نساء سيئات الطباع

 

كن صادقا مع نفسك.

- وليم شكسبير

 

 

 

 

 

 

لماذا تعتبر بعض النساء سيئات الطبع؟ قد يكون السبب أن هؤلاء النساء بهن بعض السمات التالية، فقد تكون هذه المرأة:

 

 

محبة للتملك

مسيطرة

غير متزنة عاطفياً

قد أساءت فهم شيء ما

قد أسيء فهمها

لا تبالي بالآخرين

 

نرجسية

استغلالية

عديمة الضمير

تشعر في قرارة نفسها أنها أفضل من الآخرين

 

وقد تكون في الماضي

تعرضت لاعتداء جسدي

تعرضت لجرح مشاعرها

تعرضت لاعتداء جنسي

قد تم إهمالها

تعرضت لصدمات

• تربت بشكل خاطئ

• اعتادت على أن تتصرف بهذه الطريقة

 

قد تعتقد أن سوء الطباع يكون بالاختيار دائماً. إذن ماذا لو كان شيء ما سيئ قد حدث لها؟ لماذا تنفس عن ذلك مع الآخرين؟ دعنا نوضح ذلك. لدي قصتان سأرويها لك.

 

تعرضت للدغ النحل عندما كنت في الرابعة من عمري. لا أحب أن أجعل نفسي مثالاً، ولكنني الشخص الوحيد الذي أستطيع أن أحصل منه بشكل مباشر على تصريح بسرد القصة. لا أذكر هذه الحادثة، ولكن ليس لأنها كانت صدمة أفقدتني الذاكرة، ولكن لأنني لا أذكر أي شيء حدث لي في هذه السن. (فالذاكرة الإدراكية لا تبدأ العمل إلا عند عمر الخامسة). على أية حال، فوالدي يذكر هذه الحادثة، وكذلك جسدي، أخبرني والدي أنني دخلت لعش النحل، ثم جريت نحو منزلنا الريفي، وبالطبع، عندما تجري، يلدغ النحل أكثر.

وسأخبرك بما يحدث في بداية الصيف الآن وأنا شخص بالغ. قد أكون جالساً أمام المائدة في مكان مكشوف وأسمع أزيز النحل بالقرب من أذني وأراه يطير أمام عيني. وما يحدث بعد ذلك هو تجربة غريبة تفصلني عن العالم من حولي تماماً.

ففي أقل من لحظة، يقول لي عقلي: "لا! ها هو لدغ النخل مرة ثانية"، فيقفز جسدي بعيداً عن المائدة. ثم يقول عقلي: "أتمنى ألا أصطدم بالمائدة"، وهنا تزید قوة ركبتي لضعفي أو ثلاثة أمثال قوتها العادية، وذلك بسبب مادة الأدرينالين التي تجري الآن في عروقي.

 

تصطدم قدمي بالمائدة، وتطير الأطعمة فوق الأرض، ويبدأ جسدي في الجري بسرعة. ثم أقول لنفسي: "هذا غباء، إذا جريت، فسأكون عرضة لأن يلدغني النحل أكثر".

 

ولكن جسدي لا يبالي بما أفكر فيه وينطلق مسرعاً. أتمنى بيني وبين نفسي ألا تكون زوجتي غاضبة جداً لأني اصطدمت بالمائدة، ولكن عندما أنظر إلى هناك أراها من بعيد واقفة متذمرة ووجهها متجهم. الآن أعرف أنني سألقي وبالي عندما أعود. يستمر جسدي في الجري إلى أن يختفي أي أثر للنحل. ثم أضطر إلى أن أعود كل تلك المسافة سيراً. كل هذا بسبب الصدمة التي تعرضت لها عندما لدغني النحل في الماضي، تلك التجربة التي لا أستطيع حتى أن أتذكرها. هل لك تجربة مماثلة؟.

 

والآن سأخبرك بالقصة الثانية، وقد يكون من الصعب أن تعرف إن كانت تنطبق عليك أولا قبل أن تسمع القصة كاملة. كنت في أحد السجون (كعضو من المشرفين، بالطبع)، وطُلب مني أن أقدم المشورة لامرأة بدا أن لديها إمكانية كبيرة للتحسن ولكنها كانت باستمرار لا تساعد نفسها. وقد أتيحت لي جلستان لعلاجها، وسأطلق عليها اسم "ماري".

 

كانت امرأة طويلة القامة وكانت تبدو لطيفة جدا. وكانت هذه هي المرة الثالثة التي تسجن فيها بسبب اعتدائها بالضرب على أشخاص آخرين. سألتها ما المشكلة، فقالت: "المشكلة هي أنني لا أريد أن أعود للسجن مرة أخرى". أخبرتها أنني سأعلم المسئولين بذلك وأخبرهم أنها لا ترغب في العودة للسجن مرة أخرى، فضحكت وقالت: "المسألة هي أنني في كل مرة آتي فيها للسجن أفقد وظيفتي وشقتي، وأضطر إلى التماس العون من أقاربي لرعاية أطفالي. لا أستطيع التعرض لذلك مرة أخرى، عليك أن تساعدني".

 

أخبرتها أنني سأحاول، وسألتها عن سبب سجنها هذه المرة، فقالت إنها قد لكمت رئيستها في العمل. سألتها عن السبب فقالت: "لأنها قد صرخت في وجهي".

 

سألتها: "حسناً، ولكن لماذا ضربتها؟". فرفعت رأسها ونظرت إلي وقالت: "لقد أخبرتك، لأنها قد صرخت في وجهي". بدأت أشعر بالتشاؤم من إمكانية علاجها، أخبرتها أن الناس يصرخون في وجه بعضهم البعض دائماً ولكنهم لا يكيلون لبعضهم اللكمات، فردت قائلة: "حسناً، ولكنني أفعل ذلك!".

سألتها: "لماذا؟". فقالت: "لا أعرف، ولهذا طلبت مساعدتك".

فسألتها: "حسنا. لماذا سجنت في المرة السابقة؟".

فرد: "لأنني قمت بضرب صاحبة المنزل".

"لماذا؟".

لأنها قد صرخت في وجهي".

"حسناً، حسناً. وماذا عن أول مرة جئت فيها للسجن؟".

 

"كنت قد اعتديت بالضرب على أحد من الجيران".

قلت: "دعيني أخمن هذه المرة. كانت امرأة"

"نعم"

"وكانت قد صرخت في وجهك ".

"نعم، كيف عرفت؟".

"إنهم يعلموننا في الجامعة أن نقرأ ما في العقول".

ثم ضحكنا.

 

ولكي أختصر قصة طويلة (لكن ضرورية)، فقد تحدثنا عن والدتها، كان والدها قد تزوج من امرأة أخرى، وحملت المرأتان في نفس الوقت. ثم حدث أن تمت الولادتان في نفس المستشفى وفي نفس اليوم. تصورت والدتها أن الرضيعين قد تم تبديلهما في المستشفى، وأن ماري كانت ابنة المرأة الأخرى. لذلك، عندما كانت ماري صغيرة، وكان والدها يذهب إلى زوجته الأخرى، كانت والدتها تبدأ في تعنيف الصغيرة وتوبيخها، وكانت تقول لها أشياء بشعة مثل: "إنك مثل والدك تماماً. أنت فتاة سيئة، ولا أدري لماذا أتحمل العيش معك، إنك حتى لست ابنتي!". وكانت تمسك بها وتهزها بشدة وتصرخ في وجهها، ثم تضربها حتى تفقد الوعي.

 

بالطبع، سبب لها ذلك صدمة، مثل صدمة النحل التي ذكرتها، ولكن في هذه الحالة بشكل أسوأ بكثير، نعرف كيف أن الاعتداء الجسدي ينتقل من جيل لآخر، فالتوتر والعصبية ينتقلان من الأبوين إلى طفلهما، ثم يصبح هذا الطفل خائفاً. ما الخوف؟ يمكن أن يكون الخوف غضباً مكبوتاً. وأحيانا يكون الخوف "غضباً مقيداً وتم تأجيل التنفيس عنه". نحن بالطبيعة نتعامل بمبدأ "البقاء للأقوى"، ونتيجة

لذلك تجعلنا الطبيعة "نصيح" (للحظة) في موقف الفائز (من يكتب لهم البقاء)، (أي أننا نفعل ما فعله الفائزون وذلك لأن هؤلاء هم الناجون).

 

ولذلك هذا ما حدث لمالكة المنزل:

  1.  بدأت رئيستها في العمل بتعنيف ماري وتوبيخها بشدة. أصبحت ماري خائفة (أثير الغضب المكبوت). شعرت وكأنها في نفس الموقف كما كانت مع والدتها. ثم شعرت بالضعف والعجز.
  2.  بعد ذلك بدأت رئيستها في العمل بالصراخ في وجهها، وهذا أثار جسدها (الكائن البشري المبرمج على مبدأ البقاء للأقوى) ليتحول إلى موقف الفائز أو من سيكتب له البقاء. وقد جرى الأدرينالين في دماء ماري، فأصبحت قوتها ضعف أو ثلاثة أمثال قوتها العادية وفي قمة التركيز.
  3.  فتحولت ماري لأن تكون والدتها للحظة (فهي الباقية، والمتحكمة، والفائزة)، فلكيت رئيستها في العمل.

 

كم عدد المرات التي قلت فيها لنفسك: "لن أفعل شيئاً كهذا مع أولادي أبداً "، ثم تجد نفسك تفعله أو على الأقل تشعر بالرغبة في ذلك؟ إذن هل تستطيع هذه المرأة أن تتحكم في نفسها؟ هل تستطيع أن تمنع نفسها من ضرب أي رمز للأنثى المتسلطة التي تصرخ في وجهها؟ بالطبع لا. فالإنسان وغيره من الكائنات الأخرى قد تم برمجتهم بالفطرة منذ مئات الآلاف من السنين على أخذ موقف الفائز (الذي يتم له النجاة). ولكن هذه تكون شخصية مؤقتة. كم عدد المرات التي تصرفت فيها مثل أمك أو أبيك؟ إنك "تصبح مثلهما" للحظة في المواقف المشحونة بالمشاعر.

 

هل تصورت صاحبة منزل ماري أو رئيستها في العمل أو جارتها أن ماري امرأة سيئة الطبع؟ بالتأكيد، فهي قد اعتدت بالضرب عليهم جميعا. هل اعتدت

 

بالضرب أبدا على أي رجل؟ لا، على صديقة لها؟ لا. وبعد أن كنت متشائماً في البداية من حل مشكلتها، فكان على أن أعترف أنها لا تستطيع أن تمنع نفسها. تناولنا ما سبق كله في الجلسة الأولى! كان ينبغي علاجها في الجلسة الثانية. فكرت فيها كثيراً في الأسبوع التالي، هل يمكنني إرسالها لمكان تعالج فيه من اضطراب توتر ما بعد الصدمة؟ لا. هل أستطيع إرسالها لمصحة علاجية؟ لا، فلا يوجد مال، والميزانية لا تسمح.

 

توصلت في النهاية لاستخدام عملية مكونة من اثنتي عشرة خطوة مأخوذة من العملية المستخدمة لمساعدة الأشخاص على الإقلاع عن الكحوليات. إحدى الخطوات الرئيسية في هذه العملية أن يعترف الشخص بضعفه وعجزه عن الإقلاع عن الكحوليات. وكانت ماري مستعدة للاعتراف بأنها كانت ضعيفة وعاجزة عن السيطرة على نفسها أمام "أي رمز للأنثى المتسلطة التي تصرخ في وجهها"، وبأنها غير قادرة على التحكم في تصرفاتها في هذا الموقف مثلما يعجز مدمن الكحوليات عن مقاومتها. لذلك، قررنا أنها لن تعمل مرة أخرى عند امرأة، إذا استطاعت ذلك. واتفقنا أنها ستترك الموقف إذا ما حدث أن عنفتها أي امرأة أو صرخت في وجهها. وقد يفهم المحيطون بها ذلك على أنه جبن منها، ولكنها كانت قادرة على تبرير الأمر لنفسها بإدراكها أنها تترك الموقف کي لا تؤذي المرأة الأخرى وليس خوفاً منها، ولم تعد ماري للسجن خلال ثماني سنوات بعد ذلك، لذلك أظن أننا تمكنا من مساعدتها. ولكن هل عالجنا الصدمة الأولى؟ لا، والدليل على ذلك أن أي امرأة في مركز سلطة سوف تصرخ في وجه ماري، ستجد أمامها مفاجأة كبيرة.