على طفلك أن يتعلم كيفية اتخاذ القرارات بنفسه، والوصول إلى التسويات، والعمل كفرد ضمن فريق، وكيفية التفاوض، ولا توجد وسيلة تعليمية بها كل ذلك إلا المشاركة في اتخاذ القرارات السرية؛ فلابد أن تستشير أطفالك في كافة القرارات التي سوف تؤثر عليهم، تماماً كما ترغب أنت في أن يتم استشارتك في الأمور التي تؤثر عليك.

بالطبع، لن يتم استبعاد رأيك أنت، فهم بحاجة إلى معرفة أن هذا هو منزلك في الأساس، وهذه هي أموالك. وأن لديك حق الاعتراض على ما لا يروق لك، لكن هذا لن يحدث كثيراً؛ فلا يمكنك أن تترك العنان لأطفالك وشاق لرغباتهم في بناء ملحق لمنزلك ذي ثلاث غرف نوم لهم فقط لأن كلاً منهم يرغب في حجرة خامة للنوم والمذاكرة. لكنك تستطيع مع هذا استشارتهم في الكيفية التي ينبغي أن عليها ا المساحة المتاحة لتحقيق أقصى استفادة منها.

كلما كبر أطفالك احتاجوا للتدرب على عملية اتخاذ القرار، وأن تتم استشارتهم ومعاملتهم كأشخاص بالغين راشدين. لم لا يختارون بأنفسهم اللون الذي ستطلى به غرفة نومهم، خاصة إذا كانوا سيقومون بالدهان بأنفسهم؟

أذكر أن أحد أطفالي المراهقين كان يقوم بملء فراغ شق جدار حجرة نومه -وعند انتهائه كان قد ترك وراءه مساحة تمتد لست بوصات كانت منبعجة ناتئة. إنني لم ألم بتسويتها من أجله، بل تركتها كذكرى له على أول محاولة له لتزيين حجرته، ولقد ترك ولدي هذا المنزل منذ فترة لكن الشق لايزال موجوداً. ولقد صار الآن متمكناً في الدهان، وعمل الديكورات بنفسه، لكن هذا الشق يذكرني دوماً بأنك يجب أن تعطي الفرصة لطفلك لكي يبدأ من مكان ما[1].

خذ الإجازات العائلية على سبيل المثال، سيكون عليك إعداد الميزانية، لكن إذ ا كان أطفالك مراهقين. فيمكنهم الاتفاق على مكان للذهاب إليه، يمكن أن يكون لك حق الاعتراض إذا أصررت على هذا إلا أن هذا الحق سيكون متاحاً لهم كذلك.

والأمر لا يتعلق فقط بعملية اتخاذ القرار ذاتها، رغم أهميتها البالغة، فما يهم أيضاً هو أن يشعر أطفالك بأنهم مشتركون في شئون العائلة كلها. بما فيها الخيارات التي تؤثر على الجميع؛ لذا يمكن تطبيق نفس القاعدة عند إرساء القواعد كذلك. لقد اشترك كافة أعضاء الفريق القومي الإنجليزي للعبة الرجبي في عملية وضع القواعد التي من شأنها إنجاح مهمتهم، وبالفعل التزم الجميع بها لأنهم اشتركوا جميعاً في صياغاتها (أي صاروا جميعاً " يملكونها "، حسب مصطلح عالم الأصال الشهير).

من المهم أن يشعر أطفالك أنهم مشتركون في شئون العائلة كلها.

وبالطبع كلما تحينت الفرص لمعاملة أطفالك المراهقين كأنهم راشدون بالغون، صارت العلاقة بينكم أفضل، وزادت جرأتهم على التصرف كراشدين مسئولين -وهذا سوف يريح الجميع.

هوامش مرجعية:

[1]  لم يكن القصد من إبقائي على هذا الشق كله عاطفياً بل أبقته على هذه الصورة؛ حتى أغيظه به من حين لآخر.