حين أنهت ابنتي دراستها في المرحلة الثانوية وذهبت إلى الجامعة اختارت الذهاب إلى جامعة مانشستر، وأذكر أننى ذهبت معها لزيارة الجامعة وكنت آمل أن تصرف النظر عنها، لكنها لم تفعل. ’لغد تربت في الريف، ولم يكن من السهل على رؤيتها تذهب للدراسة في المدينة _ بعيداً عن منزلها.

لم أخبرها بكل هذا، بل شجعتها على أن تفعل ما تظن أنه الخيار الأفضل لها، ويسعدني أننى فعلت هذا؛ لأنني كنت مخطئاً تماماً في رأيي هذا، ولقد استمتعت ابنتي بحياتها الجامعية تماماً.

من الغباء كذلك أن تظن أن كل اختيار سيقدم عليه ابنك سيكون خياراً حكيماً، بداية من الوظيفة التي يختارها أو اختيار شريكة حياته، وصولاً إلى الطريقة التي سيربى بها هو أبناءه. لكنه صار شخصاً بالغاً الآن٠ ومن المحتمل أن يكون محقاً في خياراته بنفس القدر الذي ستكون أنت محقاً به.

بل هناك احتمال أن يكون محقاً أكثر منك لأنه يعرف نفسه أكثر مما تعرفه أنت، وكما في المثال الذي ذكرته، عليك أن تحتفظ بأرائك لنفسك وتشجع أولادك في ما اختاروه: فسيبدو منظرك سخيفاً للغاية إذا ما اتضح أنك مخطئ.

في بعض الأحيان ستكون محقاً، لكن حتى إذا أقدم ولدك على خيار سيئ؛ فهذا سبب أدعى لأن تشجعه وتدعمه في خياره هذا. وإنا كنت تتبع القاعدتين ٩١و ٩٢ فلن تخبره أنك لا توافق على خياره. لذا يجدر بك أن تدعمه؛ فهذه هي حياته، وخياراته، وهذا ما اتفقنا عليه بالفعل، والخيار السليم هو أن تدعمه لا أن تنتقص من قدره بانتقاد خياراته.

 وهناك سبب آخر لدعم ولدك: فدعمك إياه يعفيك من الإغراء الشديد لأن تقول له: ” لقد أخبرتك بهذا مسبقاً " حين تسوء الأمور، وهو الأمر الذي يعد من أسوأ الأمور قاطبة كما آمل أن تعرف؛ ولا يمكن غفرانه مطلقاً تحت أي ظرف من الظروف.

إن دعمك لولدك يعفيك من الإغراء الشديد لأن تقول له: "لقد أخبرتك بهذا مسبقاً" حين تسوء الأمور.

بعض الأبناء سوف يستاءون للغاية إذا ما شعروا بانك لا تدعم خياراتهم، والبعض الآخر سيثورون ويقدمون على فعل ما لا تريده منهم إذا ما شعروا منك بأي ضغوط، وحتى إذا لم يتصرف ولدك بإحدى هاتين الصورتين المتطرفتين، فسيكون بحاجة إلى أن يعرف أنك تقف في موقف محايد، بل إنك تحتاج إلى أن تشجعه وتدعمه بكل ما أوتيت من قوة.

ماذا إذا كنت تعتقد حقاً أنه مخطئ؟ لا ضير في هذا - فمن المقبول أن يخطئ الإنسان أحياناً وأنت بهذا الدعم لا تشجع طفلك على اتخاذ قرار خاطئ، بل تشجعه على أن يقدم على فعل ما يراه هو صالحاً سواء كان هذا الأمر سليماً أم لا.