القيادة من غير منصب رسمي

 

عندما أتوجه إلى إحدى المؤسسات للمساعدة في تدريب القادة وتطويرهم، كثيراً ما يطلب مني مساعدة الموظفين على فهم طبيعة القيادة. والقيادة لا علاقة لها بالمنصب الذي تشغله، أو بحجم مكتبك في العمل. ولا علاقة لها أيضاً بمقدار ما تكسبه من مال، أو بما ترتديه من ثياب. القيادة فلسفة. موقف. توجه عقلي. طريقة عمل. وهي متاحة لنا جميعاً. مهما كانت مهمتك أو طبيعة عملك داخل المؤسسة. وقد أوضح روبرت جوس، عميد كلية ستانفورد جرادیويت سكوول أف بيزنس، هذه الفكرة بطريقة رائعة بقوله:

القيادة في رأيي هي تحمل المسئولية المطلقة عن سلامة المؤسسة وازدهارها، والسعي لتغييرها للأفضل. القيادة الحقيقية ليست مسألة مقام أو نفوذ أو منزلة رفيعة. ولكنها مسألة تحمل المسئولية". والدعوة التي أقدمها لكل مجموعة من الموظفين أقوم بتدريبهم هي: عليكم بالقيادة من غير منصب رسمي.

وهذا مثال: أقضي جانباً كبيراً من حياتي مسافر بالطائرة، ولذلك فأنا أقسو على أمتعتي بشدة. وقد انكسر مقبض حقيبة سفري بعد رحلتي إلى روسيا (وأنصحك بأن تضع سانت بطرسبرج في قائمة الأماكن التي تجب زيارتها قبل موتك). المهم أخذت الحقيبة إلى محل إيفكس بتورونتو. قابلني الشاب الذي يستقبل العملاء مقابلة حسنة وعاملني بطريقة رائعة، وفي غضون أيام قليلة، تم إصلاح المقبض. رائع.

وبينما كنت في نيويورك بعد ذلك بفترة قصيرة، انكسر المقبض مرة ثانية. وافترضت أنني سأضطر لدفع تكلفة تصليحه مرة ثانية عندما أعيده إلى محل إيفكس. إن معظم الشركات تضع أمام عملائها الكثير من العقبات: إذا لم تكن قد احتفظت بوصل الاستلام، فلست سعيد الحظ. إذا لم تكن تعرف من قام بالتصليح في المرة الأولى، فلن نستطيع مساعدتك. وهكذا. حسناً. ولكن إيفكس يتعامل بطريقة مختلفة. لقد استعادوا المقبض لإصلاحه ببساطة. فهم يدركون أنهم إذا لم يحسنوا معاملة عملائهم، فلن يكتب لعملهم الاستمرار. إنهم لم ينسوا من يضع الطعام على مائدتهم كل ليلة. عامل عملاءك كما لو كانوا ملوكاً، ولن تصادف إلا النجاح.

عندما أوضحت أن المقبض قد كسر مرة ثانية، بادرت المرأة الشابة التي تستقبل العملاء بالاعتذار لی ـ بدون أن تتردد ولو للحظة ـ عن المشكلة التي واجهتها. ثم قالت لي بعد ذلك: "نعدك أن تتسلم حقيبتك بحالة جيدة تماماً بعد ثلاثة أيام. وبدون أي تكلفة بالطبع". بدون روتين أو تعقيدات، وبدون أن تطلب مني الوصل الذي تسلمت به الحقيبة بعد تصليحها في المرة السابقة. وبدون مشاحنات. وبدون مجادلات. مجرد خدمة رائعة، وبابتسامة واسعة.

"

القيادة الحقيقية ليست مسألة

مقام أو نفوذ أو منزلة رفيعة. ولكنها

مسألة تحمل المسئولية".

 

لقد أظهرت هذه المرأة القيادة الحقيقية. حددت المشكلة بسرعة، وتحملت المسئولية الشخصية، واتخذت القرار السليم. جعلت من نفسها جزءاً من الحل، لا جزءاً من المشكلة. وأدهشت عميلها في غضون ذلك. لم تكن صاحبة المحل. ولم تكن المشرفة. ولم تكن المديرة. مجرد قائدة من غير منصب رسمي