العين المجهدة

تتعرض العين للإجهاد أكثر من أي عضو آخر في الجسم تقريباً، وقد كان الإنسان البدائي دائم النظر إلى المسافات البعيدة، أما المعاصر فيكتفي بالقريب منها محدقاً ساعات طويلة في دقائق الأشياء مثل كلمات هذا الكتاب، كما أن اتجاه النظر إلى أسفل بدلاً من المستوى الأفقي، كلها عوامل تضعف البصر وتزيده وهناً، وقد نستطيع تخمين مهنة البعض من حدة بصره كالصياد أو البحار الذي اعتاد على أن يرنو إلى الآفاق اللامتناهية خلال تأديته لعمله. وقد قُدّرت نسبة استهلاك الطاقة الذهنية في عملية الإبصار، فادعى البعض أنها 60٪ وآخرون ۸۰٪ وهذه نسبة هائلة، ولن نستغرب بعد هذا ما نعانيه من صداع وكلل عند إنهاك العيون.

إن الوقت الأم ل لجس العيون ومدى توترها وإجهادها لا يكون في أثناء الإجازات والنزهات وأوقات الراحة، بل في اللحظة التي يبدأ فيها هذا التوتر، وقد يظن البعض أن هذه طريقة غير عملية، فنرد عليهم بأن الإجهاد يتراكم كلما تقدمنا في ساعات اليوم. ولهذا وجب منعه قبل أن يستفحل وليس بعد تأصله في العين، وراحة العيون لا تستدعي الاستلقاء في غرفة دامسة الظلام ... فقط تخلى عما كنت تقوم به، انظر إلى البعيد عبر النافذة للحظات معدودة محدقاً في جسم معين ودون تركيز، ثم نقل نظرك بسرعة بينه وبين جسم قريب عدة مرات متوالية، ثم بين جسم كبير وآخر صغير مثلما سبق.

ويا حبذا لو طرَفت جفنيك بسرعة عدة مرات، لأن هذا ينظف العين ويريحها كما يحافظ على رطوبتها. وقد علّق أخصائي عيون بقوله: إن إجهاد العين على الأرجح سبب لعيوب النظر وليس نتيجة لها، ومرد هذا الإجهاد نابع في حالات كثيرة من إرهاق ذهني أو فشل في الاسترخاء الكامل».

كيف تداوي عينك المُجهدة؟

إليك أفضل وسيلة لاسترخاء العيون، أغمض جفنيك برفق، حيث ستبدأ عيناك بالحركة تحتها دلالة على استمرار التوتر، واقنع نفسك

بأنك لا تنظر إلى شيء في هذا الظلام الحالك، ثم بأطراف أصابعك، وجفناك على حالها مغمضين، دلك جبينك تدليكاً ليناً، نقترب الآن من أهم خطوة، تخيل هنا أن مجال النظر ليس في الجهة الأمامية بل الخلفية، ستشعر أن عينك قد بدأت في الانقلاب خلفاً وببطء كأنها أصبحت في مؤخرة الجمجمة شاخصة إلى داخل الرأس.

بعد عدة دقائق، افتح عينيك لتستمتع بالراحة والانتعاش وزوال التوتر حولها. ننصح بمزاولة هذه العادة قبل النوم، كما أنها وسيلة فعالة في درء الصداع الناجم عن إجهاد العيون، والتي ستجعلها متلألئة نضرة حيث تنشط دورتها الدموية.