قيمة الفضيلة

 

بعد أن ألقيت خطاباً في شركة اتصالات کبری، جاءتني سيدة وقالت لي وعيناها مغرورقتان بالدموع: "لقد قرأت كتبك بكاملها، وأحاول ما استطعت أن أحيا نوع الحياة التي تكتب عنها. ولكنني أعرف رجلاً جسد رسالتك تجسيداً حياً، وقد فارق الحياة منذ أشهر قليلة. كان هذا الرجل والدي ". ثم توقفت عن الكلام، ونكست رأسها اللحظات قليلة، ثم أردفت قائلة: "لقد حضر جنازته خمسة آلاف شخص. كانت المدينة كلها هناك، وكم جعلني هذا أشعر بالفخر".

سألتها: "هل كان والدك رجل أعمال معروف؟"، فأجابت: "لا". "أكان سياسي شهير؟"، فقالت هامسة: "لا". "هل كان من الشخصيات المشهورة في محيط المدينة؟"، فردت: "لا، لم يكن أياً من هذا على الإطلاق". فلم أجد بداً من أن أسألها: "فلماذا إذن قد شهد جنازته ۵۰۰۰ شخص؟".

ساد صمت طويل قبل أن تجيب: "جاءوا لأنه كان بشوشاً لا تغيب عنه الابتسامة، وكان أول من يمد يد العون للمحتاجين، وما توقف يوماً عن معاملة الناس معاملة طيبة. كان تجسيداً للكياسة ودماثة الخلق، ومثلاً حياً للتواضع طيلة حياته. لقد جاء خمسة آلاف شخص إلى جنازته لأنه كان شخصاً فاضلاً".

فما الذي أصاب الفضيلة والطيبة؟ إن حلقات تليفزيون الواقع تظهر من السلوك الإنساني أسواه. وأصبحنا نرى من نجوم الموسيقى والغناء من يقسمون ويحلفون كل خمس ثوان. ونقرأ عن قادة الشركات الذين يملئون جيوبهم لشراء يخوت أكبر بينما يخسر حملة الأسهم مدخرات حياتهم. كم أعجبني فيلم Wall Street. ولكن جوردن جيكو قد أخطأ: إن الطمع ليس شيئاً طيباً. الفضيلة هي الشيء الطيب.

ويسخر بعض الناس من فكرة التحلي بالدماثة واللطف والنبل، وقد سمعت من يقول: "تلك علامة على الضعف". لا. إنها علامة على القوة. ولا يقدر أن يكون فاض؟ إلا من كان قوياً. ما أسهل أن تكون أنانياً، ولا تهتم إلا بنفسك. وما أسهل أن تغضب عندما يخالفك أحد في الرأي. وما أسهل أن تشكو أو تشجب أو تختار أيسر الطرق وأقلها وعورة. ولكن ما يحتاج إلى شجاعة هو أن تدافع عن شيء أسمى، وتتصرف بنبل أكثر، وتكرس حياتك لخدمة الآخرين. مثل نيلسون مانديلا. ومثل المهاتما غاندي. ومثل مارتن لوثر كنج. أولئك أبطالي. كم أتمنى امتلاك ربع فضيلتهم.

 

جوردن جيكو قد أخطأ: إن الطمع

ليس شيئا طيبة. الفضيلة هي

الشيء الطيب.

 

آسف لإسهابي، ولكن هذا الموضوع مهم جداً لي. سأكون أنا أول من يخبرك بأنني تفصلني عن المثالية مسافة بعيدة. فلست إلا إنسان عادياً. كل ما في الأمر أنني أحاول أن أبذل قصارى جهدي لأصبح إنساناً فاضلاً. وهذه الغاية تقد مضجعي. أريد أن أصل المستويات أسمى بكثير مما يمكن أن يتوقعه أحد مني. فهل أفعل الصواب دائماً؟ لا. وهل أحيا دائماً في حالة من الهدوء والسلام ولا يساورني الغضب؟ لا. وهل أطبق دائماً ما أدعو الناس إلى تطبيقه؟ لا. إنني أحاول أن أفعل ذلك كل يوم، ولكنني أزل أحياناً.

لا أقول إن معاملة الناس باحترام تعني ألا تنتظر منهم التمسك بمعايير سامية، وألا تتوقع منهم التميز. كما أنها لا تعني ألا تضع حدوداً، وتتصرف بقسوة وصرامة عندما تضطر لذلك. إن الغاية من القيادة ليست أن يحبك الجميع، ولكن أن تفعل الصواب، وتتحلى بالفضيلة.