سمكة القاع (المتعلقة بالقاع)

 

 قد تنبع المتعلقة بالقاع من عدة مصادر نفسية مختلفة. وهي تتسكع مع الفاشلين وبصرف النظر عن منشئها النفسي، فهي تعاني مشكلة تتعلق بتقديرها لذاتها.

أمثلة

• النمط 1. تشعر أنها أعلى منزلة عندما تتسكع مع الطبقات الدنيا. تعاني مشكلة تتعلق باحترام الذات. قد تكون المشكلة أنها تفضل أن تكون ملكة على الطبقات الدنيا، أفضل من أن تكون إنسانة عادية. ربما تفضل أن تكون سمكة كبيرة في حوض صغير، بدلا من أن تكون نفس السمكة في حوض أكبر. قد تستمر فترة علو منزلتها لبعض الوقت، ولكنها قد تكتشف أنها ليست بارعة مثل تابعيها. وفي النهاية تسقط من سموها، بينما يتوجون هم ضحية جديدة. ويحدث ذلك في منتهى الخفاء والمكر، حتى أنها لا تتوقع حدوثه أبدا.

 

• النمط 2. قد تخرج في حملة لإنقاذ الناس. تری قدرات الأشخاص الكامنة، وهي إنسانة مثالية. تتخطى الحدود والقيود وتجعل حملتها جزءاً من حياتها الشخصية ولا تعتبرها عملاً أو مهمة تطوعية، إذا جاء رجل حسن المظهر ويبدو أن بداخله قدرا كبيرا من الطاقات والإمكانات ولكن لا يستطيع إخراجها، تتزوجه. فهي منقذة وشجاعة ونبيلة، ولا ترى الصورة الكبرى الواقعية للأشياء. وبعد عشرين عاما، نجد أن زوجها مازال لا يستغل قدراته الكامنة، فيما تكون هي قد احترقت. تقديرها لذاتها يكون في خطر كبير عندما تبدأ في إدراك أنها قد فشلت. إنها معطاءة وتريد من يأخذ منها حتى تشعر بالرضا عن نفسها.

 

• النمط 3. لا تستخدم مقدم الفص الجبهي إلا بشكل بسيط، ولا تعرف من هي لا ترى الصورة الكبرى للأمور. تصدم عندما تعرف أن زوجها سيتركها لأنه سيتزوج بأعز صديقاتها. يضربها زوجها، والسبب أنها كانت تبتسم وهي تتحدث مع زميلها في العمل. كل ما عليها فعله ألا تبتسم لأي رجل، وستمضي الأمور معه في سلام. يمكن أن تكون جميلة ولطيفة وذكية أحيانا، ولكن ليس لديها الحس السليم أو الذوق العام ولا تدرك الصورة الكبرى للأمور. كما يعوزها الانتباه والتيقظ بشكل ما، كثيرون أفنوا حياتهم في محاولة مساعدتها طوال طريق حياتها، وقد تكون أنت التالي.

 

ولا تظهر سمكة القاع بوضوح کامرأة سيئة الطبع، بل تبدو العكس تماما. ولكنها ستستنزف طاقة وموارد من يحاولون مساعدتها. سيظل هؤلاء يطرقون على باب عقلها، ولكنهم لن يجدوا أحدا. فالأنوار موقدة، ولكن لا أحد بالداخل. العقل شيء لا ينبغي أن يفقد، فذلك أمر مريع، ولكنها لم تحدد موضع عقلها بعد. إنها ضحية. قد تكون أنيقة في ملابسها، وجميلة، وضحية ذكية ذات كثير من الإمكانيات الكامنة، ولكنها رغم ذلك ضحية. فإذا أراد شخص ما أن يساعدها، فربما ينبغي عليه أن يقرأ "النمط 3" مرة ثانية. وإذا أراد أن يفر معها ويبعدها عن كل هذا، فربما عليه أن يقرأ "النمط 3" مرة ثانية أيضاً.

لا، لا يجب عليه أن يقترب منها بشدة. يمكنه أن يكون صديقها إذا رغب في ذلك، ولكن لا ينبغي أن يأمل آمالاً عريضة في أنها في يوم ما ستتطور إلى حد التنوير. ولا ينبغي أن ينقذها بأن يتزوجها أو أن يأخذها بعيدا على حصانه الأبيض. أعرف أن الأمر مغر؛ فهي تبدو على وشك التغير إلى الأفضل، ودفعة بسيطة منه قد تساعدها، وفي هذه الحالة ستكون شاكرة لجميله مدى الحياة لأنه ساعدها على التطور والتنور، لا، ينبغي أن يعيش حياته هو. إنه يعاني من مشكلة تتعلق بتقديره لذاته، وعليه أن يبحث عن امرأة لا يضطر لإصلاحها. ما الأمر؟ أيظن أنه لا يستحق؟ إذا كان يعتقد أنه ليس إنساناً جيداً بالقدر الكافي، فعليه أن يذهب لمعالج نفسي، لا أن يفني حياته معها.

 

وإذا استطاع أن يأخذها بعيداً عن كل ذلك، فبعد عشرين عاماً من الآن سيجدها تقريباً كما هي، وسيجد علامات بجميع مناطق جسده تذكره بكل مرة وقف فيها في طريقها، وسينتهي به الحال ممتعضاً منها، ولكنه لا يستطيع إلقاء اللوم عليها لأنها لا تعرف أفضل من ذلك. إن كل ما فعله هو أنه قد رافقها في حياتها وتحملها وأفنى حياته معها.

 

سمكة السطح (السطحية)

 

في البداية قد تبدو مبهجة وجذابة ومسلية ومثيرة للإعجاب وفاتنة. ملابسها أحدث وأفضل الملابس، تعامل الرجل وكأنها تعرفه منذ سنوات، قد يشعر أنه قد أحبها وارتبط بها بسرعة، فهي جذابة للغاية. تبدو وكأنها تحبه فورا. قد يشعر أنه يستطيع استغلالها إذا أراد ذلك فعلا، فهي ساذجة إلى حد ما. وتحب اهتمامه بها.

وبعد أن يعرفها، يجد أن مشاعرها ليست عميقة وقد تتغير بسرعة. وهي تحب أن تكون مركز الاهتمام، فإذا لم يعطها کامل اهتمامه، فستحصل عليه من مكان آخر. تراعي جداً مظهرها الخارجي. وهي امرأة تعبث بالحب، وكثيرة المطالب، ويمكن أن تكون قاسية القلب، قد تعاني مشكلة فيما يتعلق بالإنفاق والطعام. وهي لا تتعاطف مع الآخرين إلا بطريقة مصطنعة ودرامية.

لا تعتقد أن الآخرين يستحقون ما ينالونه من اهتمام أو ثروة أو شهرة أو تقدير. تشعر بالفعل أنها غير كفء، ولكنها تخفي هذا الشعور بتوهم أنها تستحق أكثر من ذلك، وكذلك بالشعور المبالغ فيه بالذات. تشعر فعلاً بعدم الأمان والضعف وتعوض هذه المشاعر بالمبالغة وتعظيم نفسها أمام الآخرين. تبحث عن الزوج المثالي وذلك لتؤكد مكانتها، وهي تحافظ عليه بالفعل عندما تجده وتتوقع أن يعمل وفق رغباتها. تريد أشياء ليست في حوزتها، وتحاول أن تخلف انطباعاً قوياً لدى الأشخاص الذين لا تعجب بهم.

 

إذا بدأ نجمه يأفل أو لم يعطها الاهتمام الذي تحتاجه، تبحث عن شخص آخر ذي مكانة ومستعد لإعطائها الاهتمام الذي تشعر أنها تستحقه. تحب أن يساندها بالشكل الذي تؤمن أنها تستحقه (وهذا قد يكون في موارد غير محدودة واهتمام لا ينتهي). وهذا أمر مرهق له (معنوياً ومادياً). قد تصبح محسنة وخيرة بأمواله وتبعثرها عن آخرها، ثم قد تهاجمه بعد ذلك وتتركه لأنه بوضوح لم يكن ثريا كما قال لها. لابد أنه خدعها. فتقول لنفسها يا له من شخص فاشل. على أي حال، لا يمكن أن يكون هذا الرجل هو رفيق روحها، فقد حان الوقت لتبحث عن شخص يقدرها أكثر منه. وعندما يفلس، قد تدعي بشكل درامي بعض التعاطف معه، وهي تقدمه لزوجها الجديد (الأكثر نجاحاً).

 

قد تستمر الأمور هكذا حتى تنهار (إذا حدث ذلك أصلا). تحتاج لحدث مؤثر في حياتها ليغيرها (حادثة تهدد حياتها، أو فقد شخص عزيز لديها). لن توجد فرصة لتغييرها إلا إذا سقطت وانهارت، فعندئذ تكون عرضة للخزي والإهانة. قد تستحوذ عليها محاولة الحصول على التعاطف (الذي كانت بخيلة جدا في تقديمه). قد تشعر باحتقار نفسها لأنها فشلت في تأمين الرفاهية التي أرادتها لنفسها، وتشعر بالإساءة من أقل تلميح نقدي عنها من الآخرين. لقد تحولت مشاعر الإثارة التي كانت لديها إلى فراغ وخواء.

 

وعند هذه المرحلة، لا ينبغي أن يحاول أن يعيد إليها إحساسها بذاتها، بل ينبغي بدلا من ذلك أن يكتشف سماتها الحقيقية ويقدرها بسبب تلك السمات. تفكيرها غير سوي لأنها ظلت تحاول أن تغطي عيوبها بالمظهر الحسن والتوقعات العظيمة من نفسها ومن الآخرين. وعند هذه المرحلة الحساسة، تحتاج لأن تعرف أن الآخرين يمكن أن يقدروها لذاتها الحقيقية (ما تحت المظهر الخادع). من هنا بدأت مشكلتها في المقام الأول. إن هناك بعض الظروف التي أدت بها لأن تعتقد أن حقيقتها أقل أهمية مما تمتلكه. والأرجح أنها نشأت في أسرة مفككة حيث كانت قيمة الشخص ليست في ذاته ولكن في الظروف السطحية المحيطة به. ومن هنا نشأت بداخلها مشاعر عدم الأمان وعدم الكفاءة، مما جعلها تظل تحاول بشكل مضن ملء هذه الفجوات بالنجاح والإنجاز والمظهر الحسن. وذلك أيضاً قد يكون سبب معاناتها من الشراهة في الطعام والإنفاق. إنها تحاول أن تملأ الفراغ الذي تشعر به، ولكن ذلك يحدث بشكل مؤقت فقط. وهي نرجسية جداً، وذلك لأنها لم تستطع أبدا أن تحظى بالحب غير المتحفظ من أسرتها.

 

وهي ليست شيطاناً، ولكنها فقط تعاني خللا في شخصيتها. ولكن عليه أن يحترس، فقد تؤذيه بغض النظر عن كم الحب الذي يعطيه لها واهتمامه بها. لا ينبغي أن يلقي بنفسه على قضبان قطار حياتها. ويحتمل أن يكون هناك بالفعل على تلك القضبان أشخاص آخرون حاولوا مساعدتها. وقد تكون متكبرة لدرجة تجعلها لا تقبل المساعدة ولا تعترف أبدأ أنها بحاجة إليها.

 

وقد تهتم بحضور الندوات والمحاضرات التي تتناول المشكلات الأسرية. وقد تفيدها فكرة العلاج في مجموعات، وكذلك الاستشارة الفردية من معالج نفسي يكون ملما بمشكلاتها ونجح من قبل في مساعدة حالات مماثلة لها.

 

ما الذي يمكن أن تفعله للتعامل معها بنجاح؟ أن ترعاها وتهتم بها، ولكن بشرط ألا تكافئها على ذاتها المتضخمة أو غرورها أو شعورها بالأهمية والاستحقاق.