القلب:

من الواضح إحصائياً أن نسبة كبيرة ممن تعتريهم اضطرابات قلبية لا يعانون في حقيقة الأمر إلا من توتر عصبي فقط، وقد تصاحبهم ذات الأعراض كسرعة النبض وقوته وضيق في التنفس وغثيان وآلام حول منطقة القلب وحتى فقدان الوعي أيضاً، ولكن بعد إجراء الفحوصات اللازمة يفاجأ الطبيب أن القلب سليم لا تشوبه شائبة وأن العلة في توتر نفسي امتدت آثاره إلى القلب وغيره من أعضاء الجسد. وغالباً ما تبدأ أعراض التوتر هذه بصعوبة في التنفس ثم تتطور إلى غيرها من الأعراض.

وكثيراً ما تكون أصول المشكلة انعكاساً لتيبس بين الضلوع، وهي عضلات مهمّتها التمدد مع كل شهيق خاصة أثناء التنفس العميق، وهذا ما يبقيها مرنة مطواعة.

ولكن (ويا خوفنا من «لكن») عند اضطراب التنفس وضحالته لا تقوم هذه العضلات بالجهد الكافي للمحافظة على مرونتها، فيهاجمها التصلب و التيبس من قلة الحركة، ومن الغريب أن العضلات المشدودة في هذه الحالة تدفع إلى نشوء عقدة نفسية من أعراضها الخوف المبهم، والتي بالتالي تزيد من التوترين النفسي والعضلي، بالإضافة إلى سرعة النبض وصعوبة التنفس، والتوتر النفسي ليس محركاً أساسياً لأمراض القلب العصبية فقط، ولكنه ذو علاقة أكيدة بالعلل الناتجة عن اختلال حركة الحجاب الحاجز، مثل الذبحة الصدرية الكاذبة والتي تتمخض عن انقباضه المفاجئ وارتفاعه إلى أعلى ضاغطاً على القلب، فينتهي بالخوف والألم مجتمعين، وهذا أيضاً يمكن شفاؤه والوقاية منه.

الاسترخاء واضطرابات القلب

يستطيع المصاب بعلة حقيقية في القلب أن يحصل على راحة ذات جدوى من خلال الاسترخاء وتطوير أسلوب التنفس لديه، لكي يضع عنه بعض ما يثقل صدره، والقصة التالية تضرب لك مثالاً ودليلاً واضحاً...

فبعد ذبحة صدرية تعرض لها رئيس مؤسسة كبيرة، واستقرار علاجه من ثم على أدوية معينة، وُجد أن صدره متوتر جداً حول منطقة القلب، كما أن عضلاته بين الضلوع في حالة تيبس جليّة، ومن البديهي أن هذه المرحلة لا يثمر فيها التعرض لعلاجات عنيفة، ولذا وجب الحرص على استعادة التنفس الطبيعي بشكل متدرج، بطيء، وعندما بدأت عضلات الصدر في الاسترخاء كان الوقت قد حان لتارين جسدية خفيفة، حتى تستعيد عضلاته بعض مرونتها الضائعة، مع العلم أن هذا غير كاف إلا إذا كانت تلك التمارين عادة مستمرة وجزءاً لا يتجزأ من أسلوب الحياة الجديد، وأحب أن أقطع استر سال حديثنا بذكر أن الهدف من هذا الكتاب ليس الإرشاد إلى كيفية استخدام أعضاء الجسد فحسب، بل إلى توظيف طاقاته في سبيل التوصّل لحياة أكثر متعة وبهجة .

ومع ممارسات الاسترخاء وضعت خطة يومية للمريض كي لا جهد في عمله، ولم يكن المقصود الإقلال من كمية العمل، بل إنجازه على أكمل وجه وبأيسر صورة.

فوضع مقعد مريح في مكتبه، كما مُنع من استقبال أو مكالمة أي كان قبل موعد تناول طعام الغداء بثلاثين دقيقة. والمقصود هو أن يريح جسده وأعصابه بالقراءة أو اختلاس غفوة قصيرة لكي يقضي نصف ساعة في عزلة تامة، وهذه الطريقة لا تمنحه راحة جسدية فقط بل ونفسية كذلك، لأنه مطمئن إلى وجود فترة راحة مهما زاد ضغط العمل عليه قبلها.

كما خطط له أن يتناول طعامه في مكان هادئ بلا استعجال أو قلق، وبعد متابعة هذه الحالة عدة سنوات تبين أنه قد نسي خوفه من عودة الذبحة الصدرية إليه، وأمسى ممتناً شاكراً لأنه تعلم بعد تجربة كيف يستخدم قواه بعقلانية ويحافظ على صرف طاقاته بتوازن ورويّة.