سمكة البلهد (أبله الناظرة)

امرأة تنزع للمثالية. صارمة، وذات خلق، ومتحفظة، وغير ودودة، وتحب المنافسة، وذكية، وغير صبورة، ومتحكمة في نفسها، ومسيطرة، وغير مرنة، وعنيدة. تحتفظ بكل شيء وبكل قطعة ورق. إنها محبة للعمل أكثر من أي شخص آخر، قد تنشغل بالإتقان والنظام، وتميل إلى إنجاز الأعمال بنفسها لأنها لا تعتقد أن أي شخص غيرها يمكنه إنجازها بدقة متناهية مثلها. تهتم كثيرا بالتفاصيل الدرجة تجعلها لا ترى الصورة الأكبر، والتفاصيل الكثيرة والمتعددة تجعلها تشعر على الدوام بالإرهاق والعبء. تلقي بجزء من اللوم على أفراد فريق العمل التابع لها وذلك لأنها تظن أنهم عابثون ولا يتحملون المسئولية. تعادي، بشكل غير صريح، من يحتكم إلى مشاعره أو يبدو مندفعة.

تقدر الاستقامة والانضباط والنظام والولاء. تشمئز من أي شخص لا يشعر بالمسئولية، وهذا يتضمن اشمئزازها من أي شخص بدرجة ما لأنه لا يعمل بمثالية ترقی لتوقعاتها (وهذا يشملها أيضا). وبما أنها شخصية رزينة، فهي لا تعتقد أن للآخرين الحق في الغضب. وهي تفعل كل شيء حسب القواعد. والعمل معها أو من أجلها ليس شيئا ممتعا. وهي لا تتمتع بقدر كبير من خفة الظل وروح الدعابة.

عليها أن تتحكم في علاقاتها، وعادة ما تكون المسيطرة. لسانها قد يكون لاذعا في المنزل أو العمل إذا بدا أن الأمور خارجة عن السيطرة. وهي تصر على خضوع الجميع للقواعد، وديكتاتورية في علاقاتها بالآخرين في البيت وفي العمل. لن يرقى زوجها وأبناؤها أبدا إلى مستوى توقعاتها فيهم. نادرا ما ترضی.

في العمل، نجدها تتنازل وتهبط بنفسها المستوى موظفيها، ولكنها متملقة لرؤسائها بشدة. تنفذ تعليماتهم بحذافيرها، وإذا لم تستطع، تلوم موظفيها لأنهم غير مسئولين وناكرين للجميل ولا ولاء لهم. برغم مشاعرها، إلا أنها ودودة وتحترم مرء وسيها. تجد صعوبة في تفهم أسباب معاناتها النفسية.

تعاني من مشكلة في الأداء بشكل جيد في بيئة تتطلب أي شيء أكثر من القواعد والإرشادات الصارمة. بالرغم من الوقت الإضافي الذي تقضيه في العمل، لا تنجز قدراً كبيراً منه. انتباهها لتفاصيل لا معنى لها يمنعها من فهم الصورة الأكبر.

نادراً ما تأخذ إجازة، ولكن عندما تقوم بذلك، تنشغل جدة بتفاصيل عن الأماكن التي ستزورها، وتضع جدولا زمنيا لتتأكد من الاستغلال الأمثل لكل دقيقة.

في طفولتها، ربما تكون قد عوقبت ذات مرة على فشلها ولم تكافأ إلا بالكاد على نجاحها، كانت حياتها جادة. لم يوجد وقت للمرح والاستمتاع. قد تميل الإهمال أسرتها وتستغرق في العمل، وقد يتطلع أطفالها لغيابها.

إذا لم تصب بانهيار عصبي قبل منتصف العمر، قد تأتي لمعالج نفسي في ذلك الوقت طلبا لمساعدته لزيادة إنتاجيتها في العمل. ذاكرتها لم تعد قوية كما كانت من قبل، ولا تستطيع التعامل مع أعباء العمل كما اعتادت أن تفعل. قد يلاحظ طبيبها النفسي أنها مصابة بالاكتئاب، والعقاقير المضادة للاكتئاب قد لا تساعد شخصية كهذه لأن الاكتئاب في حالتها نابع من منظور نفسي، وليس من اكتئاب نفسي، ولذلك لن تفيدها تلك الأدوية كثيرة. وعلى أية حال فإن تناولها لهذه العقاقير أمر مشكوك فيه في الأصل وذلك لخوفها من فقدان السيطرة. عادة ما تكون مشكلتها أن الطفل الموجود بداخلها قد نام من السام ولم تسمح لنفسها بأن توقظه وتجدد شبابها عن طريق أنشطة تعطي لحياتها معنی. معنى الحياة عندها هو الواجب والمسئولية.

قللت نشاط مقدم الفص الجبهي في المخ، وهو ذلك الجزء من المخ الذي يجعل الإنسان قادرة على رؤية الصورة الأكبر للأشياء. إنه موقع القيادة في سفينة الحياة، ويحيطه نوافذ يمكن أن يرى الإنسان منها أين كان وإلى أين سيذهب كما يمكنه أن ينظر منها نظرة محيطية في كل الاتجاهات. وهي نادراً ما تجلس في موقع القيادة، فهي مشغولة جداً داخل السفينة، لتتأكد من أن الطاقم يقوم بمهامه على نحو صحيح، فإذا سألها أحد أين ستذهب السفينة بالتحديد، فسترسم خطة إبحار مليئة بالتفاصيل. وإذا طلب منها شخص ما أن تذهب إلى "مكان لطيف"، فسيوقفها هذا في مسارها.

من يعملون من أجلها ويحاولون مجاراتها، ربما لن ينجحوا أبداً. فهي تتنفس العمل والمسئولية، وتنام وهي تحلم بهما. وحتى إذا استطاعوا مجاراتها فعلا، فسوف تنتقدهم تماما كما تنتقد نفسها، وعليهم ألا ينتظروا منها أي تقدير. فإذا منحت أحدة علاوة أو ترقية، فسيكون السبب أن القواعد تنص على أن هذا هو الوقت المناسب لذلك.

وبالنسبة للزوج أو الأبناء، فإن الأمر كذلك أيضاً. فلها العديد من التوقعات غير الواقعية. فإذا حدث ولبوا أحد توقعاتها غير الواقعية، عندئذ تكون الأمور قد سارت بالطريقة التي توقعتها. لن يكون هناك مكافأة، ولكن سيكون هناك عقاب على عدم تلبية باقي التوقعات أقرب للمستحيل أن تجعلها سعيدة، فالسعادة والمرح عبث بالنسبة لها.

 

لو عملت مدرسة، ينبغي أن يعرف تلاميذها أنها ستخصم درجات عديدة على الأخطاء الإملائية وعلى عدم كتابة التقرير بشكل لائق، ولا يهم كم ما أنجزه التلاميذ من جهد في أي شيء آخر. في معظم الأوقات، تكون غير قادرة على تجاوز التفاصيل والمرور منها للصورة الأكبر. لقد اجتازت مراحل الدراسة عن طريق قدرتها على تذكر التفاصيل. لن تقدر القدرات الإبداعية أبداً.

أفضل طريقة ليتعامل بها معها تلاميذها أو أحد أفراد أسرتها أو مرؤوسوها هي أن يعاملوها بود، وألا يأخذوا النقد بشكل شخصي، وأن يتجنبوها قدر المستطاع، سيكونون أكثر سعادة بهذه الطريقة. على أية حال، قد يكون من السهل عمل ذلك لأنها ستكون مستغرقة في التفاصيل والعمل معظم الوقت. من المرجح أنها لا تحاول أن تكون سيئة الطبع، ولكنها فقط مشغولة داخل سجنها النفسي الخاص.