاراته واستعداداته وميوله.
  2. فهم المشاكل التي تواجهه مهما كان نوعها.
  3. فهم بيئته المادية والاجتماعية بما فيها من إمكانيات.
  4. توظيف امكانياته الذاتية وامكانيات بيئته.
  5. تحديد أهداف تتفق وإمكانياته ويمكن تحقيقها.
  6. أن يرسم الطرق التي تؤدي إلى تحقيق هذه الأهداف.
  7. أن يتكيف مع نفسه ومع مجتمعه بصورة تفاعلية.
  8. أن ينمو بشخصيته إلى أقصى حد تؤهله له إمكانياته.

وتتحقق هذه الأهداف عن طريق الخدمات التي تدخل في برامج التوجيه عن طريق الإرشاد.

والإرشاد الفردي هو العلاقة المتبادلة التي تقوم بين النفساني والمفحوص، وهذه العلاقة تهدف إلى مساعدة المفحوص حتى يغير من نفسه ومن بيئته، ووسيلة هذه العلاقة في المقابلة بين الطرفين، ويتم الإرشاد في هذه المقابلة، أن عملية الإرشاد تعتبر المحور والأساس في برنامج التوجيه.

فإذا تمت هذه العمليات في المجال التربوي كان ذلك توجيهاً تربوياً، أما في الميادين الأخرى، فهو إرشاداً نفسياً.

أخصائي التوجيه والإرشاد التربوي:

إن الخدمات التي يمكن أن يقوم بها الموجه في المجال التربوي مي كالتالي:

  1.  مساعدة التلميذ الفرد على تقويم خبراته وتقويم سلوكه في ضوء هذه النبرات.
  2.  تنسيق المعلومات التي يتم الحصول عليها من مصادر مستمدة لتقويم التلميذ.
  3.  إرشاد التلميذ فيما يتعلق بثقته بنفسه والمشكلات المتعلقة بفهمه لنفسه وتكيفه الاجتماعي وتوجيهه تربوياً.
  4.  الحصول على المزيد من المعلومات عن التلميذ عن طريق المقابلة وغيرها من طرق التقويم.
  5.  إيجاد حلقه اتصال بين المدرسة والمنزل والمجتمع.
  6.  تنسيق النشاط المدرسي وخاصة فيما يتصل بتوجيه التلميذ.
  7.  تهيئة السبل العلاجية للمشكلات البسيطة الخاصة بالعمل الدراسي.

ويتميز الإرشاد النفسي بأنه تربوي، وتعضيدي، وموقفي، والمساعدة على حل المشكلات على مستوى الوعي، وينصب الاهتمام فيه على الأسوياء، ويكون في العادة قصير الأمد. بتعبير آخر، أن الارشاد هو مساعدة الأسوياء للوصول الى مستوى أفضل من مهارات التكيف التي تبدو في زيارة النضج، والاستقلال، والتكامل الذاتي، وتحمل المسؤولية.

بينما يتميز العلاج النفسي Psychotherapie بأنه تعضيدي أيضاً، وفيه إعادة التكوين الشخصية، مع الاهتمام بالتعمق في الشخصية، وأنه تحليلي، ويتناول المرضى بالعصاب Nevrose أو من يعانون من مشكلات إنفعالية حادة، وقد يكون طويل الأمد ([1]).

هوامش مرجعية:

(۱) سعد هلال - التوجيه النفسي - دار المعارف - القاهرة ۱۹۱۷- م ۳۱ - ۱۳۲. أنظر كذلك: حامد عبد السلام زهران. التوجيه والإرشاد النفسي - عالم الكتب - القاهرة ۱۹۷۷.