وضح قيمك الشخصية
إن نقطة البداية للوصول إلى مستوى أعلى من الثقة بالنفس والمجد الشخصي هي: أولاً، أن توضح قيمك لنفسك، فالأمر يعود إليك في أن تحدد لنفسك القيم التي تؤمن بها. فما القيم التي تتبناها؟ والمهم، ما القيم التي ترفضها؟ والأهم ما الأفكار التي تعتنقها، والتي أنت مستعد لأن تضحي من أجلها؟ وما المبادئ التي أنت مستعد لأن تنفق المال أو الجهد... أو أن تموت في سبيلها؟
هل تقدر عائلتك؟ قيمك الروحية؟ صحتك؟ عملك ومهنتك؟ هل تقدر مبادئ مثل الحرية، أو التحرر، أو التعاطف مع الأقل حظا، أو توقير الحياة؟ هل تؤمن بالصدق والحقيقة، والإخلاص، والعمل الشاق والنجاح؟ أدا ما كانت مبادئك، فكر فيها بإمعان، واكتبها أمامك.
من الشخص الأكثر إعجابا به؟
من التدريبات المفيدة لك أن تفكر في الرجال والنساء الذين تكن لهم إعجابا، سواء أكانوا أحياء أم أمواتاً. ما الصفات أو السمات التي يتميزون بها، وتعتقد أنها الأهم؟ إذا استطعت أن تكون واحداً منهم، فأي الصفات التي يتمتعون بها وترغب في امتلاكها أكثر من غيرها؟
عندما تنظر حولك إلى الأشخاص الذين يعجبونك، أي صفات يملكونها تظن أنها الأهم؟ ما السمات التي تبحث عنها في أصدقائك وشركائك، عندما تحاول أن تقرر ما إذا كنت ستعتنقها؟ وما الصفات والقيم الأساسية التي تعتقد أن العلاقات المهنية والشخصية تبنى عليها؟ ما قيمك ؟
القيم غير قابلة للتفاوض
عندما تختار قيمة، لتصبح إحدى قيمك، فإن الصفة التي تمثلها هذه القيمة ستصبح راسخة لا يمكن تغييرها. وبشكل عام، إن القيم إما أن تكون ثابتة تعيش كل يوم من حياتك في اتساق معها، وإما قيمة لا تتبناها؛ فليس من الممكن أن تلتزم بقيمة ما، عندما تكون ملائمة لك، ثم تتركها عندما تتغير الحال، وتصبح غير ملائمة؛ لا يمكن أن تتحلى بالقليل من الاستقامة والاتساق؛ فإما أن تؤمن بالقيمة، وإما أن تتركها.
إن اختيارك مبادئك هو كذلك الإعلان بوضوح لنفسك، وأحيانا للآخرين، عن الطريقة التي ستعيش بها حياتك من الآن فصاعدا؛ وبمجرد أن تختار قيمة، وتوضح أنها صارت واحدا من المبادئ التي ترسم شخصيتك، تعلن أنها شيء لا يمكنك المقايضة به. وسيعد مدى التزامك بتلك المبادئ التي تختارها بنفسك المقياس الحقيقي لشخصيتك وجوهرك كإنسان.
والثقة الراسخة بالنفس تأتي من الالتزام الراسخ بقيمك؛ وعندما تدرك في قرارة نفسك أنه من المستحيل أن تخل بتلك المبادئ، سوف تمر بشعور عميق من القوة الشخصية يؤهلك لتتعامل بصدق وبحرية وبثقة كاملة بالنفس في
كل موقف تتعرض له تقريباً.
توضيح المبادئ
إذا كنت تواجه صعوبة في توضيح مبادئك، فهناك تمرين مفيد، وهو أن تأخذ بعض الوقت وتكتب فيه نعيك أو خطاب رثائك، وتتخيل أن كل من تعرفهم ويهتمون بك مجتمعون في جنازتك ليودعوك الوداع الأخير- وبينما يتلو أحد أصدقائك خطاب الرثاء أمام هذا الجمع من الناس، واصفاً فيه شخصيتك التي تشكلت على مدار حياتك، وهو لا يصف إنجازاتك التي حققتها ومساهمتك في حياة الآخرين فقط، لكنه يقرأ الفضائل والقيم والصفات التي كنت معروفا بها أيضاً.
إن نعيك قد يصبح مرآة لك، لكي ترى فيها نوع الإنسان الذي تريد أن تكون عليه، الصفات التي تتمني أن تتحلى بها . وبشكل عام، لا يوجد شخص كامل، وكلنا أمامنا طريق طويل لنقطعه، حتى نتمكن من أن نعيش حياتنا وفقاً لأعلى
قيمنا، ولكن تمرين كتابة نعيك سوف يترك تأثيرا قوياً في كل شيء تفعله بعد  ذلك. وسواء أكان بوعي أم في اللاوعي، سوف تنجذب إلى عيش الحياة والتصرف فيها، مثل الشخص الذي تحدثت عنه في شهادتك الأخيرة عن نفسك، وهي نعيك الذي كتبته.
نظم قيمك
لا ينتهي الأمر بمجرد أن تختار مبادئك؛ إذ يجب عليك أن تنظم قيمك حسب الأولوية؛ وتحدد القيم الأكثر أهمية، ثم القيم الأقل أهمية؛ فإذا كتبت كل قيمة لديك على ورقة صغيرة مربعة، ثم كان عليك أن ترمي كل الورق ما عدا واحدة؛ فأي ورقة ستختار؟ هذه الورقة هي أهم قيمة لديك، وتعلو فوق كل القيم الأخرى-
ثم ما القيمة الثانية من حيث الأهمية؟ والثالثة والرابعة وهكذا ... إن ترتيب الأولوية مهم للغاية لتحديد أي إنسان ستكون عليه، ونوع الحياة التي ستعيشها .
وأغلب الناس يرتبون أولوياتهم كما يلي: في المرتبة الأولي علاقتهم بالله، وفي الثانية العائلة، وفي الثالثة الصحة، وفي الرابعة المهنة، وربما يأتي النجاح في المرتبة الخامسة، وأنا شخص أرتب أولوياتي بهذه الطريقة، وعند احتدام الأمور، أختار دائما القيمة ذات الترتيب الأعلى في الأولويات على القيمة ذات  الترتيب الأقل.
ترتيب القيم يرغمك على الاختيار
إذا كانت العائلة تأتي قبل صحتك أو عملك، فإنك دائماً ما ستضحي بصحتك وعملك من أجل أسرتك؛ وإذا تغير ترتيب الأولويات، وجاء عملك ونجاحك المادي قبل صحتك، فإنك سوف تضحي بصحتك إذا كان ذلك ضرورياً للتقدم في عملك.
لقد قابلت أصحاب أعمال يضعون المهنة قبل العائلة في ترتيب الأولويات؛ ولو وصل الأمر إلى الاختيار، لاختاروا ديوماً العمل على حساب قضاء وقت مع زوجاتهم وأولادهم. ونتيجة لذلك دخلت حياتهم الزوجية والمهنية في مشكلات
خطيرة.
إن اختيار أولوياتك، ثم ترتيبها وفق الأهمية يخلق في الواقع هيكلاً عاطفياً وذهنيا؛ ما سيمكنك من اتخاذ قرارات واختيارات أفضل في كل جوانب حياتك.
إعادة النظر في الاستقامة
يبدو مبدأ الاستقامة أو الالتزام بقيمك قانوناً كونياً؛ فكلما جازفت أو تهاونت في استقامتك واتساقك في التعامل مع أي شيء، كانت هناك قوة قصاص كبيرة لن تسمح لك بأن تفلت بفعلتك.
كذلك فإن الاستقامة تبدو أنها شرط مطلق للأفراد الناجحين، ويبدو أن الفشل في الالتزام بالاستقامة أو الاتساق، أو المقايضة بقيمك، لا يتسبب لك فقط في عقاب يلائم الجريمة سواء أكان هذا في العمل، أم السياسة، أم الحياة
الشخصية، ولكنه فوق ذلك يخلق مستوى عالياً من التوتر والحزن، والاضطراب الداخلي في حياة الفرد.
إن الحاجة إلى الاستقامة المطلقة تتطلب أن تعيش في صدق مع كل الناس وتحت كل الظروف، بمعنى أنك لا تعيش أبدا حياة من الكذب، ولا تتنازل عن استقامتك في سبيل وظيفة، أو نقود، أو علاقة، كما أنها تعني أنك دائنا ما تقول وتفعل ما تؤمن بأنه الحق والصواب بصرف النظر عن الثمن أو المنفعة على المدى القصير.
والعيش بصدق يعني أنك لا تتظاهر، أو تضلل نفسك؛ حيث تواجه الحياة وعلاقاتك وظروفك مثلما هي تماماً، وليس كما تتمناها أن تكون, فالعيش بصدق يعني ألا تستمر في موقف يجعلك حزيناً، أو تشعر بأنه لا يناسبك.