سوء الفهم

 

ما يزعجك في الآخرين لابد أنه موجود فيك أيضاً.

- وليم شكسبير

غالباً ما يعتقد النساء أنهن يعرفن الرجال، وذلك لأنهن يعرفن مشاعر الرجل، وأحياناً أكثر مما يعرفها هو. ولكن المشكلة هي أن معرفة المشاعر وتفسير مصدرها أمران منفصلان ومختلفان تماماً. ومن الأشياء التي يتضايق منها الرجل للغاية أن ترجع المرأة سلوكه أو مشاعره لدوافع خفية غير صحيحة. ومن هنا تأتي العبارة: "إنها لا تفهمني"، فتفقد المرأة مصداقيتها في عينيه، وتشعر أنها فقدته، إلى حد ما.

 

إن سوء الفهم يحدث عندما تعتقد أنك تعرف شيئاً ما عن شخص ما، ولكنك فعلاً لا تعرف. وسوء الفهم قد يجعل المرأة تبدو للرجل سيئة الطبع, حتى عندما يكون للمرأة في واقع الأمر أفضل النوايا. فعادة ما يستطيع الناس إدراك أنهم لا يفهمون شيئاً ما، ولكنهم لا يدركون الأمر عندما يسيئون فهم شيء ما. ويحدث ذلك في المواقف التي يعتقدون فيها أنهم يفهمون الأمور جيداً، ولكنهم في حقيقة الأمر لا يفهمونها. ويعتبر سوء الفهم هذا السبب الرئيسي للخلافات الزوجية والطلاق.

 

الشيء الجميل

 

في هذا الفصل، سأتبع أسلوب التعميم عن الرجال والنساء. أدرك تماماً أن هذا هو ما أفعله وأن ما سأقوله لا ينطبق على كل رجل أو كل امرأة. ومع ذلك، فعندما أقدم هذه المعلومات لعلماء النفس أو الأخصائيين الاجتماعيين أو المستشارين، فإنهم يجدونها معلومات مدهشة وقيمة، والتعميم أمر مألوف في بعض الكتب التي تتناول موضوعات مماثلة. سأقدم مادة جديدة، ولكن ما أريدك أن تراه هو الصورة الأكبر. ولكي أساعدك، سأقدم ذلك في صورة جدول توضيحي كما أفعل في ندواتي وبذلك لن تفقد الصورة الأكبر بسبب بعض التفاصيل الملفتة للانتباه. اتفقنا؟ إذن لنبدأ.

 

معظم النساء لا يدركن تأثيرهن على الرجال. بعضهن يدركن هذا التأثير ويستخدمنه بحكمة، وبعضهن يدركنه ويستخدمنه بطريقة مستغلة مخادعة. معظم النساء يستخدمنه بدون إدراك ذلك.

وتقول الدراسات النفسية إن الرجل يتعلق بأمه، ثم بعد أن يتركها يتعلق بزوجته. لم أفهم أبداً ما الذي يعنيه هذا التعلق إلا الآن. دعنا نلق نظرة ونرّ ما يعنيه هذا التعلق

 

تقدير الذات

مع من يكون الرجل في السنوات الخمس الأولى من عمره، أثناء أكثر مراحل نموه أهمية؟ نعم، مع أمه. إذن من أين يحصل على تقديره لذاته أثناء تلك السنوات؟

نعم... من امرأة. إن اليد التي تهزهز المهد لها أكبر الأثر في تشكيل هذا العالم. ففي نواحٍ كثيرة تولت المرأة الزمام في الخلفية. فبينما كان الحصان يجر العربة، كانت المرأة توجهه على الطريق بجذب الزمام. وطوال الطريق تشجعه قائلة: "أنت تقوم بالعمل يا حبيبي!". وفي معظم الأحوال يمكن أن نطلق على ذلك العمل بروح الفريق.

 

وتحصل المرأة أيضا على تقديرها لذاتها من أمها، ولكنها تتوحد مع أمها، بينما لا يستطيع الرجل ذلك. فبينما تصبح المرأة شبيهة بأمها في نواح كثيرة, يرید الرجل أن يكون جذاباً في عين أمه حتى تصبح فخورة به. فهو مستقل ومختلف عنها. ولكن هناك صلة بينهما. ولنعد إلى عملية التعلق.

 

عندما يلتقي الرجل بالمرأة التي يريد أن تشاركه حياته، فإنه يسقط تقديره لذاته عندها، ليس كل تقديره لذاته، ولكن ذلك الجزء الذي يخص المرأة والرجل يفعل ذلك بدون وعي منه. وبعد ذلك، يصبح رأي هذه المرأة فيه شيئاً في غاية الأهمية بالنسبة له. ففي بداية علاقتهما. قد يحاول إصلاح أي شيء لا يرضيها. وإذا لم يعجبها شيء فيه، فإنه يعمل على تحسينه. وربما تعتقد هي أنه يفعل ذلك حباً لها، وربما يكون ذلك صحيحاً بشكل غير مباشر. ولكنه في المقام الأول يقوم بهذه التغييرات لأنها تحتجز تقديره لذاته عندها، وسوف يؤله إن هي وخزته.

 

وفي الغالب، لا تعرف المرأة أن ذلك يدور في عقله ومشاعره. وهي لا تنظر للأمر بهذه الطريقة إطلاقاً. فهي لا تعرف أنها الصائن لتقديره لذاته.

 

وما يعقد الأمور هو أن المرأة نادراً ما تتزوج الرجل لما هو عليه، ولكنها تتزوجه لما سيصبح عليه. فعندما تتزوج المرأة، يصبح تحسين وتطوير زوجها هو مشروع حياتها.

 

الرجل

المرأة

تقدير الذات

مشروع تحسبن الرجل

 

 

إنها تريد أن تجعله أفضل مما هو عليه، ومن ثم تتوصل إلى بعض الأشياء التي يمكنه فعلها ليتحسن ويتطور (قد ينظر إلى هذه الأشياء على أنها دليل على عدم رضاها عنه)، وهي لا تدرك أنها هي من تحمل تقديره لذاته في حجرها، وأنها إذا ما وقفت، فسيسقط على الأرض. وقد تطؤه بقدمها في غفلة منها وتنحيه بعيداً عن الطريق، إن الرجل يهمه حل المشكلات، أما المرأة فما يهمها هو تحسين الأشخاص.

ويتصارع تقدير الذات الذي تحوزه مع "عدم رضاها" (من وجهة نظره). فتطؤ بدون قصد على تقدير الذات حتى يتألم. ومع مرور السنوات، قد يتحسن الرجل، حسب نصائحها وتوصياتها، ولكن تتباطأ استجابته شيئاً فشيئاً. وبعد ذلك في أحد الأيام، تدوس في غفلة منها على تقديره لذاته بكعب حذائها المدبب , وهو شيء مؤلم جداً لدرجة تجعله يستعيد تقديره لذاته. ويتوقف عن التعلق بها، وتكون هذه هي اللحظة التي تفقد فيها قدراً كبيراً من تأثيرها عليه. ويحاول أن يجعل نفسه غير مبالٍ بما تفكر هي فيه. وتفسر هي ذلك بأنه تباعد عاطفي وتخشى من أنه لم يعد يحبها، وكل ذلك لأنها تحاول أن تجعله أفضل مما هو عليه، ولأنها لا تدرك أبداً تقديره لذاته, الذي لم توافق أبداً في الأساس على أن ترعاه.