ما الذي تدعو إليه؟

عندما نصف شخصاً بأنه "صاحب قضية"، فنحن بذلك نشير إلى أنه قد وهب حياته الخدمة فكرة مهمة أو قضية عميقة، وجعل همه في الحياة الدفاع عن هذه الفكرة ونصرة هذه القضية ونشر رسالته بين الناس. إنه هذا الشخص الذي ينهمك بشدة في القيام بشيء مهم، لدرجة تجعل هذا الشيء شغله الشاغل، وكل ما يحلم به، ويتحدث عنه. هو إنسان يدرك في صميم كيانه وعقله ـ ما قصده د.مارتن لوثر كنج الابن عندما قال: "إذا لم تكتشف شيئاً أنت على استعداد للموت في سبيله، فأنت لا تستحق الحياة". وما أحوج هذا العالم المضطرب والمتقلب إلى أمثال هذا الشخص: أناس يقومون بأشياء عظيمة، ويسعدون البشرية، ويغيرون العالم بما لهم من أثر.

أين يذهب شغف معظم الناس بالعظمة؟ لقد كنا جميعاً نمتلك هذا الشغف ونحن صغار. أردنا أن نكون أبطالاً خارقين، ورواد الفضاء، وشعراء، ورسامين. أردنا أن نغير العالم، وأن نقف فوق قمم الجبال. ثم تقدم العمر بنا، وبدأت الحياة تضفي آثارها علينا. سخر البعض من أحلامنا، وعرفت الإحباطات طريقها إلينا، وبدأت الحياة تؤذينا وتؤلمنا، وبدأنا نصدق الدعاوى التي تقول إنه لا يجب علينا أن نفكر في أفكار ضخمة، أو أن نحاول الطموح عالية، أو أن نبالغ في الحب. إن التفكير في هذا الموضوع يفطر قلبي، ولكن هذا هو ما حدث بالضبط.

لقد قدر لك أن تكون عظيماً ومتألقاً. أؤمن بذلك أشد الإيمان. لقد وجدت في هذه الحياة كي تجد تلك القضية، تلك الغاية المهمة؛ وذلك المصير الذي سيأخذك إلى أعمق المستويات، ويجعلك ترتفع وتسمو، ويملأ قلبك شغفاً. قدر لك أن تجد شيئاً تدافع عنه بحياتك، شيئاً يستغرقك تماماً، شيئاً غاية في الجمال، وغاية في الأهمية، لدرجة تجعلك على استعداد للموت في سبيله. قد يعني هذا الشيء تطوير الموظفين في العمل ومساعدتهم على الوصول إلى أقصى طاقاتهم وإمكاناتهم. وربما يعني أن تكون مبدعاً ومجدداً بحيث تمثل قيمة هائلة لعملائك، وتخرج للعالم منتجات رائعة. وربما تتضمن قضيتك تحسين وتطوير المجتمع أو مساعدة المحتاجين. وقد قرأت مؤخراً عن محامِ ذكر أنه كان في إحدى المرات شديد التحمس لخدمة موكليه والدفاع عنهم إلى حد أنه لم يستسلم إلى أن نزفت عيناه. فهل هذا حماس مفرط؟ ربما. وهل يعتبر هذا الشخص "صاحب قضية "؟ بكل تأكيد.

 

أنت هنا لكي تجد تلك القضية

تلك الغاية المهمة، وذلك المصير الذي

سيأخذك إلى أعمق المستويات،

ويجعلك ترتفع وتسمو،

ويملأ قلبك شغفاً.

 

وأنا أعتبر نفسي "صاحب قضية". تحدث مع أي شخص يعرفني، وسيخبرك أن قضيتي هي مساعدة الناس على التحلي بروح القيادة مهما كان منصبهم، وعلى مساعدة المؤسسات على الوصول لمكانة متميزة في مجال عملها. من المؤكد أنني أصادف أوقاتاً أشعر فيها بالإحباط، كما تمر بي أحياناً أيام عصيبة، ولكن دلني على إنسان معصوم من ذلك. ولكنك ستجدني في معظم الأوقات مفعمة بالحماسة ومليئة بالطاقة ومبتهجاً

عند نشر رسالتي للناس. فهل أنا أكثر تميزاً منك؟ بالطبع لا. كل ما في الأمر أنني قد وجدت قضيتي.

لا أعرف ما هو أهم شيء يجب أن تفعله في الحياة، فاكتشاف هذا الأمر متروك لك من خلال التأمل والتفكير العميق، وتحليل مشاعرك، والبحث داخل ذاتك. ومن الأفكار الجيدة أن تسجل كل هذا في دفتر يومياتك). ولكن ما أعرفه يقيناً هو: عندما تجد القضية التي تكرس لها حياتك، فستقضي وقتك كل يوم وأنت تشعر بالشغف والحماسة. سيجافي النوم عينيك. وستكون على استعداد لأن تحرك الجبال من أجل نشر فكرتك والدفاع عن قضيتك. وستشعر بذلك الإحساس الداخلي بالرضا، والذي ربما تفتقد إليه حياتك الآن. وستنشر رسالتك لكل من يصغي إليك. ستصبح "صاحب قضية".