الثقافة ملك

 

في برنامج للتدريب على القيادة قمت بعقده مؤخراً لمجموعة من المديرين، جاءني رجل حسن المظهر في فترة الراحة وتحدث معي قائلاً: " يعجبني ما قلته عن حاجة كل منا إلى إرساء ثقافة القيادة داخل مؤسساتنا. ففي شركتنا، من أهم أولوياتنا هي العمل على إرساء ثقافتنا. فنحن نتحدث عنها طوال الوقت. وفي العام الماضي، حققت شركتنا نموا بنسبة 600٪ إن تركيزنا على بناء الثقافة قد حقق نجاحا مذهلاً". شيء مؤثر.

وكما اقترحت عليك سابقاً، من أقوى ميزاتك التنافسية إرساء ثقافة القيادة داخل شركتك. وعندما يستعين العملاء بشركة شارما لیدرشب إنترناشيونال من أجل التطوير التنظيمي وتدريب الموظفين، فإن من أهم الجوانب التي نركز عليها هو تطوير ثقافة الشركة؛ وهذا لأن الثقافة هي التي توجه الأداء بشكل عام. يستطيع منافسوك تقليد منتجاتك إذا كانت جيدة. ويستطيعون تقليد خدماتك. ويستطيعون تقليد علامتك التجارية. ولكنهم لن يتمكنوا أبداً من تقليد ثقافتك. وثقافتك هي ما يعطي مؤسستك تميزها. وثقافة مؤسستك هي التي تضع ثم بعد ذلك توجه ـ معايير السلوك. وهي ما تخبر موظفيك بما هو مقبول، وبما هو مهم. وتخبرهم أيضاً بقيم مؤسستك (على سبيل المثال، الأمانة، الابتكار، التحسن المستمر، إثارة إعجاب العملاء، التعاون، الإخلاص، إلخ). ثقافة مؤسستك هي التي تحدد فلسفتها ومبادئها وقيمها. وبالنسبة لي، الثقافة ملك.

 

من أقوى ميزاتك التنافسية

إرساء ما أطلق عليه ثقافة القيادة

داخل شركتك.

 

وفيما يلي أفضل خمس طرق لبناء ثقافة الشركة:

الطقوس. تعجبني الثقافة التي تتضمن "طقوساً" خاصة. فأفضل الشركات، مثل دیل وجوجل وساوتویست ایرلاینز وأبل ووول-مارت، لديها جميعاً عادات أشبه بالطقوس، والتي منها على سبيل المثال، اجتماع فريق العمل في السابعة صباحاً كل يوم، أو إقامة حفل لتناول البيتزا بعد ظهر يوم الجمعة، وذلك من أجل تعزيز روح الترابط بين أفراد الفريق. إن الطقوس تشكل الثقافة، وتحافظ على تميزها.

الاحتفال. جون أبل، مؤسس شركة بوسطن ساینتفك، وهي شركة رأس مالها عدة بلايين من الدولارات، أخبرني ذات مرة على العشاء قائلاً: "سوف تحصل على ما تحتفل به". فكرة قوية. عندما ترى شخصاً يطبق القيم التي تدافع عنها ثقافتك، فاجعل منه بطلاً عاماً. فالسلوك الذي تتم مكافأته، يتم تكراره. ارصد الموظفين الذين يحسنون الأداء، وكافئهم على ذلك.

المحادثة. موظفوك هم نتاج ما تتحدث عنه. وحتى تجعل رؤاك وقيمك تتغلغل في صميم موظفيك، تحتاج أن تتحدث عن هذه الأشياء باستمرار. على سبيل المثال، في أماكن تجمعات الموظفين، في اجتماعاتك الأسبوعية، وفي اجتماعاتك اليومية، وعند مبرد الماء. أنت بحاجة إلى أن تروج باستمرار لما تدافع عنه. وفي كتابه الرائع Winning، ذکر جاك ویلش أنه قضى وقتاً طويلاً جداً في الترويج لمهمة شركة جنرال إلكتريك ونشرها بين الموظفين، لدرجة أنه كان بوسعه استدعاؤهم في الساعة الثالثة صباحاً ويستطيعون وهم شبه نيام ترديدها. (وهو لم يفعل ذلك أبداً بالطبع).

التدريب. تطوير الموظفين هو حجر الأساس في عملية إرساء ثقافة الشركة. وما دمت تسلم بأن الموظفين هم المقوم رقم واحد في نجاح المؤسسة، فمن المنطقي إذن أن تستثمر في تطويرهم بالقدر الكافي. اعقد لهم ندوات وورش عمل عن القيادة، وذلك حتى تغرس في قلوبهم وعقولهم القيم التي تسعى لتعزيزها ودعمها، وحتى ترسي بداخلهم ثقافة القيادة. وعندما يتحسن موظفوك، سوف تتحسن شركتك.

نقل القصص. الشركات العظيمة لديها ثقافات تدعم نقل القصص العظيمة من جيل إلى جيل. قصة تأسيس الشركة في بدروم إحدى البنايات، أو قصة واحدة من أفراد الفريق ساعدت عميلة حتى وضعت طفلها، أو قصة كفاح الشركة ونهوضها من عثرتها بعد أن كانت على شفا كارثة. إن تناقل القصص يغرس في قلوب موظفي الشركة مثلها العليا.

إن الموظفين يرغبون في الذهاب إلى عملهم كل يوم وهم يشعرون بأنهم جزء من کیان أكبر. فحاجة الإنسان للشعور بالانتماء هي واحدة من أعمق حاجاته النفسية. كما أننا نرغب في العمل داخل مؤسسة تقدرنا، وتشجع نمونا وتطورنا الشخصي، وتجعلنا نشعر بأننا نساهم من أجل تحقيق حلم معين. اعمل على تحقيق كل ذلك بخلق ثقافة القيادة داخل الشركة، وسيمكنك الاحتفاظ بأكفأ موظفيك، واجتذاب غيرهم من الأكفاء. أليس ذلك شيئاً رائعاً؟