راحة الأقدام المتعبة

نشرت إحدى المجلات مقالاً تشرح فيه أن عدداً لا بأس به من حالات الطلاق كانت بسبب مشاكل غير ظاهرة في القدم، معللة هذا الافتراض أن من يعاني من آلام في قدمه يصير عصبياً غير منسجم مع الآخرين بلا وعي منه... وهناك مثل صيني يقول: «ماذا يفيدني اتساع العالم إذا كانت قدمي تؤلمني». .

ونحن لا نلتفت عادة إلى هذا النوع من الأوجاع ولا نمنحها حقها من الاهتمام، إلا إذا عرفنا الفرق بين القدم السليمة والقدم السقيمة.

ألم منعكس

يعرّف الألم المنعكس بأنه ذلك الذي يكون مصدره بعيداً عن مكان الإحساس به في الجسم. وقد ثبت بالتجربة أن جذر المشكلة لا يكون بالضرورة في نفس موضع الألم، وهو غالباً مستر بالقدم في كثير من الحالات، ذلك لأن نسبة لا يستهان بها من الناس مصابون بعلة في أقدامهم حيث لا تعمل بصورة صحيحة فتضغط على النهايات العصبية الحساسة في القدم مؤدية إلى توترات عضلية أو صداع أو حتى اضطرابات في الجيوب الأنفية، وغيرها.

شكت ممرضة من ألم في مفصل ركبتها وقد ثقل عليها إلى درجة أجبرتها على ترك عملها لأنه يستوجب الحركة الدؤوبة والوقوف الساعات طويلة.

وبما أن الأشعة السينية والعلاجات المتنوعة لم تؤت ثمارها، فقد لجأت إلى فحص قدمها لتجد أن الجانب الخارجي للقدم في حالة يرثى لها، كما أن هناك تيبساً في الإصبعين الرابع والخامس ونقصاً في مرونة مفصل الكاحل والساق بالإضافة إلى العضلات المشدودة في الجانب الداخلي للقدم وخاصة حول الإصبع الكبير والقوس الداخلي.

وبعد علاجات الاسترخاء والتدرب على استرخاء القدم الصحيح تم شفاؤها خلال أسابيع معدودة وعادت إلى عملها من غير انتكاس أو مضاعفات.

وفي حالة أخرى كان أحدهم ضحية لصداع نصفي يعاوده كل مساء حيث أصبح زبوناً ممتازاً للصيدلي في تعاطي العقاقير المهدئة، وبعد الفحص، وُجد أن القدم وأصابعها قد فقدت مرونتها حتى إنه لا يستطيع ثنيها، فظهر القدم أصبح منبعجاً بدلاً من أن يكون مستوياً أو مفلطحاً هذا غير التورمات حول مفصل الكاحل وفي النسيج المحيط بعظمة القصبة (الساق) بسبب الضعف الذي أصاب عضلات الساق.

إن هذه الصورة متكررة مع الأسف خاصة عند النساء والنتيجة ليس ألماً منعكساً متمثلاً في صداع فقط، بل عدد لا يحصى من الأوجاع كآلام الظهر والعنق والكتف وغيرها، لأن الجسد يعمل كوحدة واحدة، فتوزيع خاطئ للوزن وتوتر في القدمين ودورة دموية ضعيفة، كل هذا يقف وراء الإحساس بالألم في أعضاء الجسم المختلفة.

مشاكل القدم:

إن للقدم المجهدة أثر بعيد المدى على الصحة العامة والراحة والاتزان. ومن الملاحظ أن قدم الإنسان تتحمل أكبر نسبة من الاضطرابات البدنية في هذا العصر، بسبب السلوك الخاطئ وعدم التدرب على الاستخدام الصحيح لها منذ مراحل الطفولة المبكرة.

إن من سبق أن جرّب آلام القدم هذه، يعلم جيداً كم هي مبرحة بحيث تصير الحياة معها عبئا ثقيلا.

تعتبر المنطقة المحددة في الشكل الأول مصدراً للاضطرابات، وعادة ما تكون مصحوبة بأوجاع وتورمات أو ضمور وترهل بسبب توزيع الوزن الخاطئ في القدم.

قدمك هي مفتاح الوصول إلى التشكيل الجسدي السليم والتناسق والتوازن وانتظام الحركة، وهناك عبارة صينية قديمة تقول: «إن ذا القدم المسحاء، نادراً ما يكون مغنياً أو ممثلاً من الدرجة الأولى مهما لجأ إلى علاجات يصلح بها قدمه.

وقد نفترض المبالغة في هذا الرأي، ولكن لم لا تجرب بنفسك؟

قف مباعداً بين قدميك 15 سم عن بعضهما، ثم ركز وزنك على الجانبين الداخليين لقدميك وذلك بثنيها إلى الخارج من مفصل الكاحل فسرعان ما تشعر بالتوتر في حنجرتك، وحول المعدة وسيصعب عليك الاحتفاظ بظهرك مستقيماً، بالإضافة إلى الشد المتواصل على الجزء الداخلي للفخذ.

وزد على اضطرابات المعدة الناتجة عن القدم المسحاء عقدة النقص الْلِمّة بصاحبها، لأن الشخصية المتوازنة لا تسكن إلا في الجسم المتوازن.

الشفاء من آلام القدم:

إن للقدم مقدرة خاصة على المرونة والتكيف أكثر مما يحلم به إنسان، وقد نصادف أفراداً ولدوا بلا ذراعين لنكتشف في دهشة تعدد الأفعال التي تقوم بها أقدامهم وتباينها. ولقد رأيت بنفسي فتاة تكتب يقدمها، وتمسك القلم بين الإصبع الكبير والذي يليه، وهناك آخر يرسم بها ويأكل وأخرى تعتني بمنزلها وطفلها.

وذلك بالاستخدام الماهر والذكي لطاقات القدم الكامنة، ومع أن معظمنا محظوظ في استغنائه عن هذه الوسيلة، إلا أننا سنقاسي بلا شك من آلام واضطرابات مزعجة لو حصل خلل في الأداء الوظيفي للقدم.

حمّام القدم:

ستكون هذه الطريقة - إذا مارستها بصورة صحيحة – علاجاً سهلاً وفعالاً لقدميك. اجلس على حافة المغطس وافتح صنبور الماء الدافئ حتى يصل مستوى الماء إلى الكاحل. ويجب أن تكون حرارة الماء مقبولة، ثم أرخ قدميك دون ضغط وحرك أصابع قدميك عدة مرات.

والآن إلى الخطوة المهمة، افتح صنبور الماء الحار عدة ثواني كل دقيقتين، وكرر هذه الحركة من ثان إلى عشر مرات حتى تكمل عشرين دقيقة في هذا الوضع، وكن حريصاً على الاسترخاء الذهني منشغلاً بالقراءة أو بأحلام اليقظة.  

ولكن أحذرك من هذه الوسيلة إذا كنت تنوي الخروج من بيتك فإن الفائدة في الراحة التي تعقب العملية وليس أثنائها.

كرر هذه العملية كل ليلة لمدة أسبوعين، ثم ثلاث مرات أسبوعياً الأسبوعين آخرين ثم مرة أو مرتين حتى تشفى قدماك تماماً، ويستحسن أن تدلك السطحين العلوي والسفلي للقدم بفرشاة خشنة قليلاً حتى تثير الدورة الدموية والإحساسات العصبية فيها، وستدهش للانتعاش الجديد الذي طرأ على ذلك العضو المنسي في جسدك .

الحذاء المناسب:

هناك ملاحظة لا بد منها قبل علاج القدم. وهي انتقاء الحذاء المناسب، فالكعب العالي مثلاً يزيد الجهد في منطقة المشط الذي ينوء بحمل وزن الجسم، وقد ينهار في نهاية الأمر، ناهيك عن التشوهات والتجعدات وتعذيب النفس، فقط ليبدو لابسه أكثر طولا بضع سنتيمترات.

ويفضل لهذا لبس الأحذية ذات النعل المستوي والرقيق المطاط، ويستحسن في درجات الحرارة المرتفعة أن تكون المقاسات أكبر درجة حتى تسمح للقدم بحرية الحركة، كما أن فاتح اللون منها يساعد على تبريد القدم وتخفيف الحرارة الخارجية عنها.