الحشرات الضارة والمُخربة

كثير من أعدائنا الحشرية ما يلدغ وينشر الأمراض وهناك غيرها مما يسبب أضراراً كبيرة بتلويثه وتخريبه ما نحتاج إليه كي نعيش، وهذه الأنواع تلهم جزءاً كبيراً من موادنا الغذائية وتهاجم حقول المحصولات وبساتين الخضر والفاكهة وتسبب ذبول وموت أشجارنا الجميلة وتفسد ملابسنا ومفروشاتنا حتى إنها تخرب بيوتنا ذاتها.

وعالمنا عالم جائع، قليلاً ما يجد نصف سكانه ما يكفيهم من الطعام، ومع ذلك تضيع الحشرات دائمًا الكثير من مصادرنا الغذائية، حتى إن الطعام الموجود في مطابخنا ليس في مأمن من الحشرات التي دائما ما تكون شرهة جدا في طورها اليرقي. ومن أشد الآفات خطرًا ما نسميه بالسوس والدود.

ولقد قدر ما تقضى عليه الحشرات بأكثر من 300 مليون كيس من الحبوب في الولايات المتحدة كل عام. وقد استلزمت هذه الكمية جهداً كبيراً في زرعها وحصدها وتخزينها.

ويزداد ضرر الحشرات بالمحصولات المزروعة، ففي بعض الأحيان تكتسح البلاد مثل الجيوش الغازية. وكثيرا ما ينتشر الجراد في مناطق الشرق الأوسط فوق الحقول والأراضي المزروعة ويلتهم كل شيء أخضر من حشائش وأوراق، ويترك الأرض خلفه صحراء جرداء، وغالبا ما يتبع ذلك مجاعة.

وفي بعض الأوقات ينتشر النطاط فوق الأراضي في الولايات الغربية من أمريكا ناشرا الخراب في كل مكان، وفي عام 1936 أتي النطاط على ما يقدر ثمنه بأكثر من مائة مليون دولار من الحبوب.

ويشبه الضرر الذي يتحدث عن هجوم هذه الحشرات ما ينتج عن حرائق الغابات. فهي تخرب المساحات الشاسعة وتتركها إلى غيرها.

ولكن يجب على الفلاحين محاربة هذه الحشرات الضارة على نطاق ضيق ليحموا محصولاتهم من هذه الآفات التي تعي معنا دائماً، ومنها بق القرع المخطط وديدان الطماطم وغيرها من الحشرات التي تطير أو تزحف.

ومن بين الحشرات التي تهاجم الحبوب والمحصولات ذبابة القمح وبق الحبوب وكذلك ثاقبة الذرة، وهي دخيلة غير مرغوب فيها جاءت من أوربا. وهناك حشرة دقيقة تلتصق بالقلف مثل القشور كادت تقضي على مزارع الكروم في فرنسا. وفي الولايات المتحدة نجد ثاقبة أشجار الخوخ وخنفساء البرقوق.

ويخشى زارعو البرتقال هجمات الحشرات القشرية ذات اللون الأحمر وتصاب بساتين التفاح بفراشة تنخر يرقاتها في الثمار، وغير ذلك كثير من الآفات الحشرية.

وهناك محصولات أخرى يصيبها الضرر أيضا، فيرقات فراشات (أبي الهول) وغيرها تقرض أوراق نبات الدخان. وفي الولايات الجنوبية من أمريكا أحدثت سوسة لوزة القطن خسائر كبيرة بحقول القطن، وسببت هذه الحشرة في كل سنة من خمسة أعوام متفرقة خسائر المزارعين الأقطان تقدر بأكثر من خمسمائة مليون دولار.

وكذلك تهاجم الحشرات منتجاتنا الصوفية من ملابس وسجاجيد، وقد قدرت الخسائر الناتجة عن ذلك في الولايات المتحدة بنحو خمسمائة مليون دولار في السنة.

وهناك كثير من الحشرات يمتص عصارة النباتات ويحدث ضرراً كبيراً بالمزروعات والأشجار، ومنها أنواع تنخر في القلف والخشب وهذه لا تضر الأشجار فحسب بل تترك كذلك سبيلا لدخول أنواع الفطر التي يكون ضررها أفدح. ولقد قضت دودة براعم شجر التنوب الفضي على أكثر من ثلاثة أرباع غابات هذه الأشجار في ولايتي «مين ومينيسوتا» خلال عشرة أعوام. وفي كندا قضت هذه الحشرة على كمية كبيرة من أشجار الأخشاب تكفي حاجة مصانع الورق في تلك المنطقة مدة ثلاثة أعوام كاملة.

وكادت أشجار اللاريس تختفي في ولاية «نيوانجلند»، وشرق كندا حيث قضت عليها ذبابة اللاريس المنشارية.

وفي كل عام تقضى «خنافس الصنوبر الغربي»، على نحو خمسمائة مليون قدم من خشب الصنوبر الأصفر وهو من أجود أنواع الأخشاب في أمريكا.

وتعد شجرة الصنوبر المقوس من أثمن الأشجار في الولايات الجنوبية، ولكن الحشرات تفسد نصف محصولها السنوي تقريباً.

وبعض الحشرات يلذ لها مهاجمة أخشاب الأشجار بعد أن أجهد العمال أنفسهم في قطعها ورصها بعضها فوق بعض، وقد تفضل الأخشاب التي عولجت بعناية وكذلك بعد استخدامها في المباني وفي هذا الخشب تحدث و «الخنفساء المنشارية» ثُقوبًا كبيرة حتى إنه يبدو مثل الجبن السويسري.

ولقد جرت إصلاحات حديثة في «البيت الأبيض»، في واشنطن بعد أن أخذت الحشرات تأكل العارضات الخشبية للسقف ذاته. ولم تتردد الحشرات في غزو منزل رئيس الجمهورية. وتكلف هذا الإصلاح عدة ملايين من الدولارات.

ويتزايد الضرر الناتج عن الحشرات من سنة إلى أخرى. وليس من اليسير جمع البيانات بدقة.

ولو أن الجميع يتفق على أن الخسارة السنوية في الولايات المتحدة فادحة جداً ويقدرها البعض بنحو أربعة آلاف مليون دولار أي نحو خمسة وعشرين دولارا لكل رجل وامرأة وطفل في تلك البلاد.