تجنب المعوقات الأربعة

 

 

معظم ما نتدرب عليه ونتعلمه لا يدوم. وهذا راجع لعدم الالتزام. نحضر دروساً ومحاضرات وندوات، ونعاهد أنفسنا على أن نغير حياتنا. نتعهد بأننا سنصبح آباء أفضل، وقادة أكثر فعالية، وأشخاصاً أكثر حكمة وتعقلاً. وبعد يومين، تعود الأمور إلى سابق عهدها، فنتصرف بسلبية، ونمثل دور الضحية، ونداوم على الشكوى والتذمر. لم ينجح التعلم. لأننا لم نتغير.

 

لا أحد يريد الفشل. ولهذا يتجنب

معظمنا حتى المحاولة.

 

وبعد أن قمت بمساعدة مئات الألوف من الناس على إجراء تغييرات دائمة في حياتهم، ومئات الألوف من الشركات في كل أنحاء العالم على النجاح في مجالات عملها، توصلت إلى تحديد أربعة أسباب رئيسية وراء مقاومة الناس للتغيير، ورفضهم أخذ الخطوات اللازمة للارتقاء بحياتهم المهنية والخاصة، حتى عندما تتاح لهم الفرصة لعمل ذلك. ومع إدراك أكبر لهذه العوامل الأربعة والتي أطلق عليها المعوقات الأربعة ـ يمكنك أن تتخذ قرارات أفضل. وعندما تتخذ قرارات أفضل، فمن المؤكد أنك ستحصل على نتائج أفضل. فكرة مهمة: القيادة الشخصية تبدأ بالإدراك الذاتي، لأنك لا تستطيع تحسين نقطة ضعف أو التغلب على مشكلة لا تعرفها حتی. بعبارة أخرى، بمجرد أن تعرف أفضل، يمكنك أن تؤدي أفضل.

وفيما يلي المعوقات الأربعة التي تمنعنا من إجراء التغييرات التي نرغب في إجرائها:

الخوف: يخشى الناس مغادرة أرض للعلوم الآمنة والمغامرة بدخول أرض المجهول. فالبشر يتوقون للمؤكد والمضمون، حتى لو قيلهم ذلك. معظمنا لا يحب تجربة شيء جديد؛ لأن القيام بذلك بسبب الضيق والانزعاج. الأساس هنا هو أن تعالج خوفك بأن تفعل نفس الشيء الذي يخيفك. وتلك أفضل طريقة نقهر بها خوفك. افعل ذلك إلى أن ينتهي هذا الخوف. إن المخاوف التي تهرب منها تجري وراءك، والمخاوف التي لا تملكها وتحتويها سوف تملكك وتحتويك. ولكن وراء كل جبار من الخوف يوجد کنز ثمين.

الفشل: لا أحد يريد الفشل. ولهذا يتجنب معظمنا حتى المحاولة. شيء مؤسف. نحن حتى لا نقوم بتلك الخطوة الأولى لتحسين صحتنا أو لتعميق علاقاتنا في العمل أو لتحقيق حلم لنا. وفي رأيي، الفشل الوحيد في الحياة هو الفشل في المحاولة. وأنا من المؤمنين بشدة بأن أسوأ مخاطرة يمكن أن تقدم عليها هي ألا تخاطر على الإطلاق. قم بتلك الخطوة الصغيرة، وبسرعة. وقد قال نجم كرة السلة مايكل جوردن ذات مرة: "لم أعرف الخوف أبداً، ولم أخش الفشل أبية. ولو أخطأت في رمية من الرميات، فما المشكلة؟". إن الفشل مجرد جانب رئيسي من إدراك النجاح. ولا يمكن أن يكون هناك نجاح بدون فشل.

النسيان: بالطبع نغادر قاعة المحاضرات بعد حضور ورشة عمل تحفيزية ملهمة، تجعلنا على استعداد لتغير العالم. ولكن بعد ذلك نذهب إلى العمل في اليوم التالي، ويفرض الواقع نفسه كما كان. زملاء نمو طباع صعبة نضطر للتعامل معهم. وعملاء غير سعداء نضطر لإرضائهم. ورؤساء كثيرو الطلبات نضطر لاسترضائهم. وموردون غير متعاونين ـ ولا وقت هناك للوفاء بما أخذناه على أنفسنا من تعهدات من أجل القيادة الشخصية والمهنية. ولهذا ننسى كل ذلك. إليك هنه الركيزة الأساسية للنجاح: اجعل التزاماتك حاضرة في ذهنك دائماً، وعلى قمة الأشياء التي تتذكرها. زد من إدراكك ووعيك بها. فالإدراك الأفضل معناه قرارات أفضل. والقرارات الأفضل معناها نتائج أفضل. اجعل وعودك الذاتية نصب عينيك دائماً. لا تنسوا. قم بكتابتها على بطاقة ۳ × 5 بوصات، وألصقها على مرآة الحمام، واقرأها كل صباح. تبدو فكرة سخيفة، ولكنها تؤتي نتائج جيدة. (يجب أن تری مرآة حمامي). أكثر من التحدث عن هذه الوعود (فستصبح ما تتحدث عنه). واكتب عنها كل صباح في دفتر يومياتك.

انعدام الثقة: كثيرون من الناس يفتقرون إلى الثقة. ويتسمون بالتشاؤم، ولسان حالهم يقول: "لا فائدة من عملية التدريب على القيادة والتطور الشخصي"، أو "أصبحت أكبر سناً من أن أتغير". والتشاؤم ينبع من الإحباط وخيبة الأمل. ولكن الأشخاص الذين يتسمون بالتشاؤم وانعدام الثقة لم يكونوا على هذه الحال دائماً. لقد كانوا في يوم من الأيام مفعمين بالأمل. ولكنهم حاولوا وربما تعرضوا للفشل. وبدلاً من البقاء في اللعبة، مُدرکین أن الفشل هو الطريق السريع للنجاح، انغلقوا على أنفسهم، وتبنوا موقفاُ متشائماً. وهذا التشاؤم هو وسيلتهم لتجنب التعرض للإيذاء النفسي والفشل مرة ثانية.

حسناً، هذه هي المعوقات الأربعة التي تجعلنا نقاوم التحول والتغيير، ونرفض إظهار القيادة الحقيقية في حياتنا. حاول أن تتفهم هذه المعوقات الأربعة وتستوعبها جيداً، وستتمكن من معالجتها والتغلب عليها. لأن الإدراك يسبق النجاح. وفي مقدور الأشخاص العاديين أن يصيغوا لأنفسهم حياة غير عادية. وهذا يحدث أمامي طوال الوقت. تستطيع بكل تأكيد أن تصل إلى العظمة. ثق بي. ولكن عليك أن تبدأ. وكيف ستعرف إذا لم تحاول حتی؟