الاسترخاء لماذا؟

هل التعمق في مسألة التوتر والاسترخاء مسألة ملحة؟ ...

الإجابة: نعم. فأغلب الناس يعانون من آلام وإجهاد في فترة ما، وقد يغشاهم الاكتئاب والاضطراب النفسي، فينأون عن الحياة غير مقبلين، ويراوغونها بدلاً من أن يواجهوها. لهؤلاء الناس وضع هذا الكتاب، لمن يملأون ىالعيادات والمستشفيات طالبين الشفاء، فينتهون بالإجابة التقليدية .... صحتك على ما يرام، فقد اهدأ واسترح.

وعلى الرغم من أن الكشف والتحليلات الطبية غالباً ما تظهر سلبية، إلا أن الخطأ يرجع إلى الكيفية التي يؤدي بها جسمك وظيفته اليومية، وذلك... في شدّ بعض المجموعات العضلية وإهمال مجموعات أخرى. أي في كيفية استخدامك... لأعضائك... ولو شبهنا جسمك بالعربة، فمن البديهي أنه لن يسمح لك بقيادتها حتى تتقن تماماً سبل التعامل معها... إلا أنك للأسف لم تتعلم كيف تستغل جسمك... لكي تستخلص منه أقصى طاقاته، فتسير أطول مسافة ممكنة بالوقود المتاح لك... وكي تحمي التك من الإجهاد الزائد، فتصبح مسيرتك في الحياة سهلة منتظمة ... من غير منغصات ولا مفاجآت...ة قد يشعر البعض أنه ضحية... مغلوب على أمره لجسده المستضعف فيتمنى لو وُلد بجسد قوي وطاقة عظيمة وعضلات متينة... ولكن لو أمعنت النظر حولك فستلاحظ أن العربة ذات المشاكل القليلة والأداء المستمر المنتظم ليست هي الأغلى ثمناً بل الأمهر قائداً.

إن الطبيب الذي يقوم بفحص قلبك ورئتيك وضغط دمك لا يملك الوقت الكافي عادة ليختبر كفاءة جسدك في قيامه بوظيفته، ولذا فلن يسألك الأسئلة التالية ...

  • هل تصحو ضجراً متعباً في الصباح؟
  • هل ينتابك القلق والاضطراب مراراً؟
  • هل تشعر بألم في ظهرك أو تصلب في كتفيك و مفاصلك؟
  • هل أنت مندفع دائماً وفي عجلة من أمرك؟
  • هل يراودك اليأس والإحساس بالفشل؟
  • هل تقوم بأعمال تفوق المقدرة؟
  • هل تدري كيف تستخدم جسدك وتخطط لحياتك؟

لقد كشفت الأبحاث أن التوتر هو السبب الخفي لكثير من الأمراض الجسدية والذهنية ... لما له من تأثير مباشر على الأعضاء والحالة النفسية والذهنية، فيترك ضحيته في حالة يرثى لها من الاضطراب والإحباط واليأس، ولذا كان لهذا الكتاب أهداف متعددة نلخصها بما يلي:

  1. أن يلفت نظرك إلى تأثير التوتر على الجسد وسبل الوقاية والتخلص منه .
  2. أن يساعدك في تحليل سلوكك اليومي، ويوجهك إلى مفاتيح التوتر ... والاسترخاء. |
  3. أن يشرح لك كيف تقوم هذه العربة التي تقودها أنت بوظيفتها اليومية في الحياة ... لتحسن استغلالها، لتحافظ على صحتك و تدرأ عن نفسك الأمراض والعلل.
  4. أن يدرّبك على تصحيح عاداتك السيئة، ويدلك على وسائل العناية بأعضائك، والتوازن في استخدام مجموعاتك العضلية بلا إفراط ولا تفريط.
  5. أن يوجهك خطوة بخطوة كيف تعيش أربعاً وعشرين ساعة يومياً بحيث تستخلص منها أقصى طاقاتك و مواهبك.
  6. أن تلك الحيوية والشباب وتتخلص من الترهل وضعف البشرة والأنسجة.
  7. أن يوجهك إلى التنمية القصوى لإمكانيات شخصيتك.
  8. أن يدربك على مواجهة حرب الأعصاب المستمرة بين الإنسان وبيئته، وأن تتعلم كيف تصل إلى مرحلة الصفاء الذهني.

ولكن ما هو التوتر؟ ...

قبل أن نلج الدهاليز المظلمة لأسباب التوتر وأشكاله، دعنا ندقق في هذه الكلمة، فهي تحمل معنيين مختلفين هما: حالة ذهنية وحالة عضلية، وقد يشكو أحدهما من التوتر رامزاً إلى الخوف أو القلق، ويصرّح آخر برغبته في الراحة لأنه متوتر، ويعني الأول بهذا توتراً ذهنياً أما الآخر فتوتر عضلي. ولذا كان استخدام التعبيرين الصنفين مختلفين يحتم علينا أن نحدد إذا كان توتراً ذهنياً أو توتراً عضلياً. وقد ركز علم النفس والطب النفسي على التوتر الذهني والراحة الذهنية في عصرنا هذا بإجراء اختبارات وأبحاث متباينة ومنوعة... ولكن مع هذا فلم يعرف إلا الشيء القليل عن التوتر العضلي وما يسببه من أمراض ليست ذهنية فحسب بل عضوية كذلك. كما أهمل أثر العادات السيئة والسلوك اليومي وما تتركه من مضاعفات تمثل المصدر الرئيسي للتوتر الذهني والعضلي.

إن من الحقائق المعروفة أن التوتر الذهني والعضلي متعلقان ببعضها البعض. فكل انفعال ذهني يؤثر على العضلات، وكل توتر عضلي يؤثر على الذهن، ونتيجة لهذه العلاقة الترابطية بينها ... فلن تتمتع بالصحة الكاملة إذا عمدت إلى كبت طاقاتك الذهنية، أو لم تطلقها كلها من خلال نشاط عضلي.