حسناً، لقد مررت لتوك بخلاف مع طفلك، وربما تكون قد أحسنت التعامل معه، وربما لم تفعل (فكلنا بشر)، إلا أنك تتبع أساليب التربية السليمة. لذا فمن غير المتوقع أن تكون قد أسأت التعامل بهذه الصورة. أما طفلك؛ فقد تصرف بصورة غير لائقة وقعت أنت بإرساله إلى حجرته.

ما الذي سيحدث بعد ذلك، هذه النقطة في غابة الأهمية لدرجة أنني أفردت لها قاعدة بذاتها؛ لأنني رأيت العديد من الآباء يسيئون التعامل معها. فمثلاً تجد الطفل وقد عاد إليك واقفاً عند السلم بادياً عليه الندم ويبدو كآنه يعتذر إليك بدون كلمات، إلا أنك تعيد الكرة وتواصل لومه على سوء أدبه.

وما يلي ذلك هو أن يبدأ الطفل في الدفاع عن نفسه، ثم تتجادلان، ومن ثم ترسله إلى حجرته مجدداً أو ربما تتوقف عن الحديث معه لفترة وتظهر العبوس في وجهه على الدوام.

في كلتا الحالتين، أنت لم تسمح للطفل بالهروب من ذلك الشعور السيئ الذي كان يحاول التخلص منه. لقد سمعت مرة أحد الآباء وهو يقول لطفله الذي اعتذر إليه تواً:" المهم ليس الاعتذار، بل عدم تكرار الخطأ مجدداً". هذا صحيح في حد ذاته، بيد أن هذا ليس الوقت الملائم لقوله، وبالطبع ظل الطفل المسكين شاعراً بأنه لا يزال مخطئاً ولم يسامحه والده، ورأيت وجهه وهو يقطب عابساً.

إن اهم شيء هو أن يعرف طفلك أنك لاتزال تحبه، كما أنه بحاجة إلى معرفة أن الاعتذار له فوائده وأن يعزم على تغيير سلوكه. فإذا ما ظللت على غضبك منه، فما الداعي للاعتذار لك إذن؟ لذا عندما ينتهي الخلاف، دع طفلك يعلم أنك تحبه وترحب بعودته إليك، وأعلمه أنك تقدر اعتذاره لك وقدرته على الاعتراف بأنه كان مسئولاً (ولو بجزء بسيط) عن الخلاف الذي وقع.

إن أهم شيء هو أن يعرف طفلك أنك لاتزال تحبه.

بالطبع قد تشعر برغبة في مناقشة الأمر مع ابنك -سواء كان سبب الخلاف ذاته أو الطريقة التي تعامل بها مع الخلاف -لكن لا تفعل هذا الآن بل أجله إلى وقت لاحق، بمجرد أن تتوطد صداقتكما من جديد. مع الأطفال الأكبر سناً قد تكتفي بالإشارة إلى أنكما بحاجة لمناقشة الأمر تفصيلياً لاحقاً، أو ربما تفضل أن تؤجل المناقشة إلى وقت مناسب -ربما وأنتما في السيارة معاً (حيث لن يمكن الفكاك منك وقتها) أو ربما عند موعد النوم، لكن إياك من إثارة الموضوع في حضور أي شخص لم يكن موجوداً في الموقف الأصلي-سواء من العائلة أو الأصدقاء أو الأخوة.

إذا كنت تعلم أنك واحد من هؤلاء، الذين يحبون أن يناقشوا موضوعات الخلاف بكل تدقيق، فقاوم إغراء العودة إلى الحديث موضوع الخلاف إلا إذا كان ذلك ضرورياً، خاصة مع المراهقين. معظم الأطفال يدركون جيداً حجم الخطأ الذي ارتكبوه، وتكرار مناقشة تصرفاتهم الخاطئة سيمثل مصدر إزعاج لهم؛ فالأمر ليس سهلاً عليهم، لذا لا تجعلهم يمرون به إلا إذا كان ذلك ضرورياً. بالطبع قد تحتاج إلى كل الموضوع الأساسي، لكن وفر ذلك إلى وقت تكون فيه بحالة أفضل.