المراهقون، لقد تعاملت معهم. ويا لها من مرحلة مفزعة! فعلى حين غرة يتحول ذلك الطفل الصغير اللطيف إلى شخص لا تكاد تعرفه، متجهم، صعب المراس في أفضل الأحوال، أو وحش قادم من الجحيم على أسوأ حال.

لذا. فالقاعدة الأولى هي: لا تفزع! فهذا هو الحال الطبيعي، وأنت لست الوالد الوحيد الذي يمر بهذا الأمر-فأغلبنا يمر به. في القليل من الحالات تمر تلك المرحلة دون متاعب، لكن إذا كان لديك أكثر من طفل، فمن العسير أن تتمكن من اجتياز تلك المرحلة معهم جميعاً بدون متاعب، وربما يكون هذا أمراً غير صحي كذلك.

لقد عادت المراحل العسيرة الأولى وهذه المرة بصورة أكبر وأكثر إثارة للذعر.

هل تذكر المراحل العسيرة الأولى في تنشئة الطفل؟ حسناً لقد عادت -وهذه المرة بصورة أكبر وأكثر إثارة للذعر. لقد كانت المشكلة مع طفلك وهو صغير هي أنه بدأ يدرك أنه ليس جزءاً منك، وأنه صار يختبر ما حوله من قيود وحدود، محاولاً التعرف على ما يمكنه وما لا يمكنه فعله؛ حيث إنه صار ذا عقل مستقل الآن. المراهقون ما هم إلا صورة مكبرة من هذا. فطفلك مقدم

على مرحلة سيكون له فيها أطوب حياة مميز خاص به ولابد أن يشكله بنفسه، وهذه هي المرحلة التي يتحرر فيها طفلك، وعادة ما يختلف طفلك المراهق معك بشأن القدر الذي يبتعد به عنك.

أضف إلى هذا تدفق الهرمونات والتقلبات والاضطرابات التي يؤثر بعضها على الوظائف العقلية ومهارات التواصل لديهم (تفقد الأبحاث المنشورة على الإنترنت إذ ا لم تكن تصدقني)، لا عجب إذن من أن هذا سيسبب لك بعض الضيق.

إنني أعرف أطفالاً تمكنوا من اجتياز مرحلة المراهقة بكل متاعبها وهم في سن السادسة عشرة أو السابعة عشرة، وآخرين لم يجتازوها إلا وهم في أوائل العشرينات من عمرهم، إلا أن جميعهم يجتاز تلك المرحلة بصورة أو بأخرى. وبصفة عامة، ستجد أن الأطفال الذين كانوا يستمتعون بطفولتهم وهم صغار، ربما لكونهم أطفال العائلة المدللين أو لأنهم أصغر إخوتهم ستجدهم يتأخرون في اجتياز تلك المرحلة عن أقرانهم الذين كانوا يتوقون لأن يكبروا منذ كانوا في الثانية من عمرهم. إلا أنه في النهاية سيجتاز الجميع تلك المرحلة وتكون لهم شخصياتهم المستقلة عنك.

إن لي صديقة ظنت أنها انتهت من هذه المرحلة مع ابنتها حين بلغت الثامنة عشرة، وكانت المرحلة هادئة دون أي مقلقات حتى الآن. ثم حدثت المفاجأة، وبعد ستة أشهر صارت مكتئبة صعبة المراس ومرت بكافة أعراض مرحلة المراهقة. ليس من الأمان أن تولدهم ظهرك ولو للحظة.

الطيب في الأمر هو أنه بمجرد اجتياز الأطفال لهذه المرحلة، سيعودون إلى شخصياتهم الطيبة التي تعرفها عنهم. سيتغيرون بالطبع_ فسيصيرون أكبر سناً وأكثر حكمة_ إلا أنهم سيملكون نفس القيم والمثٌل التي عملت لفترة طويلة على غرسها فيهم_ أنت فقط بحاجة إلى أن تبقى على إيمانك بهم وتتحمل الأمر لسنوات قليلة_ وسيكون كل شيء على ما يرام.