أهمية الاسترخاء عبر التنفس:

التنفس: من بعض فوائد تمارين الاسترخاء هو تنبيه الإحساسات العصبية في الأنف والحلق، وتقوية الحجاب الحاجز بالتثاؤب العميق، وبذلك ينبلج لنا جانب من محاسن التنفس المثالي. والآن قبل الاستمرار في إزالة التوتر عن بقية المجموعات العضلية، دعونا نستعرض معاً تلك المسألة الحيوية التي يطلق عليها: التنفس الكامل، ومدى تأثيرها على قابلية الاسترخاء والصفاء الذهني والصحة العامة.

هناك مقال في الموسوعة البريطانية يشرح مدى أهمية التنفس فيقول: إن مفهوم الحياة مرتبط كثيراً بكلمة التنفس، حتى إن كلمة زفير تتضمن معني نهاية الحياة، كما يتضمن الشهيق معنى الارتقاء إلى مستوى فوق إنساني، إن التنفس عملية مشتركة بين كل الأحياء، وهذا لأن الأسس الكيميائية للحياة تحتاج إلى أكسدة الأنسجة، مما لا غنى عنه في كل كائن، إن حياة الإنسان تبدأ فعلياً عند أول شهقة تدخل رئته وتنتهي بآخر زفرة تخرج منها، كما تعتمد صحة الإنسان وسعادته من البداية حتى النهاية ومن دقيقة الأخرى على كمية الأكسجين الداخلة إلى الرئة والطريقة التي يتم بها الاستنشاق، وعندما لا يجد الجسد الأكسجين، تعلن حالة الطوارئ القصوى في كل خلية. وأكثر الأمثلة وضوحاً ما يحدث لحظة الاختناق.

حيث إن الجسد في هذه الحالة لا يظهر أقل درجة من التحذير المسبق كما في الجوع مثلاً، وبالرغم من أن الإنسان لا يمكنه الاستغناء عن الطعام كذلك، بيد أنه يطالب بنصيبه من الأكسجين حالاً وخلال ثواني معدودات، وإلا فسيموت، وتبدو الصورة أقل إثارة إذا كانت حالة الاختناق غير حادة. ولو حافظت على جلستك المنحنية طوال ساعات بلا تنفس كامل عميق، فمن البديهي أن ينتشر في أعضائك التوتر ليظهر على شكل ألم في الكتف أو صداع أو ضعف في التركيز وتشويش ذهني.

ولا يوجد سلوك في الحياة يمنح عائداً وربحاً أكيداً كما يفعل التنفس الكامل، فهو مصدر لصحتك وصفاء مزاجك وفتوة إحساسك وطاقتك واسترخائك، والرضيع إذا كان موفور الصحة هو أفضل معلم للتنفس والاسترخاء النموذجي، فراقبه جيداً، لأن الرضيع حديث الولادة يستعين بكل عضلة تساعده في عملية التنفس، من عضلات البطن إلى الخصر إلى الظهر، وقد تعجب من مقدرته على إخراج الأصوات الحادة على الرغم من ضآلة حجمه، وذلك ببساطة لأنه يزيد من فعالية الحجاب الحاجز بتحريك ساقيه، كما يمتاز المولود بأكثر الأجساد استرخاء، وهذا أحد الأسباب التي تدفع الفنانين إلى رسمه كنموذج للسعادة الداخلية.

كيف تتنفس؟

تبدأ عملية التنفس بولوج الهواء عبر فتحتي الأنف، ولهذا وجب المحافظة على المجاري والجيوب الأنفية مفتوحة دائماً، فإذا تنفس الطفل من خلال فمه فقط، وجب عرضه على الطبيب الإماطة اللثام عن أي عيب خلقي في المسالك التنفسية، لأن التنفس عبر الفم ليس بديلاً عن التنفس الأنفي.

لماذا؟ ... لأن للأنف مقدرة خاصة على تكييف الهواء الذي يمر به خلال ثوانِ لكي يوازي حرارة الجسم، كما يعمل كمصفاة له، فينقيه من جزيئات الأتربة والشوائب العالقة. وحين يدخل الهواء الحنجرة بعد مروره بالبلعوم، تستقبله الأحبال الصوتية التي تشبه الصمام لتسمح له بالعبور إلى القصبة الهوائية، فالشعب فالشعيبات حتى يصل إلى الحويصلات الهوائية الدقيقة.

الرئة

تتكون الرئة من نسيج إسفنجي مرن يشبه القمع. وتملأ الرئتان معظم التجويف الصدري. كما تنقسم الرئة اليمنى إلى ثلاثة فصوص أما اليسرى فإلى اثنين فقط، لأن القلب يحتل الفراغ المتبقي من التجويف

الصدري الأيسر:

وظيفة الرئة الأساسية هي تبادل الغازات التي تحتاجها للحياة عن طريق الأوعية الدموية الدقيقة والمبطنة لملايين الحويصلات الهوائية، فتستقبل غاز الأكسجين المستنشق، وتتخلص من غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن عملية حرق المواد المتفضلة التي يفرزها الجسم باستمرار.

وهذه العملية تحتاج إلى كمية وافرة من الأكسجين، أي بعبارة أخرى، سيؤدي نقص الأكسجين في حالة التنفس الضحل إلى اضطرابها، ليتجسد هذا على شكل إجهاد عام، وخمول ذهني وجسدي ونفسي فلا يُقبل من يعاني منه على أمور الحياة برغبة وحيوية.

القلب والرئتان:

تمثل رئتاك خزان الأكسجين في جسمك، أما القلب فالمضخة الرئيسة للدم، حيث يدفعه إلى الرئتين أولاً ليتحمل بالأكسجين وينبذ ما علق به من ثاني أكسيد الكربون، ثم يعود أدراجه إلى القلب متوجاً بالأكسجين ليدور مرة أخرى، فيمر أكثره في الشريان الأكبر عبر الحجاب الحاجز ومنه إلى ألوف الشرايين الصغيرة لتغذية أجزاء الجسم المختلفة بالأكسجين الضروري. وفي رحلة العودة إلى القلب يتجمع الدم في أكثر الأعضاء إثارة وغموضاً... الكبد.

وللكبد خمس وظائف أساسية تبقينا على قيد الحياة، ولكن ما يهمنا هنا عملية تصفية الدم بعد أن صار حاملاً للمواد الضارة التي أفرزتها بقية أعضاء الجسم، والكبد واقع تحت الحجاب الحاجز مباشرة، ولهذا كان للأخير وسلامة أدائه أثر ذا قيمة على الصحة العامة.

الحجاب الحاجز

يكون الحجاب الحاجز فاصلاً بين القلب والرئتين من جهة وبقية أعضاء البطن من جهة أخرى، كالمعدة والكليتين والأمعاء والأعضاء التناسلية والمثانة، وهو مثل سقف متحرك، فعندما يتحرك إلى الأسفل مع كل تمدد للرئة، يضغط برفق على تلك الأعضاء ليثيرها وينعشها، ولن تحصل على هذه الفائدة إذا كان التنفس ضحلاً وضغط الحجاب الحاجز عليها ضئيلاً، فمن الإمساك إلى اضطرابات المعدة أو المرارة أو الكلية كنتيجة غير مباشرة لقصورها الوظيفي، ولهذا كان للتنفس العميق دور حيوي بارز واضح المعالم في صحتنا العامة.

كما أن الاضطرابه عواقب وخيمة لا حصر لها، ليس فقط على الأعضاء التي تحت الحجاب الحاجز، بل كذلك على القلب الذي تساعده حركة الحجاب الحاجز في أداء مهمته، وبالتالي يزداد العبء على القلب إذا ضعفت هذه الحركة، فتنعكس على شكل صعوبات أو اضطرابات في الدورة الدموية. وليس هناك أكثر تنغيصاً على الحجاب الحاجز وهو يجزل عطاءه وفوائده من تلك الساعات العديدة التي تقضيها جالساً في يومك.

لكن الحجاب الحاجز لا ينفرد وحده في شرف الاشتراك بعملية التنفس، لأن جدران الصدر والقلب وكل عضلات الجذع لها دور لا ينكر، وبما أن عضلات الذراعين والفخذين متصلة بعضلات الجذع فهي مرتبطة كذلك، وحين يدب الضعف في أي منها، لتأثرت حتماً عملية التنفس ونشأ ما يسمى بالتنفس الضحل.

تنفس أكمل، أداء أفضل:

إلى جانب دور التنفس الواضح في وظائف بقية الأعضاء، واستخلاص المواد الضارة من الدم وزيادة الحيوية، فإن له وظيفة مهمة ينظر لها معظمنا، ألا وهي مساعدة العضلات على القيام بمهمتها.

جرب الاختبار التالي:

قف وارفع ذراعيك عالياً كما لو أنك تحاول الوصول إلى رف مرتفع، ثم عد إلى وضعك الطبيعي، والآن كرر التجربة مع أخذ شهيق عميق عندما تبدأ في رفع ذراعك، ستشعر أنها ارتفعت بجهد أقل وقوة أكثر، أليس كذلك؟ كما يصاحبك شعور بالراحة لأن جسمك منتظم في عمله، فتذكر هذا الشعار دائماً: «التنفس أولاً ثم الحركة». ولهذه العبارة أهمية خاصة تستدعي تطبيقها في كل حركاتك العادية والتمارين والنشاطات البدنية، فدع تنفسك يعمل من أجلك.