الذراعين

إن أكثر من 60٪ من الناس يشعرون بآلام في عضلاتهم بطريقة أو بأخرى من أسفل الساق حتى أعلى الكتف، وهي ناتجة على الأغلب من أوضاع الحياة العصرية المريحة وتناقص عدد الحركات المطرد والتي تعمل على تمدد هذه العضلات.

ولو تكرمت بوقفة تحلل فيها ما تعودت على فعله طوال اليوم، لوجدت في تحليلك لهذه الحركات الروتينية أنها تشمل دائماً ملاصقة الذراع لجانب الجسم وبقاء أصابع اليدين مثنية في معظم الأوقات، ونادراً ما تُمدّد اليد أو تُبعَد الذراع، ولهذا أرهقت بعض المجموعات العضلية وبقيت أخرى بلا جهد تقريباً من ندرة الاستخدام، فأتاك ألم الكتف من حيث لا تحتسب.

ومن الجائز أنك ضحيت بالك ووقتك في علاجات طبيعية وغيرها لتنتهي بشفاء جزئي أو مؤقت، ولكن قبل أن تقدم على هذا، افحص عضلات الكبد والعضد والساعد واليد، لأن معظم الإجهاد اللاحق بك سببه سوء استخدام الذراع.

اليدين

هلمّ بنا نفحص يديك، وسيبرز لك الشكل المرافق بعض المناطق التي يجب التركيز عليها، فهي الأكثر تعرضاً للتوتر المستمر. إن المتهم الأول والمسبب للمتاعب على غير توقع هو الإبهام، تحسس المنطقة (أ) في الشكل، هل الأنسجة الواقعة بين الإبهام وبقية اليد الدنة مسترخية، أم أنها متقلصة... متصلبة، فالحالة الأخيرة تعني أن اليد و بقية الذراع لا تحصل على التغذية المناسبة نتيجة لاضطراب الدورة الدموية فيها، دلك هذه المنطقة خاصة في الإبهام الأيسر، فعوضاً عن راحة الإبهام و تحسن دورته الدموية فهي تمنح إحساساً بالراحة حول منطقة القلب أيضاً، لأن هناك اتصالاً بين الأعصاب يهيئ لهذا التأثير.

دلك الأنسجة بحركة دائرية مستعيناً بسبابة اليد الأخرى وإبهامها، ولا تخش من أن تضغط بقوة، وبعد أن تمارس هذه العادة لعدة أسابيع يومياً ستنتشي بالاسترخاء يتخلل ذراعك كلها. والمنطقة المتيبسة (ب) في الشكل، يجب أن تتعرض لتدليك قوي أيضاً ويتلو كل مرة حركة دائرية واسعة للإبهام بهدف تليينه وتمديد عضلاته.

ملاحظة: أثناء شرح الطرق المختلفة في مقاومة التوتر العضلي، لم نحدد مدة كل تمرين وعدد مرات تكراره، فأنت المسؤول عن تحديد الوقت الذي تحتاج له كل مجموعة عضلية، وذلك حسب استجابتها وبلوغها المرحلة الاسترخاء.

مفاصل الأصابع المتيبسة

بعد أن تنتهي من علاج إبهامك، التفت إلى بقية الأصابع خاصة المفصل الأخير في كل منها (الذي يلي الأظفر مباشرة) حيث تميل البشرة إلى الذبول فتبدو لامعة، ومن الغريب أن يمتنع الناس عن تحريك مفاصل أصابعهم إذا تيبست وانتفخت مع أن هذا يزيد من تفاقم المشكلة ويبطئ في شفائها.

دلك كل مفصل بحركة قوية مناسبة حتى تشعر بالاحتقان حوله، واثن الأصابع وقومها عدة مرات متوالية وبسرعة، فستحتاج إلى عدة أسابيع حتى تستعيد البشرة قوامها واسترخاءها. وكلما زادت مرونة أصابعك، تحسن التحكم فيها، فإذا عزفت على آلة موسيقية وجدت للنغم رنة مختلفة، كما أن عملية الكتابة تصحبها سلاسة ومتعة

ظاهر اليد

إن ما يحدث لظاهر اليد هو صورة مكررة لما تلاقيه بقية الأعضاء، نتيجة الضغط على مجموعة عضلية دون الأخرى فتبدأ في التيبس و التوتر.

قف أمام الحائط على بُعد ذراع، ثم ألصق كفيك عليه بحيث تتعامدان مع ذراعيك الممتدتين باستقامة، جرب القيام بهذا التمرين بالذراعين معاً أو بكلّ منها على حدة، وستشعر بعده بالشدّ في مفصل الكوع والساعد، وكذلك في المعصم وظاهر اليد، داوم على هذا التمرين عدة مرات يومياً حتى تنمي عضلات ساعدك فتخلصها من التوتر، ولا تتردد في ثني  أصابع يديك كلها وأتتك الفرصة (باتجاه ظاهر اليد) لتكتشف بعد أسابيع ليونة في أنسجة يدك ورشاقة في مظهرها وتحسناً في دورتها الدموية.

وقد ثبت بالتجربة أن هناك اتصالاً خفياً بين مفاصل الكتف والكوع والأصابع، أي أن توتر الأصابع يمكن أن يكون مصدراً لأوجاع الكتف وهكذا.

بعد أن دلكت الإبهام وبقية مفاصل الأصابع وثنيتها، وشددت العضلات المتيبسة في ظاهر يديك، وحركت بدك من مفصل الرسغ حركة سريعة حتى تلين وتتحفز للاستجابة عند كل حركة، ثم مارست هذه التمارين بأناة وتصميم لكي تستعيد تلك العضلات والمفاصل مرونتها الطبيعية، بعد كل هذا، أعدك أنك لن تعاني من برودة اليدين شتاء ومن تيبسها الذي قد يفترض خطأ أنه داء الروماتيزم، وسيكون الاستخدام يديك طعماً جديداً، ومقدرة أفضل على الإنجاز.

الذراع

لو اتخذنا ضرب الآلة الكاتبة مثالاً لنا على حركات الذراع المتنوعة، فسنجد أن من يحرك عضلات ذراعه المناسبة لا يجابه أدنى صعوبة في تحريك مفصل الرسغ بعضلات ساعده مع تثبيت بقية الذراع. أما من خانته عضلات ساعده فسيستجير بعضلات بقية الذراع بطلب منها عوناً. وفي هذه الحالة تتحرك الذراع كلها من مفصل الكتف أو الكوع، مع أن تلك العضلات ليست مهيأة أصلاً لمثل هذا الدور، مما يلهب أعصاب الكتف ويضعف من مرونة عضلات الصدر كما يؤثر بطريقة غير مباشرة على القلب أيضاً.

تمرين مد الذراع

قف مسترخياً ومباعداً بين قدميك ما يقرب 15 سم، وبعد الشهيق ارفع ذراعيك مستقيم تين باتجاه الخارج وكفيك منكفئين إلى أسفل.

سيساعد ذلك الشهيق على تمدد الأضلاع تحت الإبط، مما يدعم الذراع في حركتها إلى أعلى من غير جهد يذكر، وهنا حاول أن تتخيل أنك طير ذو جناحين وبمجرد أن يسع صدرك وترتفع ذراعاك إلى أعلى سيغمرك الإحساس حقاً أنك طائر يحلق في أجواء الفضاء. | حاول هذه التجربة من غير شهيق ولاحظ نشوء التوتر العضلي في أعلى الذراع وفقدان الراحة أثناء القيام بها.

كرر مد الذراعين مع الشهيق، وعندما تصير الذراع أعلى من مستوى الكتف، مدد إصبعي السبابة والوسطى حتى تحس بالشد على طول ذراعك، وحافظ على الاسترخاء التام للبنصر والإبهام لتشعر كما لو أن هناك سلكاً ممتداً بين أطراف أصابعك وإبطك، وسيعينك هذا على الإحساس بتشكيل الذراع الصحيح وترابط أجزائها المختلفة.

فوائد مد الذراع

بعد قراءة ما سبق، جرب أن تمد ذراعيك مرة أخرى، فكلما زادت نسبة بقاء الذراع مشدودة كلا نها إحساسك بعضلات الكتف والذراع وكيفية عملها في تناسق، كما زاد استرخاء العنق واتساع الصدر، وسيمنحك هذا الوضع إحساساً بالتشكيل الجسدي الصحيح فيساعد ذلك التناغم العضوي على استعادة التحكم النفسي والذهني في لحظات الارتباك والانفعال، وسوف يفيدك هذا التمرين في إسباغ الدفء والراحة على جسمك عندما يزحف البرد بين أوصاله، كما أنه يقوي عضلات الذراع ويحارب ترهلها فيجمّل من شكلها العام، وإذا اكتسبت عادة مد الذراع لمدة دقيقة كل صباح فلسوف تمنع عنك التراخي في وقوفك وجلوسك وستبقى آثاره لساعات طويلة.

ولكن لماذا كان  للشهيق أهميته المميزة؟ ...

لأن هناك عضلة كبيرة في ظهرك لا تشارك في حركة الذراع إلا حين الشهيق، فإذا لم تشهق أثناءها لو كنت ضحل التنفس، فلن تشارك هذه العضلة في الحركة ولا حتى العضلات الأخرى التي تحتها فتفقد بذلك مرونتها وتجرد ظهرك من بعض أسلحته، فلتكن ملتزماً بالشهيق قبل كل حركة ولو كانت بسيطة، وأثناء السلوك اليومي الاعتيادي حتى في أقل الحركات شأناً كتمشيط الشعر أو رفع شيء خفيف الوزن وتذكر أن تراقب كل حركة تصدر عنك بوعي وتركيز.