رانظر من خلال عيون الإدراك

 

من الحقائق المؤسفة أن كثيراً من الناس يبحثون عن أسوأ ما في الآخرين. فهم يرونهم من خلال عيون غضبهم ومخاوفهم وقيودهم. إذا وصل أحد إلى الاجتماع متأخرة مثلاً، فسيلصقون به صفة سلبية، ويقولون عنه "إنه غاية في الوقاحة". وإذا ارتكب أحد خطأ في تقرير للنفقات، فسيرددون أن: "هذا شخص غير أمين". وإذا أخطأ أحد في توصيل معلومة ما، فسيقولون عنه في الخفاء إنه "شخص كاذب". ولكن القادة الحقيقيين يختلفون عن ذلك. فهم يبحثون عن أفضل ما في الناس. وقد عبر جاك ويلش، الرئيس التنفيذي السابق لشركة جنرال إلكتريك، عن هذا المعنى جيداً بقوله: "مهمتك الأخطر هي تنمية وتطوير موظفيك، ومنحهم الفرصة لتحقيق أحلامهم"

أرجو أن أكون واضحاً. فأنا لا أقترح أن على القادة تجنب الحقائق الواقعة. لا، مطلقاً. فمن واجبهم اتخاذ القرارات الصعبة عندما تدعو الحاجة. وقد أشرت في فصل سابق إلى أن أفضل القادة لا يهمهم أن يحبهم الناس، بقدر ما يهمهم فعل ما تخبرهم ضمائرهم بأنه الصواب. وما أقوله في الحقيقة هو أن أفضل القادة يرون من خلال عيون الإدراك. فلو تأخر أحد مثلاً، يحاولون الوصول إلى الحقيقة. ربما تكون لديه مشكلة في إدارة وقته يحتاج إلى تعلم التعامل معها، أو ربما يكون لديه طفل مريض يتعين عليه الاعتناء به. والخطأ في تقرير النفقات قد يكون نتيجة لتطبيق عمليات سيئة في الحساب. أو لأن هذا الموظف لديه مشكلة في التنظيم. والخطأ في توصيل المعلومات ربما يرجع إلى ضعف هذا الشخص في مهارات التواصل، وهذا الاكتشاف يمثل فرصة لتطوير وتحسين هذه المهارات.

بدءاً من اليوم، بدلاً من البحث عن أسوأ ما في الناس، فإنني أشجعك على أن تبحث عن أفضل ما فيهم. بالطبع هناك من لا يراعون حقوق ومشاعر الآخرين، ومن يتعاملون مع الناس بدون صدق أو شفقة. ولكن من خلال تجربتي بالنظر إلى أنني قد تعاملت مع عدد كبير من الناس على مدار السنين ـ يمكنني القول بأن معظم الناس طيبون. قليلون من الناس هم من يستيقظون من نومهم في الصباح ويسألون أنفسهم: "ما الذي يمكنني فعله اليوم لكي أفسد يوم شخص آخر أو أقلل من مصداقيتي أو أدمر عملی؟". إن معظم الأخطاء التي يرتكبها الناس تكون نتيجة لنقص الإدراك. معظمهم لا يملكون المعرفة الكافية، ولذا توقف عن أخذ الأمور على محمل شخصي.

قليلون من الناس هم من يستيقظون من نومهم في الصباح ويسألون أنفسهم: "ما الذي يمكنني فعله اليوم لكي أفسد يوم شخص آخر أو أقلل من مصداقيتي أو أدمر عملي؟".

وهذا هو المردود الذي سيعود عليك: عندما تبحث عن الخير في الناس، فلن يرغبوا في أن يظهروا لك أفضل ما فيهم فحسب، ولكنك سترى خيرة أكثر في عالمك أنت.