الألفة

قد ترى المرأة أنها لا ترغب في أن تكون "أمه" , ولذلك ترفض الاعتراف بتأثيرها على تقديره لذاته. ولكن لو كان الأمر كذلك، ما تزوجت المرأة الرجل في الأساس لما سيكون عليه، معتقداً أنها سوف تجعل منه إنساناً أفضل. وهناك فرق كبير بين تقدير الذات والأنانية. وقد تكون طريقة المرأة في مساندة الرجل هي تغذية هذه الأنانية وتضخيم ذاته، ولكن ليس هذا بالطريقة الصحيحة. أما الاعتراف بصفات الرجل الإيجابية فيعتبر أمر جيد للاعتراف به وقبوله، فهذا القبول يعترف بتقديره لذاته، وذلك يخلق الألفة والتقارب. ومن نفس المنطلق، فالرجل الذي يسترضي مشاعر المرأة لا يفيدها بذلك، رغم أن هذه هي طريقته في مساندتها ومناصرتها. بينما الرجل الذي يعترف بمشاعرها ويعرف شخصيتها الحقيقية يخلق الألفة والتقارب بينهما. الألفة إذن تختلف عند الرجل عنها في المرأة. الألفة هي أن يستمع الرجل لمشاعرها بينما تستمع هي لآماله وأحلامه. فالألفة بالنسبة للرجل تكون عندما تساعده زوجته في غسل السيارة، وعندما تشاهد معه مباريات كرة القدم وتطلب البيتزا من الخارج. وبالعكس، الألفة بالنسبة للمرأة هي عندما يقضي الرجل وقتاً معها ويستمع فقط لا تخبره به، دون أن يتدخل لإصلاح أي شي، ودون أن يأخذ رد فعل دفاعياً لما تقول. لا أعني بذلك أن كل الرجال يحبون مباريات كرة القدم أو أن كل النساء يحبين الكلام فحسب. أتمنى أن تكون أدركت ما أقوله فيما يتعلق بخلق الألفة والتقارب في العلاقة. إن الألفة هي عندما تبدي

 

ما يكفي من الاهتمام لمعرفة الطرف الآخر، ثم تقدم ما يرغب فيه أو يحتاجه أكثر من أي شيء آخر.

وإذا استمرت إساءة فهم "متلازمة إكس واي" لسنوات، فستقوض الزواج. فبالبقاء في هذه المتلازمة، يعتقد الرجل أن كل ما يقوم به مهما كان لن يرقی التقدير زوجته أبداً، وأنه لن يعجبها أبداً، سوف يشعر دائماً أنه شخص غير کفء، في عينيها، ويؤمن أنها لا تتقبله كما هو، إنها لا تفهمه، وإلا لما ظنت أنه مجرد قطعة خردة. وهو يراها غير راضية ومتذمرة وأن رأيها فيه أقل كثيراً من حقيقته، ويعتقد أنها ترجع دوافع متدنية لما يفعله. وفي النهاية، يقلع عن الناحية العاطفية، وينصرف ليحمي تقديره لذاته من أن تخطو فوقه، وعندما يستعيد تقديره لذاته التي كانت تصونه، يأخذ معه ما كان بينهما من ألفة وعواطف، فيطلقها أو ينفصل عنها عاطفياً، حتى لو ظل مقيماً في نفس المنزل.

 

وعند هذه النقطة، تشعر المرأة عادة أن شيئاً ما قد تغير بينهما، وتطلب منه أن يلتمسا المشورة من شخص متخصص. لقد بذلت جهداً كبيراً من أجل إنجاح زواجهما ولكنها لا تفهم ما الذي حدث. وبدوره، يشعر هو أيضاً أنه بذل جهداً كبيراً في العلاقة محاولاً إصلاح الأمور ومحاولاً إرضاءها عن طريق محاولته أن يفعل ما تريده، وعند هذه النقطة، يشعر بخيبة الأمل، لأن الأمر يبدو كما لو أنه فشل في أن يكون في الصورة التي تريدها. وخلال هذه الفترة، قد ينجذب لامرأة أخرى يبدو أنها تحبه كما هو، ولكن الحقيقة هي أنها أيضاً ترى ما يمكن أن يكون عليه، وستتكرر المتلازمة كاملة مرة ثانية، مخلفة زوجة سابقة منهكة عاطفياً وشاعرة بالاستياء، وكذلك أسرة بدون أب.

 

ولا يمكن إثبات أي من ذلك عملياً إلا بإجراء بحث عام. على المرء انتهاج أسلوب فينومينولوجي أو يتعلق بالظواهر فقط، ويعكس خبرات ومفاهيم وآراء الناس، وعليك أن تقرر ما إذا كان ذلك ينطبق عليك أم لا. العلم أمر حسي للغاية ولذلك يعتبر محدوداً، فالعلم يساعد فقط في الأمور التي يمكن قياسها. أما تقدير

الذات والحب والرعاية، فكلها أمور تنبع من الروح البشرية ولا يمكن قياسها. إن العلم شيء رائع، ولكنه شيء حسي، ولا يعبر عن الصورة الأكبر.

 

والأسلوب الفينومينولوجي الذي يتضمن العلم هو الذي يعبر عن الصورة الأكبر التي أكتب عنها. في هذا الكتاب، ستكون الصورة الأكبر في الشيء المهم الذي يجب أن تراه. أنت بحاجة إلى مقدم الفص الجبهي في المخ لكي تقوم بذلك. أتمنى أن تظل تستخدمه لنهاية هذا الكتاب فهو الجزء الذي يرى الصورة الأكبر إنه ذلك الجزء الذي يجعلك قادراً على تخيل النتائج التي تترتب على أفعالك. إنه مقعد القيادة في حياتك، ويحيط بك وأنت في هذا المكان نوافذ يمكنك أن تری من خلالها أين كنت وإلى أين تذهب.

 

دعني أذكرك ثانية. إنه لشيء جميل أن تفهم التفاصيل الشيقة لمتلازمة "إكس واي" التي تحدثنا عنها، ولكن الصورة الأكبر مهمة لأنها توضح كيف أن الزواج يمكن أن يتحطم بسبب مواقف سوء الفهم التي تهلك الألفة والرابطة الموجودة بين الأزواج. إذا رأيت الصورة الأكبر، فأنا على ثقة من أن معرفتك هذه سوف تقضي على المشكلات من جذورها، وهو أمر نرغب فيه جميعاً.