أخذ الأمور على محمل شخصي

 إذن أي امرأة في موقف السلطة سوف تصرخ في وجه ماري، ستوجه لها اللكمات. إنه ليس أمراً شخصياً، فماري ستوجه اللكمات لأي امرأة تراها رمزاً للسلطة وتعنفها وتصرخ في وجهها، لا أقول إن على من تتعرض للاعتداء الاستسلام ولعب دور الضحية، ولكن لماذا تضيف للموقف عبئاً إضافياً وهو الاعتقاد أنه أمر شخصي، بينما هو ليس كذلك فعلاً؟ إنه لأمر سيئ أن يتعرض أحد للضرب حتى يفقد الوعي، ولكن إذا أخذ المسألة على محمل شخصي، فإن ذلك سيضيف المزيد من الشحنة النفسية. كما أنني لا أعني أن على هذا الشخص أن يتعامل مع الموقف بشكل موضوعي، وسواء كانت ماري قادرة على التحكم في نفسها في هذا الموقف أو لا، فهي لا تزال مسئولة عن تصرفاتها. فلا شيء يتحسن إلا عندما تتحمل مسئولية تصرفاتها، وتقوم بشيء ما حيال تلك التصرفات. ولكن شيئا لن يتحسن أيضا بمجرد لومها على ما فعلت

 

لماذا نأخذ الأمور بشكل شخصي؟ عندما كنا أطفالاً، كنا نعتقد أن كل شيء في الكون يتعلق بنا. فالأطفال يتصفون بالأنانية، ولكن الله يخلق في الأطفال جمالاً ولطفاً يجعلهم لا يتعرضون للضرب من الكبار في كل المواقف. تذكر دائماً أن الأمر، في معظم الأوقات، لا يتعلق بك شخصياً.

 

في إحدى المرات، كنت أقيّم بعض الفتيات في سن المراهقة، وعندما جاء الدور على الفتاة التالية، فتحت الباب ونظرت إلي وتجمدت مكانها. بدا الجزء الإنساني فيها خائفاً ومذعوراً، بينما كان الجزء العقلاني عندها يفكر في شيء ما. قلت لها: هل أذكرك بشخص ما؟".

 

قالت: "نعم، ولكنني لا أريد أن أتحدث عن هذا الأمر". قلت لها: "حسناً، هل ستشعرين بارتياح إذا تركنا الباب مفتوحاً؟"، فقالت: "نعم". جلست ثم قالت: "لا أريد أن أتكلم في هذا، ولكنك تشبه جارنا الذي اغتصبني وأنا في الصف الثالث الابتدائي". ثم عرفت منها أنه كان قد قبض على ذلك الشخص وأودع في السجن، بينما اشتهر عنها أنها "الفتاة المغتصبة".

 

هل كان ينبغي أن أتعامل مع رد فعلها تجاهي بصورة شخصية؟ لا، وإذا كنت قد فعلت ذلك، لما استطعنا أن نصل إلى شيء، ولكنني لم آخذ المسألة بشكل شخصي، وكذلك لم أتجاهل الأمر. أبديت اهتماماً ولاحظت أنها حساسة تجاه شيء ما. كان من الممكن أن أقول لها: "ما خطبك؟، ادخلي واجلسي". لو كنت فعلت ذلك لاختلفت الأمور كلية. وأنا متأكد من تصوري هذا، فقد كان من المقرر أن تخرج من عندي لتذهب إلى غرفة الطبيب المجاورة لغرفتي. كان شخصاً فظاً، ومشغولاً جداً، وفوق ذلك، فقد كان يشبهني. كان رد فعلها تجاهه مثلما فعلت معي تماماً، وقال لها: "اجلسي وأغلقي الباب". ثم انتهى الأمر بأنها مزقت ثيابها وجرت من الغرفة مسرعة وهي تصرخ: "اغتصبني! اغتصبني!". كنا جميعا نعرف أنه لم يفعل أي شيء، ولكنه كان محرجة من الموقف للغاية. لا وقت لدينا لنضيعه مع أصحاب الشخصيات المترددة أو المضطربة أو الغريبة. ولكن ذلك ما يحدث، أحيانا نقضي مزيدا من الوقت في التعامل مع بعض الناس بينما لا يكون لدينا وقت لذلك. فالناس يأخذون ذلك بشكل شخصي، عندما نتجاهل مشكلاتهم.

 

بحر الحياة

تبعاً لنصيحة إحدى الصديقات، قمت بتصنيف أنماط السلوك بالطرق التالية، بناءً على فكرة أن الحياة هي بحر واسع، وذلك لتحديد أنماط الاتجاهات والسلوك. سيمكنك ذلك من رؤية الصورة الكبرى وأنت في موقع القيادة.