الحشرات حاملة المشاعل:

خلال ليالي الصيف (في الولايات المتحدة) تنشغل حاملات المشاعل في دنيا الحشرات وتضيء كمصابيح القصص الخرافية، ونحن لا نقدرها كما يجب رغم أنها إحدى عجائب الطبيعة، ونحن لا نصدق في وصفها لأننا نسميها الديدان المتوهجة والذباب المضيء، ولكنها ليست ديدانا أو ذبابا بل تنتمي إلى رتبة الحشرات «غمدية الأجنحة»، أو الخنافس.

أماكن تواجد الحشرات المضيئة : 

وتوجد هذه الحشرات المضيئة بدرجة شائعة في البلاد المعتدلة، ولقد درست بعناية كبيرة في إنجلترا حيث يوجد نوع منها يثير الاهتمام لأسباب أخرى بالإضافة إلى ما تعطيه من نور، ولأن هناك اختلافاً كبيراً بين الذكر والأنثى عما نجده بين غالبية الحشرات، ويملك الذكر أجنحة صلبة كالخنفساء الحقيقية ولكن الأنثى ليس لها أجنحة مطلقاً وتشبه كثيراً الدودة الممتلئة أو اليرقة.

وتهاجم الأنثى القواقع وهي في طور اليرقة كما تهاجمها في طورها الكامل، وينسحب القوقع المسكين إلى آخر ما يستطيع داخل الصدفة. وعندما تتبعه الدودة المتوهجة إلى الداخل يفرز مادته اللزجة ليحمي بها نفسه ولكنها تبرز من جسمها فرشاة لحمية تمسح بها تلك المادة الغروية وتستمر في أكل القوقع.

وفي منطقة الذيل توجد بقعة صفراء في جسم الأنثى يشع منها الضوء وكذلك يخرج من بيضها ضوء باهت. وحينما يفقس هذا البيض بعد أربعة أو خمسة أسابيع تستمر اليرقات والعذارى في إنتاج ذلك التوهج الخفيف.

وكذلك يتوهج الذكر ولكن بدرجة خفيفة، ومن المعتقد أن الأنى ترسل ومضات نورها كي تجذب إليها الذكر لأن الطبيعة لم تزودها بالأجنحة. وذكور هذا النوع قد تطير وتدخل من النوافذ المفتوحة متجهة ناحية مصباح مضيء.

وهي تعتقد من غير شك أنه أنتي كبيرة غير عادية. ثم تستاء من نفسها لهذه الخلطة.

الذباب المضيء : 

ويشعر الذباب المضيء أنه في بيئته إذا ما وجد في الأماكن الدافئة وخصوصاً المناطق الاستوائية. وهناك يبدو لمن يراه لأول وهلة أنه شيء مثير للفضول.

ولقد رأي السير «فرنسيس دريك»، وهو ثاني رجل أبحر حول العالم هذه الأنواع المضيئة من الذباب على جزيرة صغيرة من جزر الهند الشرقية، وكان قد توقف هناك ليصلح سفينته التي كادت تتحطم على الصخور، وكتب فيما كتب عن «جماعات من الديدان المتوهجة» تطير في الجو .

وتزحف الأنثى من هذا النوع بين الحشائش والشجيرات الصغيرة، بيد أن ذبابها المضيء يبدو كمن يرقص بين الظلال.

الخنافس المضيئة (خنافس النار) :

وفي الولايات المتحدة يكثر إلى حد ما نوع من «خنافس النار» صغيرة الحجم ولكن هناك نوعاً أكبر من ذلك كثيراً في المناطق الاستوائية وهي ذات لون بني غامق وعلى جانبي الصدر توجد بقعتان بيضاويتان بلون أصفر باهت وأخريان على السطح السفلى للبطن وهذه البقع تعطى ومضات حسب رغبة الخنفساء كما نفعل نحن بمصباح البطارية الحافة، ويصطاد الهنود هذا الذياب المضيء بتحريك بعض الفحم المتوهج مما يجذبها، ويحتفظون بها في أقفاص صغيرة وتشتريها السيدات اللاتي يحملها للزينة فوق ملابسهن.

وتعطى أنثي «الخنافس المضيئة» وهجاً أخضر بينما يكون ضوء الذكر من نوع أبيض زاه، وكلاهما يعد من عجائب الطبيعة.

ونحن حين ننتج النور نفقد كثيراً من الطاقة الحرارية ولكن هذه الحشرات المتواضعة تعلمت كيف تنتج ما يسميه العلماء «بالضوء البارد»، وهي تشارك في هذا السر بعضاً من أنواع الجمبري التي تسكن أعماق البحار حيث لا تنفذ أشعة الشمس وفي ذلك الظلام تعيش مخلوقات كثيرة غاية في الغرابة تساويها في هذا حاملات الضوء الصغيرة التي نسميها خطة الديدان المتوهجة والذباب المضيء.