حول سير الراحلين

      ومعنى الحياة

 

أصبحت في الواحدة والأربعين من عمري. ومعنى هذا أنني قد بلغت منتصف الطريق. فعلى فرض أنني سأعيش حتى أصل إلى الثمانين (وهي فرضية مبالغ فيها؛ حيث إنني قد تعلمت أن الشيء الوحيد الذي يمكنك توقعه في الحياة هو الشيء غير المتوقع)، فهذا يعني أنه لم يبق لي إلا نصف الطريق، وأنني قد وصلت إلى منتصف الرحلة والمغامرة التي تعرف بالحياة. وقد أصبحت في هذه الأيام أكثر ميلاً لفلسفة الأشياء. وأقل استعدادًا لهدر وقتي. وللاستماع إلى الأشخاص السلبيين. ولفقد أي فرصة لأصبح شخصاً محباً وعطوفاً، أو لأقترب أكثر من تحقيق أحلامي، أو لأحظى ببعض المتعة الحقيقية. كما بدأت أيضاً أقرأ سير الراحلين.

عندما أقرأ عن الحياة التي عاشها الآخرون، تصلني دلائل وإشارات عن أهم ما في الحياة. وقد اكتشفت أن سير الراحلين ممن عاشوا حياة مثمرة حافلة تقدم لنا جميعها نفس الأفكار والمعاني الأسرة. الصداقات. الإسهام للمجتمع. الحاجة إلى خوض مخاطرات محسوبة. العطف والرقة من خلال التصرفات الصغيرة البسيطة. والحب. إنني لم أقرأ حتى الآن نعياً يقول: "مات بسلام وهو نائم، وحوله المحامي وسمسار البورصة والمحاسب". لا. إن النعي يقول دائماً إن الفقيد قد مات وحوله محبوه، ويشير إلى الأثر العظيم الذي خلفه الفقيد في العالم الذي يحيط به.

وحتى تحيا حياة جميلة، أقترح عليك أنك بحاجة إلى أن تسأل نفسك نوعية الأسئلة التي ستحفزك على التفكير بعمق، والتركيز على أكثر الأشياء أهمية. إحدى السمات الغالبة في الكثير من الأشخاص المميزين الذين تعاملت معهم كمدرب على النجاح هي الحرص على التفكير والتأمل أكثر مما يحرص معظم الناس على ذلك. لذا اسأل نفسك أسئلة عميقة. إن الأسئلة الجيدة تؤدي إلى إجابات ممتازة وإلى قدر أكبر من الوضوح. وهذا الوضوح هو جوهر النجاح الحقيقي والعظمة الشخصية.

 

لم أقرأ حتى الآن نعياً

يقول: "مات بسلام وهو نائم،

وحوله المحامي وسمسار البورصة

والمحاسب".

 

وفيما يلي خمسة أسئلة مهمة أتمنى أن تجعلك تفكر بعمق، وأن تجعلك أكثر إدراكاً للأشياء المهمة في حياتك بحق. إن أغلب الناس لا يكتشفون كيف يعيشون الحياة إلا عندما يحين وقت موتهم. ولكن عندها يكون قد فات الأوان. اسأل نفسك هذه الأسئلة الخمسة اليوم. واكتب إجاباتك في دفتر يومياتك. تحدث عنها. وفكر فيها. تخيل أن اليوم هو آخر أيام حياتك، وأنك ترقد على فراش موتك. ثم اسأل نفسك:

هل حلمت أحلام خصبة؟

هل عشت حياتي كما ينبغي؟

هل تعلمت أن أعفو وأسامح؟

هل أحببت من صميم قلبي؟

هل عشت حياتي متواضعاً، وتركت في الحياة أثراً ملحوظاً؟

آمل أن الإجابات التي ستتوصل إليها سوف تساعدك على أن تحيا بصدق وشغف وبهجة أكثر. إن الوضوح يسبق النجاح بكل تأكيد. فأنت لا تستطيع أن تصيب هدف لا تراه حتى. وعندما تفكر في الأمر، فستكتشف حقيقة أننا لا نعيش في هذه الحياة طويلاً، وأننا جميعاً سوف نصبح تراباً في غمضة عين. ولذا عليك أن تطلق كل طاقاتك الآن. وهناك حكمة صينية تعبر عن هذه الفكرة جيدة: "أفضل وقت لزراعة شجرة كان منذ ۲۰ سنة. ولكن الوقت الأفضل الثاني هو اليوم