كان إياكوكا واحداً فحسب من كثير عرفوا الأهمية الكبيرة للإنصات     في العمل. وكشفت دراسة حديثة أجريت على مدراء الشركات الموجودة في قائمة فورشن 500 أن "سوء الإنصات كان من أهم المشاكل التي واجهتهم"

(هانت وكوسيلا، 1983 ، ص 399 ). لكن هذا الفهم ظاهرة حديثة إلى حد ما. لسنوات عديدة كان معظم الناس يعتقدون أن التواصل الجيد في العمل والمنزل يعني في المقام الأول "التحدث الفعال" و"الكتابة الواضحة".

   وقد ذُهل الناس بالدراسات التي أشارت إلى أننا نقضي أقل من       نصف وقت تواصلنا في القراءة، والكتابة، والتحدث، و50-55 في المائة من وقت تواصلنا في الإنصات (نيكولاس وستيفنز، 1957، ص 6-10):

 أشارت اختبارات الاستدعاء أن الأشخاص يتذكرون إلى حد نموذجي حوالي 25 في المائة من المعلومات التي يسمعونها. هذا يعني أنه في معظم الأوقات، يضيع ثلاثة أرباع ما يقال . وهذا الرقم ينطبق على المحتوى المعلوماتي فحسب؛ في الكثير من الحالات ، يضيع تقريباً 100 في المائة من المحتوى العاطفي أو المشاعر التي تكون كامنة في كل تعليق أو سؤال.

    اجتمعت مجموعة من المدراء التنفيذيين لعدد من كبرى شركات     الطيران وكانوا يتناقشون في الندرة الواضحة للشباب القادرين على تحمل    المسئوليات الكبيرة في شركاتهم. وقد اتفقوا على أنه لا يوجد نقص في

كيف تحل الخلافات من خلال الإنصات؟

الرجال ذوي الذكاء العالي، الذين يعرفون تفاصيل الأعمال، والذين لديهم أفكار جيدة. كانت مشكلتهم تتلخص في إيجاد رجال يمكنهم أن يثقوا بهم، رجال لا يثرثرون كثيراً. إن الثرثرة تُفشي أسرار العمل، وتعترض طريق الصفقات. الإنصات ليس قيماً فحسب، إنه أكثر أمناً أيضاً.

   في كتاب ليرد وليرد (1954، ص 46) توجد قصة ممثلة صهباء شهيرة فوتت على نفسها فرصة لزواج رائع بسبب أنها لم تنصت. ذهب الشاب   الذي أراد التقدم لخطبتها - الذي أصبح الآن نحاتاً رائعاً - معها في رحلة خلوية. كان هدفه الأساسي هو الخصوصية، حيث أعد كل شيء لعرض الزواج عليها. لكن الصهباء لم يكن في رأسها سوى فكرة واحدة. لقد     "اعتلت منصة الحديث" طوال فترة بعد الظهر، وظلت تتحدث وتتحدث.     في الحقيقة، لم ينل الشاب الفرصة ليعرض عليها الزواج. وبعد الاستماع لحديثها الفردي، بدأ في التساؤل عن مدى حكمة الزواج منها.

      وقد كتب مؤلفا الكتاب: "وقد عاشا في سعادة بعد ذلك، ولكن ليس معاً".

الالتزام نحو الإنصات

علق زيلكوودانس (1965، ص 19)

لقد كانت المنافسة" دائماً ذات أهمية كبيرة في تحقيق أهداف العمل. في التحليل النهائي، هدف العمل هو بيع بضائع أكثر أو تقديم خدمات أفضل من المنافسين وتحقيق ربح. إن نظامنا الاقتصادي مبني على الحاجة للربح لكي يتم توظيف عدد أكثر من

الإنصات: قوام الحياة في العلاقات

الناس، ودفع أجور أعلى، وتوفير مؤسسات وظروف عمل أفضل وأكثر فعالية، ودفع أرباح عالية لحاملي الأسهم، وزيادة المساهمة في التنمية الاجتماعية والقومية (زيلكوودانس، 1965، ص 19).

     لقد حان الوقت لندرك أن مهارات الإنصات الأفضل هي جزء       متمم ويجب أن تكون كذلك، لتحقيق هذه الأهداف. داخل المنظمة        تعني فعالية أكبر للعمليات، وخارج المنظمة تعني صورة عامة         أفضل. وواحد من أهم التطورات التي حدثت في السنوات الماضية          هو اكتشاف العلاقة الوثيقة بين الإنصات الجيد وعلاقات العملاء      العامة.

     إن سوء الفهم وعدم الثقة الناتجين عن فقد التواصل الفعال يعتبران     من أكبر المشكلات التي يواجهها العمل الحديث الآن (فيليبس 1955، ص 1). إن انتباه العديد من الشركات منصب حالياً على مهمة تطوير التواصل. إنه لمن البديهي أن الإنصات الفعال جزء مهم من عملية التواصل.

       إذا كنت تؤمن بالقيمة المتأصلة في البشر، يتبع هذا أن كل فرد لديه ما يستحق القول. ومن خلال هذه الفلسفة الخاصة بالحياة، يصبح من   السهل أن تقطع التزاماً بالإنصات للآخرين