استمع ضعف ما تتكلم

 

أمي امرأة غاية في الحكمة. فعندما كنت طفلاً، كنت أحب الكلام (ولازلت). وفي المدرسة، كان أدائي دائماً جيداً من الناحية الأكاديمية، غير أن التقارير التي كانت تكتب عني لم تكن تقصر أبداً في الإشارة إلى شغفي لاستخدام أحبالي الصوتية بنشاط وقوة، وبصورة شبه دائمة. وفي أحد الأيام، أجلستني أمي، وقالت: "روبين، إن الله قد خلق لك أذنين وفماً واحداً لسبب وجيه: حتى تسمع ضعف ما تتكلم". نقطة رائعة لازلت أعمل على الالتزام بها).

إن الإصغاء باهتمام إلى شخص ما هو إحدى أفضل الطرق التي أعرفها لإظهار الاحترام لهذا الشخص وتكوين صلة إنسانية عميقة معه. فعندما تصغي لشخص ما ـ ليس بعقلك فقط ولكن بكل كيانك فإن هذا يبعث له برسالة تقول: "إنني أقدر ما لديك لتقوله، كما أنني متواضع بما يكفي لكي أصغي إلى كلماتك ". والقليلون جداً منا هم من يحسنون الاستماع للآخرين بحق. أحياناً أجلس بجوار أحد الأشخاص في الطائرة، في رحلة ستستمر لست ساعات مثلاً، ويبدأ هذا الشخص في الكلام، ويظل يتكلم إلى أن تهبط الطائرة، بدون حتى أن يسألني عن اسمي أو موطني أو عملي أو الكتب التي قرأتها. ولا يخبرني هذا التصرف بأنهم يفتقرون فقط إلى ما يطلق عليه العلماء "رهافة الحس" القدرة على التقاط الإشارات من حولهم والانتباه لها)، ولكن بأنهم قد عانوا في طفولتهم من عدم الإصغاء إليهم بالشكل الكافي. إن فكرة معظم الناس عن الإصغاء هي مجرد الانتظار حتى ينتهي الطرف الآخر من الكلام قبل البدء في الإجابة عليه. والحقيقة المؤلمة هي أن معظم الناس يقضون الوقت الذي يتكلم فيه الطرف الآخر في تحضير إجاباتهم عليه والتدرب عليها.

 

الإصغاء باهتمام إلى شخص ما

هو إحدى أفضل الطرق التي أعرفها

الإظهار الاحترام لهذا الشخص وتكوين

صلة إنسانية عميقة معه.

وهناك عبارة تعجبني قالها إليوت سبایتزر، النائب العام بنيويورك: "لا تتكلم عندما يمكنك أن تومئ برأسك فقط". إن نجاحك كرجل أعمال، وكفرد في أسرتك. وكإنسان عموماً، سوف يتحسن تماماً، إذا نفذت هذه الشيحة بشكل صحيح: استمع ضعف ما تتكلم. كن مستمعاً من الطراز الأول. أظهر أحد. أما بالغاً بما يود الآخرون قوله لك. وراقب طريقة استجابتهم معك. سوف يغرمون بحبك. وبسرعة.