أبعد مخاوفك عن أطفالك !

إليك هذا السيناريو الذي قد يكون مألوفاً لديك -وأنا شخصياً مررت به عدة مرات. أنت واقف في. إحدى حدائق الحيوان -في قسم الزواحف تحديداً - وتقف عائلة بجوارك تشاهد ثعباناً جميل الشكل جلده عليه رسومات دقيقة وهو يتحرك بكل سلاسة على أحد الفروع وهنا تقول الأم[1] : "يا للبشاعة! إنه مربع الشكل!"، ويحدث نفس الشيء؛ عند بيت العناكب وبيت العقارب.

 لحسن الحظ فإن بعض الأطفال لديهم من التعقل ما يجعلهم يتجاهلون مثل هذا التعليق (ومعظم الأمهات لديهن من التعقل ما يمنعهن من قول مثل هذا التعليق من الأساس)، لكن في المقابل هناك أطفال سوف يأخذونه على أنه حقيقة، وفي الواقع فإن الكثير من الأطفال الذين تعلموا قول تعليق مثل "يا للبشاعة!" عند رؤية أي حيوان زاحف تعلموه لأن حولهم بالغين أغبياء بما يكفي قد قالوا شيئاً كهذا.

في الواقع، تلك المخلوقات جميلة بحق، ويجب تشجيع الأطفال على تقديرها٠ أو على الأقل نترك مسألة تكوين رأي سلبي نحوها ليحددوه بأنفسهم دون تشجيع منا عليه.

إن الأطفال يتأثرون بنا بقدر كبير، وإذا لم تلزم الحذر فقد تكبل أطفالك بقدر هائل من المخاوف، ويما أن الأطفال يتخيلون قدراً كبيراً من المخاوف بطبيعتهم، فهم ليسوا بحاجة لمخاوفك أيضاً، لذا فلتحتفظ بها لنفسك.

كانت إحدى الأمهات المتعقلات اللاتي أعرفهن تخاف بشدة من العناكب، تخافها إلى حد الرهاب. لكن لأنها لم تكن تريد أن تشعر ابنتها بمثل هذا الشعور فإنها كانت تعالج هذا الأمر بحكمة؛ فمثلا إذا كان هناك عنكبوت في حجرة نوم الابنة، فإن الأم تأتى بسرعة حاملة مكنسة يدوية لطرد هذا المخلوق وتطيح به من النافذة.

هذا الأمر قد يجعلها ترتعش في داخلها لكن الابنة الصغيرة لم تعلم شيئاً عن هذا مطلقاً؛ لأن الأم كانت حريصة على إخفاء هذا الأمر. إلا أنه في إحدى المرات وقع منها العنكبوت داخل الحجرة. ولما لم تكن قادرة على البحث عنه ثانية فقد تظاهرت بأنها ألقته خارج النافذة. ولم يتم اكتشاف الأمر إلا حين كانت الفتاة تسحب أغطية الفراش لتجد العنكبوت واقفاً يحدق فيها. يا للمأزق!

أنا لا أتحدث فقط عن العناكب أو الثعابين. بل أتحدث عن كل شيء آخر، مثل الخوف من التعرض للاختطاف مثلاً. بالطبع أنت ترغب في تنمية إحساس عال بالحذر لدى أطفالك لكن لا يعني هذا أن تخلق بداخلهم خوفاً مرضياً مبالغاً فيه، فهذا قد يحد من حياة الأطفال الاجتماعية بشكل كبير. كذلك،

ماذا عن الخوف من الفشل؟ إنني أعرف أحد الآباء الذي أقنع ابنه بعدم التقدم لاختبار القبول بالجامعة لأنهم سيتضايقون بشدة إن فشل في اجتيازه !

بما أن الأطفال يتخيلون قدراً كبيراً من المخاوف بطبيعتهم، فهم ليسوا بحاجة لمخاوفك أيضاً

إن إخفاء مثل تلك الأمور قد لا يكون سهلاً، كما أن أطفالك قد يلاحظون تلك الإشارات الخفية، لكن كلما بذلت مجهوداً الإخفاء مخاوفك الشخصية، نجحت في ذلك بصورة أكبر، وهذا يحرر أطفالك ويجعلهم يستمتعون بالحياة ويكتشفونها بأنفسهم وتكون لهم مخاوفهم الخاصة بهم دون أي معاهدة من جانبك.

هوامش مرجعية:

[1]  لقد فكرت كثيراً فيما كان يجدر بي قول هذا المثال خوفاً من اتهامي بالتحيز ضد المرأة، لكن الحقيقة هي أن مثل تلك التعليقات دائماً ما تقولها الأمهات.