المبالغة في الاعتناء بهم لن تُفيدهم مطلقاً

منذ ولادة طفلك وأنت تعلم أن أمامك ثماني عشرة سنة قبل تركه إياك. كم بقي لك منها الآن؟ لابد أن تعرف أنه بمجرد وصوله لسن الثامنة عشرة، سيكون عليه شق طريقه في الحياة بمفرده وهذا يعني أن عليه أن يعرف كيف يتسوق، يطبخ، ينظف وينظم مكتبه (إلى حد معين بالطبع)، وأن يغسل ما لابسه المتسخة، يدفع فواتيره، والبقاء بمنأى عن الديون وما إلى ذلك.

إنني أعرف بعض الآباء_ ودون تحيز أقول إن الأمهات هم دوماً من يفعلن ذلك؛ فهن يبالغن في العناية بأطفالهن وهم في الثامنة عشرة من عمرهم. والأبناء بالطبع لا يمانعون في ذلك. بل إنني أعرف شخصاً وصل إلى سن الخامسة والثلاثين ولا يزال يأخذ ما لابسه المتسخة لوالدته كي تغسلها له.

ولا أعني هنا أنه يفترض غسالة والدته، وهو ما يمكن تقبله، لكني أعني أنه يسلم ما لابسه المتسخة لوالدته ستركها كي تغسلها له، وهنا الخطأ مسئول عنه الطرفان.

إنك تقوم بحساب السنوات القليلة المتبقية على استقلالهم عنك.

إنك تقوم بحساب السنوات القليلة المتبقية على استقلالهم عنك. وإذا وصل طفلك إلى سن الثامنة عشرة ولم يستخدم من قبل ضالة الملابس. أو قام بطهي وجبة محترمة؛ فهل تظن أنك كنت عادلاً معه هكذا؟ إنه قد لا يدرك مقدار الضرر الذي ألحقته أنت به بهذا التدليل؛ لكنك تعلم جيداً، بصفتك والداً متعقلاً؛ أن المبالغة في تدليل الطفل لن تعده لمواجهة العالم.

أنت تعلم نقاط القوة والضعف في طفلك؛ لذا فكر فيما هو بحاجة إلى تعلمه؛ واحرص على أن يحدث هذا؛ فإذا كان لا يحسن التصرف في أمواله فعلمه كيف يقتصد، واجعله يقوم شراء مستلزمات الأسرة كلها لمدة أسبوع ملتزماً في ذلك بالميزانية الموضوعة، أو التزم بمقدار المال الذي ستسهم به في عملية تغييره لهاتفه الخلوي.

اجعل طفلك مسئولاً عن غسل ملابس الأسرة لمدة أسبوع (ربما تعفيه من المشاركة في شكل الأطباق خلال هذا الأسبوع كنوع من التعويض) وبهذا يتعلم كيف يستخدم الغسالة الكهربائية ويعلم كم المعاناة التي يستلزمها نشر الغسيل ثم جمعه وطيه لاحقاً. (ربما يجعله -هذا يتفكر لاحقاً قبل إلقاء القميص الذي لبسه مرة واحدة في سلة الغسيل).

ربما تعهد بمسئولية العناية بالمنزل كله إلى طفلك المراهق الأكبر سناً أثناء تغيبك بالخارج لبضعة أيام. أجل؛ إنني أعلم فيم تفكر. ونعم؛ سيكون عليك التفكير في دوافع قوية بحق بحيث لا تجعله يدعو كافة أصدقائه إلى المنزل وإقامة حفل به. ربما يجب أن تعلمه بأن أحد الجيران أو الأصدقاء سيراقبه أثناء ذلك.

يمكنك أن تخرج بالعديد من الأفكار المبتكرة لتعليمهم مهارات الحياة الأساسية، التي تكون ممتعة في الوقت ذاته لهم_ على الأقل حتى يزول ذلك الوهج المبدئي للفكرة؛ وبحلول هذا الوقت سيكونون قد تعلموا درساً أو اثنين.